هل الدين هو القوة الدافعة وراء فجوة الأجور بين الجنسين؟
بحث جديد نُشر في مجلة Academy of Management يشير إلى أن الدين يديم الفجوة في الأجور بين الجنسين. تقدم النتائج دليلاً على أن الرجال يميلون إلى كسب أكثر بكثير من النساء في المجتمعات ذات التدين الشديد. تقول تريسي سيتسمان «Traci Sitzmann»، أستاذة الإدارة المشاركة في جامعة كولورادو دنفر والمؤلفة الرئيسة للدراسة الجديدة: [1]
”أطلق باحثو الإدارة على الدين قوة حميدة وإيجابية في مجال الأعمال. ولهذا السبب، نرى هذه السياسات التي تسمح للدين بالتأثير“، وتضيف: ”أعتقد أنه من المثير للسخرية أننا لم نتساءل عمَّا إذا كان يمكن أن يكون هناك بعض الآثار السلبية للسماح للدين بالدخول إلى مكان العمل.“
قامت سيتسمان وزميلتها إليزابيث كامبل «Elizabeth Campbell» في دراستهن، بفحص بيانات من تقرير وضع المرأة في الولايات «The Status of Women in the States Report»، ومؤسسة غالوب «Gallup»، ومصادر أخرى. سمحت لهم هذه البيانات بتحليل ليس فقط العلاقة بين فجوة الأجور بين الجنسين «The Gender Wage Gap» و”التدين“ «Religiosity» في 140 دولة، ولكن اختبار الآليات المحتملة وراء العلاقة أيضًا.
كما درس الباحثون الوضع في الولايات المتحدة على وجه التحديد باستخدام بيانات من مؤسسة جالوب وتقرير وضع المرأة في الولايات. ووجدوا أن فجوة الأجور بين الجنسين تميل إلى أن تكون أكبر في البلدان الأكثر تدينًا وفي الولايات الأكثر تدينًا داخل الولايات المتحدة. ساعدت ”العقلية الجماعية“ «Collective Mentality» تجاه الجنسانية «Sexuality»، وقدرة المرأة على الوصول إلى السلطة، وتمايز الأدوار الاجتماعية بين الرجل والمرأة على تفسير هذه العلاقة.
في الدول التي قال فيها أكثر من 95٪ أو أكثر من الناس أن الدين مهم في حياتهم اليومية، مثل باكستان والفلبين، تكسب النساء حوالي 46٪ مثل الرجال. في البلدان التي قال فيها أقل من 20٪ من الناس أن الدين مهم بالنسبة لهم في الحياة اليومية، مثل السويد وإستونيا، كان متوسط النساء حوالي 75٪ من أجر الرجال.
وتقول سيتسمان: ”التأثير ينطبق على جميع ديانات العالم الرئيسية. لا يهم إذا كان معظم المؤمنين في بلد ما من اليهود أو المسيحيين أو المسلمين أو البوذيين أو الهندوس أو من أتباع الديانات الشعبية. كانت الفجوة في الأجور أكبر في البلدان التي يلعب فيها الدين دورًا رئيسيًا في الحياة اليومية ”. وأضافت:“ من المتوقع أن تتلاشى الفجوة بين الجنسين خلال 28 عامًا في أكثر الدول علمانية، مقارنة ب 109 أعوام مذهلة في أكثر الولايات تدينًا في الولايات المتحدة".
ومع ذلك، كان البحث مقيدًا بحقيقة أنه فحص البيانات الارتباطية «correlational data» فقط. لذا أجرت سيتسمان وزميلتها تجربتين لمعرفة ما إذا كانت العلاقة بين التدين وفجوة الأجور بين الجنسين علاقة سببية «causal relationship». قدمت دراستهن، التي شملت 234 فردًا، أدلة على أن الدين هو القوة الدافعة وراء فجوة الأجور. كان المشاركون أكثر عرضة لتأييد الفجوات في الأجور بين الجنسين بعد تعرضهم للغة الشركة التي تمجد الإيمان بالله والالتزام بالمبادئ القائمة على الدين.
”هذا البحث مفيد لتوثيق أن للتدين تأثير منهجي على أجور النساء“، حسب استنتاج تريسي سيتسمان، التي تضيف: ”مما يشير إلى أن الشركات يجب أن تتبع خطًا رفيعًا بين السماح بالحرية الدينية وضمان أن الحرية لا تنتهك حقوق الآخرين“.
والجدير بالذكر، أن هذه الدراسة التي جاء التقرير الحالي عنها قد نشرت بعنوان «The Hidden Cost of Prayer: Religiosity and the Gender Wage Gap» ”التكلفة الخفية للصلاة: التدين وفجوة الأجور بين الجنسين“، في موقع: Academy of Management في 27 أكتوبر 2020 [2] . وهذه ترجمة لملخص الدراسة المرفق معها «Abstract»:
”الدين مؤسسة اجتماعية بارزة تشكل الثقافات بشكل هادف. تشير النظرية السائدة إلى أنها في الأساس قوة خيرية «benevolent force» في مجالات الأعمال والتجارة، وأن الاختلافات عبر ديانات العالم تحول دون دراسة الآثار التي تنتشر عبر الأديان. نقوم بتطوير تنظير نظري يتحدى بشكل أساسي هذه الافتراضات من خلال شرح كيف ولماذا التدين، بغض النظر عن الدين البارز، يميز على أساس الجنس، مما يوسع الفجوة في الأجور بين الجنسين. مسترشدين بمراجعة متكاملة للأدبيات الدينية، نحدد ثلاثة أبعاد للتمايز بين الجنسين، المجالات الاجتماعية، والجنس، والفاعلية، التي تفسر سبب توسيع التدين لفجوة الأجور بين الجنسين. اختبرت سلسلة من الدراسات نموذجنا النظري. أظهرت دراستان القوة التنبؤية لأثر التدين على فجوة الأجور بين الجنسين عبر 140 دولة في جميع أنحاء العالم والولايات المتحدة الخمسين عبر المجالات الاجتماعية المتباينة بين الجنسين «gender-differentiated social domains»، والجنس «sexuality»، والوكالة «agency»، موضحين 37 ٪ من التباين في فجوة الأجور. أشارت البيانات الطولية الأمريكية «US longitudinal Data» إلى أن الفجوة في الأجور بين الجنسين تضيق بشكل أسرع في الدول العلمانية. علاوة على ذلك، سمحت التجارب بالاستدلال السببي «causal inference»، وكشفت أن تدخلات المساواة بين الجنسين منعت تأثير التدين على فجوة الأجور بين الجنسين. أخيرًا، تتلاقى الأدلة النظرية والتجريبية للإشارة إلى أن تأثير التدين على فجوة الأجور بين الجنسين ينطبق عبر الأديان الرئيسية في العالم.“
في الختام، رغم إني لم أوفق في الحصول على الدراسة كاملة بعد لدراستها وتقييمها، هذه النتائج والاستنتاجات تحتاج إلى دراسات مشابهة «Replicational Studies»، وبعينات أكبر عددًا وشمولًا، للأديان المختلفة، مع تعريف إجرائي «operational definition» للدين، كمفهوم «concept»، أو ك ”مجرد“ «abstract» تحت الدراسة، وكذلك إلى ”الالتزام الديني“ لمدَّعيِّ التدين.