آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 8:43 ص

متحف لغوي

الدكتور أحمد فتح الله *

عندما يدخل الزائرون ”كوكب الكلمة“ Planet Word، وهو متحف جديد يعنى بالكلمات واللغة في واشنطن دي. سي عاصمة أمريكا، سيشاهدون ”الشجرة الناطقة“ Speaking Willow، وهي قطعة فنية طويلة تمثل شجرة الصفصاف. أثناء مرورهم أسفل هذا العمل الفني، يمكنهم سماع تسجيلات الكلام بمئات اللغات القادمة من الشجرة. معظم الكلمات تبدو غريبة على المستمعين. الأصوات المختلفة تظهر في نفس الوقت، والضوضاء الناتجة مماثلة لتلك التي تحدث في مسرح مزدحم قبل بدء العرض.

أكمل الفنان رافائيل لوزانو هيمر Rafael Lozano-Hemmer [1]  هذه التحفة الفنية العام الماضي، والتي صنعها خصيصًا للمتحف. يقول الفنان هيمر على موقعه على الإنترنت: إن «الشجرة الناطقة» ”تذكرنا بأن اللغة هي ما يحدد مجتمعاتنا الخاصة ويربط ثقافاتنا العديدة“. إنها التجربة الأولى من بين العديد من التجارب الغامرة للزوار في ”كوكب الكلمة“.

تستكشف المعروضات بشكل هزلي موضوع اللغة الكبير والمعقد. تقول آن فريدمان «Ann Friedman»، مؤسسة ومديرة المتحف اللغوي [2] : ”كيف تجعل مفهومًا مجردًا مثل الكلمات واللغة ينبض بالحياة بدون أشياء يمكنك لمسها ورؤيتها والشعور بها؟.... يجب أن تكون لديك تجارب تشاركية غامرة ستتذكرها إلى الأبد لأنها فريدة ومثيرة واجتماعي.“

إحدى الغرف في المتحف، ”معرض لغة الأطفال“ «Babies Learning Language Gallery يتم فيها تشغيل مقطع فيديو يظهر فيه الأطفال وهم ينطقون كلماتهم الأولى.

غرفة أخرى، تسمى ”من أين تأتي الكلمات“ «?Where Do Words Come From»، تعلم تاريخ بعض الكلمات الإنجليزية الشائعة. تشتمل الغرفة على ”جدار من الكلمات“ «Wall of Words» يبلغ ارتفاعه 22 قدمًا، حيث يتحدث الزوار عبر الأجهزة ويتعرفون على جذور اللغة الإنجليزية. يسمع الزوار صوتًا: ”أنت تقف أمام حوالي ألف كلمة. وهذا ليس حتى واحد بالمائة من اللغة الإنجليزية بأكملها“. ”من أين أتوا؟“، يسأل صوت آخر.

في إشارة إلى الوقت المستغرق في إنشاء البرامج وتصميم الصوت، تقول فريدمان إن هذا المعرض استغرق عامين لإنشائه. لقد بدأ مؤسسو المعرض مشروعهم ب 28 كلمة إنجليزية مع شرحها، واقتصرت القائمة الأولى على الكلمات الأكثر متعة وإثارة للاهتمام. كانت كلمة ”Arachnid“، المسمى العلمي للعناكب، هي إحدى الكلمات الأولى التي دخلت المعرض.

غرفة أخرى في المتحف تدعو المستمعين للتحدث والتعرف على لغات مختلفة. المتحدثون الأصليون ب 28 لغة ولغتا إشارة يعلمون الناس عبارات بهذه اللغات، ويشرحون أيضًا كيف تشكل اللغة فهمهم للعالم وكيف لا يمكن فصل الكلمات عن الثقافة.

على سبيل المثال، يقدم متحدث اللغة اليابانية مدى أهمية الأدب في الثقافة اليابانية، ويوضح أن اللغة تحتوي على عدة كلمات للاختيار عند مخاطبة الآخرين، ويؤكد أن الكلمات تتحدث عن طبيعة العلاقة بين المتكلم والمستمع.

في المقابل، يوضح متحدث الكيتشوا «بيرو» أنه بما أن المستقبل لا يمكن رؤيته، فهو ”خلفنا“ والماضي أمامنا، حيث يمكننا رؤيته، وهذا إشارة إلى أن شعوب العالم تفهم فكرة الزمن «الوقت» بطرق مختلفة، كما هو واضح عند شعب الكيتشوا وطريقته الفريدة.

في الغرف الأخرى تستكشف الطرق المختلفة لاستخدام اللغة، من الدعابة وكتابة الأغاني إلى الخطابة والإعلان. يمكن للزوار غناء الكارايوكي [3]  أثناء التعرف على كتابة الأغاني، وتسجيل خطاب مشهور، ولعب ”لعبة النكات“ «Joke-Telling Game»، وتعليم الكمبيوتر كيفية صنع الرسوم المتحركة. معظم غرف المعرض تفاعلية وتتطلب التحدث بصوت عالٍ «من قبل الزوار».

غرفة معرض واحدة هي كل شيء عن الكتب. تم تصميمها لتبدو كمكتبة قديمة وغنية، والكتب على الرفوف، وعند وضع كتاب على الطاولة، تبدأ القراءة المسجلة وتظهر الصور. تقول كيتلين ميلر «Caitlin Miller» مديرة التعليم في ”متحف الكلمة“: ”تتحسن في القراءة من خلال القراءة“، و”تصبح متحدثًا أكثر ثقة من خلال التحدث والاستماع.“

آن فريدمان، مدرسة سابقة للقراءة والكتابة، والتي أرادت إنشاء متحف لإثارة الاهتمام والفضول في الكتابة واللغة تقول: تم تصميم المتحف بشكل أساسي للمراهقين، ولكن يمكن لمعظم البالغين أيضًا التعلم والاستمتاع بزيارة ”كوكب الكلمة“. وكمؤسسة ومديرة المتحف اللغوي، تأمل أن يغادر الناس المتحف بفهم أفضل للكلمات التي يستخدمونها كل يوم وعالم اللغات من حولهم، مؤكدة: ”وفي عالم آخذ في العولمة، نعتقد أن هذه خاصية مهمة جدًا.“

[1]  هو فنان وسائط مشهور يقوم بإنشاء منصات للمشاركة العامة باستخدام تقنيات مثل الأضواء الآلية والنوافير الرقمية والمراقبة المحوسبة وجدران الوسائط والشبكات عن بعد.

[2]  يقع المتحف في مدرسة فرانكلين التاريخية بواشنطن. منحت حكومة العاصمة آن فريدمان سيطرة محدودة على الممتلكات في عام 2017. وقد أنفقت 35 مليون دولار على المبنى والمتحف.

[3]  كاريوكي، أو كاراوكي، نوع من الغناء يغني فيه الهواة أغنية بمصاحبه موسيقى مسجلة مع استعمال مكبر الصوت «ميكروفون» وعرض كلمات الأغنية على شاشة أمام المغني، وتتم في غرف خاصة تسمى غرف الكاراوكي أو صناديق الكاراوكي.
تاروت - القطيف