حياة التفاؤل
تَوَقُع الأسوأ في كل شيء، هو استشراف تشاؤمي للمستقبل، وهي حالة من اليأس عادة ما تقود الإنسان الى الخوف والظلمة، ولا توصله بأي حال إلى مبتغاه في الحياة. لذلك، علينا كبشر أن نستثمر طاقتنا في السعي بكل ما أوتينا من قوة لتوظيف المزيد من التفاؤل في شتى نواحي الحياة، بدلًا من إضاعة تلك الطاقة في أمور سلبية تدمرنا نفسيًا وتحول حياتنا إلى لظى لا طاقة لنا به. تركيزنا على الجانب المشرق من الحياة يساهم في تطوير وابتكار أساليب صحية جديدة يمكن التأقلم معها، هذا مع التركيز على أهمية الابتعاد عن كل ما يمكن أن يعكر صفو عيشنا. تبنينا لمنهجية تفاؤلية، تجعل منا أُناسا أكثر قدرة على رعاية أنفسنا واحتضان الحياة بروح عالية ترتجي الخير في كل شيءٍ، بروح المحب الذي يتوقع من حبيبه كل ما هو أزكى وأنقى وأرقى ومن حيث لا يحتسب.
فكر في الأمر، إذا كان الكثير من الناس يمرون بأوقات حياتية صعبة واستثنائية، وكان من بينهم أيضًا نسبةً كبيرة، للأسف منغمسين في بحر من التشاؤم، فمن الطبيعي أن يلازم هؤلاء الضغط والتوتر الدائم. الأوضاع العصيبة لا تدعونا أن نركن إلى زاوية ونعيب زماننا ونبكيه. الإنسان خُلق ليُفكر ويَعمل ويبتكر، وهناك الكثير من الإجراءات التي يمكن للمرء القيام بها لتخطي محنته، أيًا كان نوعها والعمل على تهدئة حياته الصحية والنفسية والعملية واسْتتبابها على حد سواء.
من الأهمية بمكان أن تعيش حياة يملؤها التفاؤل مستبشرًا بالخير، لكن كيف لك هذا..؟ عليك أولًا أن تكون شجاعًا وصبورًا حتى وإن وصل بك الحال أن ترى الأرض تتصدع من تحت قدميك، وإلا لن تتمكن من المضي في مشوارك والوصول الى وجهتك. في عالم يسوده الجشع وأضحى فيه التَاجر ومقدمي الخدمات يكشرون عن أنيابهم برفع الأسعار في عملية كسب سريع وكأنهم يعيشون عالم الغاب الذي لا يرحم فيه القوي الضعيف. بات على الإنسان أن يقف وقفة تأمل يعيد فيها هندسة نمط العيش لديه من خلال إدارة ومحاسبة قراراته ليتمكن من رصد الخلل ورسم نمط حياة مغاير، يتناسب والمعطيات المالية المتاحة مع احتساب متطلبات المستقبل والتي لا تقل اهميةً وتعقيدا عن ما نشهده في الحاضر.
من هذا المنطلق على الإنسان البسيط أن يعمل على تحسين احترامه لذاته وتعزيز ثقته بنفسه وأن يتسلح بمهارات متعددة ومتنوعة ليتمكن من العيش والبقاء. أنا وأنت نعلم أن الحياة تخبئ لنا الكثيرمن الهبات لهذا علينا أن نؤهل أنفسنا ونتخلى عن المخاوف التي تراودنا حتى لا يفوتنا شيئ من تلك العطاءات. علينا أن نحتضن التقلبات والمنعطفات بروح يسودها التفاؤل، ونفس مرنة تتقبل التحديات وبعزيمة لا تنكسر.
هذا الخوف والقلق الذي تشعر به بين الفينة والفينة، لا يمكنه أن يختفي إلا عندما تصل الى مرحلة من الوعي تتقبل فيها ما هو غير متوقع، وتنفتح على كل الإحتمالات. أمّا أن تسألني عن الفرص الحياتية، أجيبك بأنها موجودة، إلا أنه لا تتوقع أن تأتي لك الفرصة وأنت قابع في شرنقتك دون أن تحرك ساكنا. عليك أن تخرج وتعمل بجد واجتهاد حتى تشعر بأنك تستحق أن تكون موجودا بجدارة..!
أمرٌ آخر، لا تعتقد ولو لوهلة أنك عندما تصبح متفائلا فإن جميع المتاعب والانتكاسات ستختفي من حياتك الى غير رجعة. التقلبات الحياتية هي جزءٌ طبيعي وموروث حياتي سيلازمك أبدًا ما بقيت وعليك تقبل هذه الحقيقة بروح رياضية. الفرق بين أن تكون متشائمًا تنظر إلى الأشياء من خلال منظار نفقي، أو أن تكون متفائلًا، هي قدرتك على رؤية التحديات من زاوية مختلفة والنظر إليها على أنها نقطة انطلاقة ستوصلك في النهاية الى ما تريد الوصول اليه.
في الختام، لا تتوقع أنك بتبنيك حياة تفاؤلية لن تقع في المحذور، وأنك لن تمر بضائقة عاطفية أو نكد أو إثارة أعصاب..! كما سبق وقلت، أن هذه الأشياء هي جزء ومكون طبيعي من الحياة اليومية للإنسان وأنه لا يمكن فصلها بل معايشتها. من هذه اللحظة لا تسمح لنفسك بأن تجترّ أحداث الماضي وما تحمله من حرقة وكمد، أتخذ قرارًا جريئا وواعيا بتحويل المواقف التي تمر بك إلى فرص تعمل عليها ليل نهار، بغية رفع رصيدك التفاؤلي. لا ريب أنك بتبنيك لهذا النهج الحياتي الإيجابي، ستتمكن من زيادة قدرتك على توقع الأفضل من تعاملاتك مع الآخرين، والأهم من ذلك هو رؤية الأفضل في ذاتك التي إن صلحت صَلُحَ كل شيء.