آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 1:38 م

أدب السؤال

قال لها: هل تريدين شيئا على العشاء يا أمي؟

قالت: خبز

قال: أسمر أم قمح أبيض؟

قالت: قمح أبيض

قال: كبير أم صغير

قالت: صغير

قال: كثير أم قليل؟

قالت: قليل

قال: ثلاثة، أم أربعة، أم خمسة؟

قالت: خمسة

قال: كثير يا أمي علينا خمسة أرغفة من الخبز

قالت: أثقلت علي الأسئلة.. لا تأتي بشيء

لا يخفى على الجميع أن السؤال يعني طلب الحد الأدنى من الأعلى للإجابة على ما ورد في عقل السائل، وهو يطرح للحصول على المعلومة أو البيان الذي يقود إلى الإجابة الشافية التامة، عند استخدام أدواته كمن وما وماذا وهل ولماذا، وهو يختلف عن التساؤل الذي يتعلق بموضوع مفتوح، أو قضية غير منتهية، أو لتبادل مشكلة جزئية، أو كلية بحاجة للمزيد من البحث والدراسة والحوار.

لذا نجد من يسأل بسؤال أو تساؤل، عليه الالتزام بأدب ما يستخدمه إما سؤال أو تساؤل ضمن الحد الذي لا يخرج الطرف المسؤول - أي الموجه إليه السؤال - عن دائرة الراحة في تقديم الإجابة ويبدأ بالتضجر وأحيانا العصبية والرد بخشونة ورعونة وبدون لباقة تجعل السائل يندم على سؤاله له.

فيكفي إن سألت من أين لك هذا؟ أن تسمع الإجابة من المكان الفلاني أو ابتعته لنفسي أو اشتراه لي فلان، وهنا يقف حد السؤال وتقف الإجابة عند هذا الحد فإذا أردت المزيد من المعرفة عليك ببدء سؤال آخر، كأن تسأل ومتى حدث ذلك؟ لتأتيك الإجابة التي تريد وهكذا، وفي مثل هذه الحالة بأدب الحوار والسؤال معا إن عرفت أن تخرج الطرف الآخر برضا تام للإجابة عن أسئلتك كما تريد وإلا عليك باللجوء إلى التساؤل؛ فهو يضمن لك الاسترسال في الإجابات المقنعة التامة الشافية دون تكرار الأسئلة ودون ملل ”المجيب“

فلو سأل بتساؤل ”ألدينا يا أمي من الخبز الذي تفضلينه ما يكفينا على العشاء هذه الليلة؟“

لأتته الإجابة وافية كاملة تامة في سطر واحد أو بكلمة واحدة بالإيجاب أو النفي وفي حالة النفي ستتبع الأم الإجابة بالطلب الذي تريده دون أن تكثر أنت الأسئلة عليها في شرح ما تريده"

علمتنا بعض وسائل التواصل الاجتماعي ك ”تويتر“ و”الواتساب“ الاقتضاب في الحديث وطرح السؤال وعدم الإسهاب فيهما وإن كان للواتساب الحظ الأكبر في التعبير باعتباره أصبح السامع الناطق عن الكثير من الناس ولست بصدد ذكر إيجابيات ذلك أو سلبياته فالواتساب عالم قائم بذاته دخل حياتنا بكل ما في من مميزات أو غير ذلك، المهم في حديثنا عن السؤال أنه لربما قادنا إلى الاقتضاب أحيانا في طرح بعض المفاهيم أو الاختصار في السؤال ردءا لسوء الفهم الذي قد يحصل جراء خلوه من المشاعر والإيماءات التي تضيف على بعض المواضيع المطروحة صبغة الفهم السريع.

وكان أكثر ما قلص أسئلة الناس هو ”تويتر“ إذ كان محدود الكلمات في طرحه وكان لزاما على المستخدم السائل أو المناقش لأي قضية أن يطرح ما يريد بكلمات قليلة ولكنها تامة مفهومة وافية حتى لا يضطر إلى فتح أكثر من ”تغريده“ يصعب على المتلقي تجميعها لفهم الموضوع أو الإجابة على ما يريد، وكذلك ”الواتساب“ علمنا كيف نصيغ الجمل في إطار حذر جدا حتى لا تتعقد الأمور ويسوء الفهم وتأتي الردود عكس المتوقع، ونقع في دوامة التبريرات والإصلاحات النفسية وما شابهه، لذا مثل هذه الوسائل التقنية والتي أصبحت من متطلبات عصرنا الحديث أصبحت واحدة ممن علمتنا كيف نسير الحوار ونطرح السؤال ونلفت انتباه الجميع دون عناء الإقدام على تعلمها، فضلا عن جمال تعلمها قصدا وبوعي أكثر ذلك مما يضفي فوق اللباقة والأدب وحسن التصرف جمالا فوق الجمال.

كاتبة ومحررة في صحيفة المنيزلة نيوز