آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 6:12 م

تفتيش خصوصيات الأبناء من الوالدين يقتل الدفء والثقة

الدكتور نادر الخاطر *

في ثورة الرقميات والعالم الإلكتروني، بعض الآباء يقتحمون خصوصيات الأبناء ويفتشون في حسابات أبنائهم على شبكات التواصل الاجتماعي بحجة الخوف على أبنائهم. هذا التجسس قد يقيم جدارا من عدم الثقة على المدى الطويل.

سأكون صديقا مع الوالدين في مراقبة الأبناء من صغار السن إن كان الأمر يستدعي المراقبة، لكن لربما أكون خصيمهم في التجسس وتفتيش خصوصيات الأبناء في سن الرشد، فسن المراهقة له خصوصية والشباب يريدون إثبات ذواتهم وصناعة شخصيتهم.

النصيحة والتوصيات أحد الأسباب الجوهرية في استقامة الأولاد، والتوجيه بالابتعاد عن المحرمات وعدم مصاحبة الأشرار وأصدقاء السوء، كل ذلك أفضل من التفتيش في الخصوصيات.

قد تختلف الأمور في الحالات الشاذة، فعلى سبيل المثال، الابن لا يسمع النصيحة ولا يعمل بها في هذه الحالة إلزامي من الوالدين التدخل عن طريق المباشر وغير المباشر في استقامة الابن/البنت خوفا عليهم من الانحراف.

توجد شريحة من الأمهات والآباء مصابين لديهم ”حب التجسس والفضول“ لربما ليس منحصرا في مراقبة الأبناء فحسب، بل يتطور في مراقبة الزوجة للزوج أو العكس ومراقبة الناس. التجسس في جميع أنواعه عمل قبيح مرفوض شرعاً قبل أن يكون مرفوض اجتماعياً ويخلق الشكوك والظن ويزيد المشاكل عوضًا عن حلها.

من سنة الحياة وقوع الأبناء في الأخطاء، فليس عيباً أن يقع الأبناء في خطأ سلوكي أو اجتماعي، وهنا يأتي دور الوالدين في تعريفهم الصواب من الخطأ ومعالجته من مستودعات تجربتهم في الحياة، ولا يكون الوالدان كسياط الجلاد عليهم والتلصص والتفتيش في خصوصيتهم، فليس من حق الوالدين التجسس على الأبناء حتى لا ينقطع الاحترام والثقة بينهم.

أعجبتني مقولة جوهرية منسوبة إلى الإمام علي : ”لاتكن لينا فٌتعصر ولا تكن قاسيا فٌتكسر“، لا ينبغي التضييق على الأبناء وفرض قوانين صارمة عليهم أو معاملتهم بقسوة، على سيبل المثال زراعة كاميرات في غرف الأبناء أو استخدام تطبيقات تربطك في حساب ابنك أو مراقبة الزوج أو الزوجة. هذا الفعل مبالغ فيه، ينبغي إعطاء الابن قيمته ومكانته في البيت وتشعره بأنه عنصر فعال في الأسرة وتترك له / لها مساحة كبيرة في الاختيار والتشجيع في برامجه/ها الرياضية والدينية والتطوعية وكذلك لا يكون رب الأسرة لين وضعيف فتفلت منه زمام الأمور والأبناء تنحرف إلى طرق يصعب السيطرة عليها حيث حكمة الإمام تشير إلى الوسطية في مراقبة الأبناء من موازين الاعتدال والحكمة.