مكاشفة
إنَّ البلاءَ لينزِلُ بالعبدِ، فيُصْلِح له فسادَ قلبِه...
الغِنى، ليس أن تستطيع شِراء الدنيا مجتمعة،
بل هو أن تجتمع الدنيا كلها ولا تستطيع شراءك!
يأتي على الناس زمان تكون العافية فيه على عشرة أجزاء. تسعة منها في إعتزال الناس، والعاشرة في الصمت.. [علي بن أبي طالب]
إن البشر يشبهون في طباعهم الفصول الأربعة، فلا تأمن ممن كان عليك ربيعا في الأمس أن يصبح شتاء قارسا، أو صيفا محرقا!
تجبرنا الحياة دائماً على التعامل مع الكثير من الناس، وهم غير متشابهين بالتأكيدفمنهم من يحمل قلباً نقيّاُ، ومنهم من يحمل قلباُ خبيثاً ومليئاً بالحقد والكراهية، فيجبعلينا الحذر منهم ومعاملتهم بسطحية وعدم الوثوق بهم، كما أن النوايا الطيبة والمشاعرالنقية تدل على الطريق في بعض الأحيان ولكنها في أحيانٍ أخرى تُعمي البصر.
أن فتن الشهوات والشبهات لا تزالُ تَظهرُ على القلوب فتنةً بعد أُخرى، كما يُنسَجُالحصيرُ عوداً عوداً، فإذا خالطت القلب أُشربَ حُبَّها فدَخلت فيه دُخولاً تاماً، ولَزِمَها لُزوماًكاملاً، وحلَّت منه مَحَلَّ الشرابِ في نفوذ المسامِّ وتنفيذِ الْمَرامِ فأثَّرت فيه، وأيُّ قلبٍ أنكرَهاوردَّ الفتنَ وامتنعَ من قبولها نُكتَ فيه نُكتةٌ بيضاءُ فأُثبتت ودامت واستمرَّت، فتصيرُالقلوب صنفين.
والطريق في إصلاح القلوب التي تصلح الأجساد بصلاحها، وتفسد بفسادها، تطهيرهامن كل ما يبعد عن الله، وتزيينها بكل ما يقرب إليه، ويزلفه لديه، من الأحوال، والأقوال، والأعمال، وحسن الآمال، ولزوم الإقبال عليه، والإصغاء إليه والمثول بين يديه في كل وقتمن الأوقات وحال من الأحوال، على حسب الإمكان، من غير أن يؤدي إلى السآمة والملل.
وذِكْر الله سبحانه، هو دواء القلب وشفاؤه، وهو حياة القلوب، ولا يكاد القلب أن يصيرحياً وهو بعيد عن ذكر الله، فالقلب كالبدن له مغذيات، وغذاؤه بقراءة القرآن وتدبره، ونوافل الطاعات، والتعود على خبيئة الصالحات من الصدقات وسجود جوف الليل الآخروحسن الأخلاق.
فطوبى لِمن أخلص لله في أقواله وأفعاله، ورجا فضله في حاله ومآله، وطهَّر قلبه منالبغضاء والعداوة للمسلمين، وتعاونَ معهم في أُمور الدنيا والدين، وويلٌ لِمن تعلَّقَ قلبُهبأحدٍ من المخلوقين، أو امتلأ من الغلِّ والحقدِ على المؤمنين؛ أمَّا الأولُ فإنه يسعى في علوِّالدرجات، وأما الآخَرُ فإنه يتردى في مهاوي الهلكات.
اللهم يا مصلح الصالحين أصلح فساد قلوبنا وقلوب والدينا وأهلينا، ويا مَن بيده خزائنُكُلِّ شيءٍ أسعفنا بمطلوبنا، ويا مَن يغفر الذنوب جميعاً اغفر ذنوبنا واستر عوراتناوعيوبِنا، إنك أنت الجواد الكريم، وبارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكمبما فيه من الآيات والعظات والذكر الحكيم، واستغفروا الله يغفر لي ولكم؛ إنه هو الغفورالرحيم.