كمامة كوفيد والعين - الجزء الأول
راجعت طبيبة الطب الأولي في مستشفى أرامكو «جون هوبكينز» قبل فترة كنت أشتكي فيها من عيني، ووجدت أنها تعاني من جفاف، فوصفت لي مرطبات، قطرات ومرهم، وأحالتني إلى طبيبة العيون، وبعد الفحص الدقيق، تبين أن هناك شيء آخر غير الجفاف يحتاج إلى علاج ومراقبة ستة أشهر، وربما أحتاج إلى عملية. الكشف الأولي «في الرعاية الأولية» دفعني للبحث عن علاقة جفاف العين بأزمة كورونا، والكشف الثاني عند الأخصائية دفعتني المعاناة التي عانيتها وعانت معى الطبيبة أثناء الفحص، وهو ”الضباب“ على عدسات جهاز الكشف على العين، بسبب مرور أنفاسي من أعلى الكمامة، رغم وضع الشريط اللاصق على أعلى الكمامة.
وأضع هنا نتيجة بحثي وهي ترجمة لمقالين عن «جفاف العين، وضباب النظارة بسبب الكمامة»، وهما حالتان عامتان كما أخبرني كثير من الأصدقاء والأهل فيما بعد. مقال اليوم، هو عن ”كمامة كوفيد وجفاف العين“، تتبعها الترجمة الثانية، عن ”كمامة كوفيد وضباب النظارة“.
ارتداء قناع الوجه «الكمامة» في الأماكن العامة أمر بالغ الأهمية لمنع انتشار COVID-19. هذه الأغطية تحمينا من قطرات الجهاز التنفسي التي تأتي في طريقنا عندما يسعل الشخص المصاب أو يعطس أو حتى يتحدث. لكن يمكن أن يكون لتلك الأقنعة آثار جانبية، أبرزها جفاف العين.
أشارت دراسة لباحثين في جامعة يوتا الأمريكية، نشرت في مجلة طب العيون والعلاج «Journal of Ophthalmology and Therapy»، إلى زيادة كبيرة في عدد حالات جفاف العين في العيادات المحلية بين مرتدي الأقنعة العادية. وشمل ذلك الأشخاص الذين تم تشخيصهم بالفعل بالحالة ويعانون من تفاقم الأعراض، بالإضافة إلى أولئك الذين لم يواجهوا مشكلة في جفاف العين، والذين كانوا يأتون ويشكون من تهيج العين. يطلق المحترفون عليها اسم جفاف العين المرتبط بالقناع ”مَيْد“ «MADE»، اختصارًا للعبارة «Mask-Associated Dry Eye». وفقًا للدراسة، فإن النتائج ”لها آثار مهمة على صحة العين والوقاية من العدوى، حيث من المرجح أن يستمر استخدام القناع في المستقبل المنظور“.
جفاف العين هو حالة شائعة تحدث عندما لا توفر دموعنا الترطيب المناسب لعيوننا. قد يكون هذا بسبب أن العيون لا تنتج ما يكفي من الدموع، أو لأن جودة الدموع التي تنتجها ضعيفة. يَعرِفُ هذه الأعراض ما يقرب من خمسة ملايين أمريكي، والتي يمكن أن تتراوح من ”مزعجة“ إلى ”غير مريحة جدًا“. يعذر عنها بعض المصابين ب: ”إحساس مغبش“، ”لدي شيء في عيني“، ”حرقان“، ”تشوش الرؤية“ ”احمرار“، [ثقل... يبوسة].
كبار السن، الذين هم أكثر عرضة للإصابة بجفاف العين، نظرًا لانخفاض وظيفة التدميع «tear function» في العين مع تقدم العمر، معرضون بشكل خاص لأعراض MADE، كما يقول توماس شتاينمان، طبيب عيون تابع لمركز مترو هيلث الطبي «MetroHealth Medical Center» في مدينة كليفلاند، وهو المتحدث الطبي لأكاديمية طب وجراحة العيون «The American Academy Ophthalmology». ويضيف أن الأكثر عرضة للخطر أيضًا، هم ”العدد الكبير منا الذين يعملون من المنزل هذه الأيام، ونقوم بإجراء عدد من المكالمات هائلة العدد على منصة ”الزووم“ للتواصل المرئي «Zoom»، ونحدق في شاشات الكمبيوتر طوال اليوم.“ وذلك، كما تظهر الدراسات، لأنه عند التركيز على شاشة الكمبيوتر، فإن الناس يرمشون بنسبة 66 في المائة أقل مما يفعلون عادةً، مما يتسبب في تبخر الدموع التي تغطي العين بسرعة أكبر.
ويقال إن جفاف العين بسبب أقنعة الوجه له علاقة بتدفق الهواء «airflow». يقول الدكتور شتاينمان: ”عندما تقوم بالزفير في كمامة بلا إحكام جيد، يمكن للهواء أن يهرب من أعلى الكمامة ويعبر فوق سطح العين“، وهذا الهواء المتحرك يجفف الغشاء الدمعي، وهو طبقة رقيقة من السائل تغطي سطح العين. يمكن أن تتسبب الكمامات غير المناسبة في حدوث مشكلات أخرى أيضًا، حيث تؤدي إلى شد الجفون السفلية قليلاً، مما يؤدي إلى إغلاق الجفن بشكل غير كامل.
أخصائية البصريات «Optometrist» في معهد شتاين لصحة العيون «Stein Eye Institute» في جامعة لوس أنجيليس في كالفورنيا «UCLA»: فيفيان شيبياما Vivian Shibayama توضح: ”عندما ترمش العين، تدفع قوة الوميض السائل خارج الجفن إلى غشاء الدموع، مما يؤدي إلى تحسين سطح العين“. لذا لا تغلق الجفنين معًا تمامًا عندما تومض لأن لديك شيئًا يقود الجفن السفلي إلى أسفل، ”مما قد يقلل من كمية السائل الموجود في عينك“.
”هناك ما هو أكثر من ذلك“، يقول دوغلاس ماركس، دكتوراه في الطب، وجراح تجميل العين في مركز جون إيه موران للعيون بجامعة يوتا، ”عندما يتم سحب الجفون السفلية إلى أسفل، فإن هذا النسيج الرقيق للغاية الذي يبطن الجفن السفلي، والغشاء المخاطي، الذي لا يحب الهواء، يمكن أن يجف مما يؤدي إلى تهيج والتهاب“.
هناك طرق لمنع جفاف العين، لكن التخلي عن الكمامة أو القناع ليس من بينها. القليل من الانزعاج هو ثمن بسيط يجب دفعه مقابل الحماية من COVID-19. يمكن علاج الجفاف الطبيعي، أو ربما منعه، ببعض الاستراتيجيات البسيطة، منها:
ابحث عن قناع يحتوي على سلك مرن مدمج على طول الحافة العلوية، والذي تقوم بتشكيله على جسر أنفك، حتى لا يهرب تدفق الهواء ويتحرك لأعلى باتجاه عينيك، كما تقول شتاينمان.
طريقة أخرى للحفاظ على القناع آمنًا: ضع قطعة من الشريط اللاصق على جسر الأنف أو على طول الجزء العلوي من القناع. يقترح شتاينمان الشريط الطبي الورقي، والذي يقول إنه أقل تهيجًا للجلد. شيباياما تفضل شرائط الأنف التي تسمح للتنفس الصحيح، المعروفة ب «Breathe Right Nasal Strips»، حيث ”إنها تبقي القناع في مكانه، خاصة إذا كنت ترتديه لساعات طويلة“، ويضيف الدكتور ماركس: ”عند الضغط على الحافة العلوية للقناع في مكانها، لا تذهب إلى أعلى ما فوق الخد“.
إذا كان جفاف عينك يمثل مشكلة بشكل خاص، ففكر في ارتداء نظارات واقية محكمة الغلق «Goggles» للحفاظ على عينيك آمنة. تقول شيباياما: ”لدينا عدد قليل من الأطباء هنا في المستشفى يستخدمون نظارات واقية من الرطوبة، وهي تبدو مثل النظارات العادية ولكن بها ”أكواب“ من السيليكون خلف العدسة، مما يخلق درعًا على العينين لمنع الهواء وخلق بيئة رطبة. وتضيف خيار آخر للحالات الشديدة من جفاف العين، وهو العدسات الصلبة، والعدسات اللاصقة المملوءة بالسوائل التي تحمي سطح العين وتحافظ على العين مغمورة بالسوائل طوال اليوم“.
تلاحظ شتاينمان أن الكثير من الناس ربما أصيبوا بجفاف العين قبل الوباء وتجاهلوا الأعراض. تقول: ”أعتقد أنه خلال الأشهر القليلة الماضية، كشفنا الكثير من مرضى العيون الجافة، وهم أشخاص كانوا يعيشون بأعراضهم لأنها لم تكن سيئة للغاية. ربما كانت لديهم أعراض، لكنها الآن أصبحت «أمراض» بالفعل. [لهذا،] لا تنتظر حتى تبدأ عيناك في الشكوى وتنبيهك لتبدأ في اتخاذ أي إجراء“.
تقول الدكتورة أماني أحمد فتح الله «جراحة القرنية، الجلوكوما، وتصحيح النظر، Anterior Segment Surgeon، من جامعة هارفرد، أمريكا»: ”من الناحية الطبية، أتفق مع كل ما سبق“. وإضافة إلى توصيات المقال، توصي الدكتورة أماني بالتالي:
⁃ النظر بعيدًا عن الشاشة كل 15-20 دقيقة لزيادة معدل الوميض.
⁃ إضافة أحماض أوميغا 3 الدهنية «كبسولات زيت السمك وزيت بذور الكتان» إلى النظام الغذائي، حيث تؤدي إلى تحسين جودة الدموع.
يتبع...
