فائدة لغوية «24»: ”البائسون والبؤساء“
من الأخطاء الشائعة بين أهل اللغة العربية جمع ”بَائِس“، على ”بُؤَسَاء“، والصّوابُ ”بَائِسُون“ أو ”بُؤْسٌ“، وزن حُمْرٌ وخُضْرٌ، أو ”بُؤَّسٌ“ «وزن رُتَّعٌ». نقولُ: بَئِسَ الرجل يَبْأَسُ بُؤْسًا: إذ اِفْتَقَرَ واِشْتدَّتْ حاجتُهُ فهو ”بَائِسٌ“، قال تعالى: ﴿فكلوا منها واطعموا البائس الفقير﴾ «الحج: 28»، وجمعه ”بائسون“، ومنه ”البأساء“ بمعنى الفقر الشديد، كما في قوله تعالى: ﴿والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس﴾ «البقرة: 177»،
وابتأس الرجل: حزن لاشتداد الأمر عليه، كما في الآية الكريمة: ﴿فلا تبتئس بما كانوا يفعلون﴾ «هود: 36».
أمّا ”البُؤَسَاء“ فهو جمعُ ”بَئِيسٍ“ على فَعِيل؛ بَؤُسَ الرّجل فهو ”بَئِيس“ أي شُجاع، و”بَئِيس“ تأتي بمعنى ”شديد“، قال تعالى: ﴿وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ «الأعراف: 165»، أي عذاب شديد.
والبأس: القوة والشدة، كما في قوله تعالى: ﴿والله أشد بأسًا وأشد تنكيلًا﴾ «النساء: 84»، و﴿لا يقاتلوكم جميعًا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى﴾ «الحشر: 4»، أي قوتهم فيما بينهم شديدة فإذا لاقوكم جبنوا لأنهم متفرقو القلوب.
ويطلق ”البأس“ على الحرب: ﴿عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا﴾ «النساء: 84»، كما يطلق على العذاب: ﴿فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا﴾ «غافر: 29».
جمع ”بائس“ «بمعنى فقير، محتاج» ”بائسون“ وليس ”بؤساء“، لأن ”بؤساء“ جمع ”بئيس“ «بمعنى شجاع، قوي، شديد».
من الجذر اللغوي «ب أ س»، كلمة ”بِئْسَ“، وهي كلمة ذم، كما جاءت في الآيات القرآنية، على سبيل المثال: ﴿ثم اضطره إلى عذاب النار وبئس المصير﴾ «البقرة: 126»، و﴿ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين﴾ «آل عمران: 151»، و﴿واشتروا به ثمنًا قليلًا فبئس ما يشترون﴾ «آل عمران: 187». وتقابل ”بِئْسَ“ ”نِعْمَ“ للمدح، كما في قوله تعالى: ﴿ونِعْمَ أجرُ العَاملين﴾ «آل عمران: 136».