مابين السطور
رغم أن الإنسان العصري متشابك مع العالم بسبب سهولة التنقل وتوافر التكنولوجيا والعالم الرقمي؛ إلا أن الوحدة أصبحت وصمة مرض شائعة، وهناك من يسعى للوحدة بلهي عامل اساسي في شحد همته فكيف يتوافق هذا مع ما اتفق عليه ان الوحدة مرض!؟
نحن نعمل بشكل دؤوب على ملئ أوقاتنا فقط لتجنب مواجهة أنفسنا وحيدين، وهو شعور موشوم في كل نفس بشرية، يعتبر اعظم الناس أن أقسى ما قد يصل إليه الفرد هو الإقرار بالوحدة أن يرى كل الذين من حوله ثنائيات لا أحد يمكنه من بينهم أن يلغي وحدته، لكن ما لا يعلمه أن كل البشرية وحيدة، وكل فرد فيها وحيد لا أحد يملك رفيق حقيقي ولن يملك بقدر ما كان هذا الرفيق مثالي هو ناقص وانت وحيد للأبد،
في ناس تشتكي من الوحدة.. وبالنسبة لها شعور صعب التعايش معه.. وفي ناس مصاحبة للوحدة.. حيث اصبح شعور بيريحها وبيحسسها بالأمان..
ولا يعني إنه يحب وحدته إنه لا يحتاج للناس.. ولا إنه مستغني عن الحب.. هو ليس متطرف في القرب.. ولا بتواجده مع الناس إلا لما يشبع انفراد ووحدته مع نفسه أولاً، ياليت استطعت اوضح مابين السطور!
«ومن كثر ما تصاحب نفسك.. وعقلك يبقى ملاذك.. وقلبك يبقى كهفك.. بتبدأ غصب عنكتستصعب التواجد حوالين الناس.. بالذات لو تعبان.. يصبح مجهود وطاقة بتستنزفك.. لذا يكون وجودك حواليهم مرتبط بقدرتك على الانفراد والعزلة لمدة طويلة لوحدك.. فتشحن ذاتك لدرجة تخليك قوي وتتحمل..»
لما بتعرف نفسك أكثر.. وتعرف تحقق لها احتياجتها.. الناس بتبدأ تحسك أناني وغريب الطباع، الناس بطبيعتها بتستمد احتياجتها ”الأول“ من بعضها... وللأسف هذا سر انهيار النفوس والعلاقات.. فتلاقي كل واحد رامي نفسه في بحر التعامل وهو لا يعرف كيف يعوم.. وكل ما يلاقي حد عايم يمسك فيه عشان يعيش..
وهنا تكمن قدسية الوحدة، الأمر بسيط فقط تصالح مع هذا الوشم في روحك فلا وجود لعملية تزيله منها او تبقى على تخبطك وخوفك لك الخيار، أنا لا أدعوك للبقاء وحيدا واعتزال المجتمع بل انت خلقت لتعمر الأرض ولا عمار دون عمل ولا عمل مكتمل دون تعاون، كل ما في الأمر كن متصالحا مع الوحدة ستمر أوقات لا تجد فيها رفيق فكن رفيق نفسك.
الحرية بتسمح لك ترتشف معاني العلاقات اللي فعلا مهما جلست لوحدك لن تلاقيها.. لأجل ذلك مهما حبيت وحدتك.. عمرك ما تقدر تنعزل تماما عن احتياجاتك الاجتماعية..
الوحدة وتصالحك معها وفهمك لأهميتها تجعلك قادر تعيش في كل الأحوال.. بس وجود شريك بيتناغم مع نغمات التواجد والوحدة يجعل الحياة متكاملة بشكل رشيق... وكأنكحزت على كنز الحياة..
بات المجتمع يتشكل في صورة أفراد وهذه إحدى سمات المجتمع الحديث، حيث تختفي قيم التضامن الاجتماعي والمساحات المشتركة، وتظهر المسائل الشخصية، وتتضخم المساحات الخاصة، ويبحث الأفراد عن حالات الوحدة والتفرد.
فهل قدر الإنسان هو الوحدة؟!
واللي يحب الوحدة بيكون بطبيعته مختلف.. لمس داخله أمور من كثر احتكاكه بذاتها خرجت منه اهم مميزاته.. وجعلته متصالح مع عيوبه وبالتالي يستطيع ان يشدك جدا للتقرب له، لأنه مرتاح مع نفسه فمع الناس بيكون مريح.. وقادر يلمس مواطن إبداعه ومساهمته الحقيقية في حياة الناس باللي يقدر يأديه.... وللأسف هذا بيكون خارج السياق وخارج القالب المتواتر عليه الناس.. فما فيه احد يرى تميزه... وبيكتفوا إنهم يستعجبوا ويستنكروا... ولن يروا تميزه لكن يرونه على إنه ”غريب الاطوار“
ختامًا
الوحدة تعزز الاستقلالية والثقة في قدرة الفرد بنفسه على تجاوز الأمور دون الحاجة لأيدعم اجتماعي، فالهدوء الذي توفره الوحدة أيضا يحسن من السلوك الشخصي والعلاقات، لأنها تجربة تخلو من أي تفاعل اجتماعي، وأكثر التجارب المستمدة منها هي الابداع والنمو الروحي واكتشاف القيم والذات دون أي تدخل وإلهاء، وسط تركيز عال.
فهذه الوحدة التي يبحث عنها الفرد أحيانا وسط صخب الحياة اليومية، تلعب دوراكبيرا في الحفاظ على صحته العقلية والبدنية، وتحسن من قدراته على إدارة أموره الحياتية بعزم وتوازن أكبر.