الفنجان أَصَاب الهَدَف
وقف على باب مكتبها، قال لها: أحبّكِ، نظرت إليه بذهول! لم تنبس ببنت شفة. لكنّ وجهها كان منيرًا، وقفت تتأمّل في حياء، ثم انصرفت ولم ترد بشيء، لكنّه كرّر عبارته: أحبّكِ يا امرأة!
أطالت النظر إليه متسائلة: ما الذي يمكنني فعله؟ ثم قالت: هناك وادٍ قريب من المقرّ الذي نعمل فيه، أشجارٌ وماءٌ وخلودٌ من الطبيعة، ربما نستطيع أن نتحدث مع فنجان قهوة، لكن بشرط أن تدفع ثمن ضيافة تلك الجلسة.
ابتسم قائلاً: لا عليك، أقترح أن نتقاسم التكلفة بيننا بالتساوي.
ضحكت قائلة: البخل ينوء بصاحبه مع امرأة جميلة مثلي.
ضحكا معاً، واتفقا على أن يلتقيا الخامسة عصراً.
أقفل أدراج مكتبه، ثم غادرا المكان.
الطريق قصير لكن الفكرة قد تطول والعرض قد ينتهي حين الوصول، ما زالت الأشجار وارفة في ذلك الوادي ورذاذ المطر أخرسَ الأفواه في لحظة صمت.
مساؤك جميل أيتها الجميلة، بِتحِية مثلها لم تقاوم على استحياء أخذت الموسيقى تفعل فعلها، نظر إليها، اسمي حسين كما تعلمين، وأنتِ.. أنتِ وهو يشير بإصبعه.
ابتسمت وقالت: العنود، كما تعلم.
ما يزال ينظرُ إليها بتودّد، أشار إلى النادل: ماذا تشربين؟
- عصير اللوز.
ابتسمَ النادل وهو ينظر إليهما.
اثنان من عصير اللوز، أما المائدة سوف تكون لاحقًا.
لقد قرأتَ الفنجان قبل يومين وما بعده، رأيت خطوطاً بيضاء طويلة في بدايتها لكنّها تنتهي إليكِ!
ضحكت وبعض أصابعها على شفتيها، تفكّر ماذا تقول.
نعم تلك هي الحقيقة، إنك مازحٌ جميل.
كرّر النظر إليها بعيون أكثر دفئًا قائلاً: لقد وعدني الفنجان بأنّ لقاءً سوف يكون مع امرأة، لها شعرٌ كستنائي، حنطية اللون، ووجنتان بلون الكرز.
ضحكت مرّةً أخرى واضعة راحة يديها على وجهها: أيّها المخادع، هيّا أكمل!
قال لي الفنجان أيضًا: هناك عقبةٍ واحدة!
نظرت إليه بتأمّل: وما هي؟
- سوف أقول لها لك قبل المغادرة.
أما أنا، فلقد طرق الفنجان قهوتي.
نظرت إليه بعد رشفتين، استقرّت عيني داخل جوفه، كنت أتوقع أن أرى خطوطاً مختلفة، غير مستقيمة.
نظر إليها: هيّا يا جميلتي، أكملي.
ابتسمت ثم قالت: أتعلم ماذا رأيت؟
- ماذا رأيتِ؟ أكملي!
بينما أنفاسه تتلاحق، قالت: رأيت خطوط وجهٍ في الفنجان مقسّمًا إلى نصفين، الأول جزءٌ من وجه رجل والنصف الآخر لامرأة.
- هل توصّلتِ إلى شيء؟
- إنّه السِّر المكنون الذي أضاف عالمًا، شخص اسمه ميمون.
- ميمون! مَنْ ميمون هذا حتى أصبّ جام غضبي عليه؟
- إنّه نسخةٌ منك، لكنّه ميمون.
ضحكا بصوت عالٍ، فأشارت إليه بإصبعها، أن يستر قهقهته.
- نعم سيّدتي، إذا التقينا، هل أستطيع طرق بابكم لرؤية والدك عمر؟
قالت: الباب ليس مغلقًا، لكنّي قلقت أن يرفض عرضك!
- لماذا؟
- أنت حسين وهو عمر، الأمر بيديه، وماذا أفعل؟
- عمّي، هل توافق على زواجي من كريمتك العنود؟
- أجابه ساخرًا: اِذهب الآن، وسأجيبك لاحقًا.
مضى الوقت وحسين ينتظر، لكنّ الوعد وعده، عمّت الأفراح، دقت الدفوف، مضى الوقت مع أربعة أبناء، أولهم جعفر وآخرهم عثمان.