موسم حصاد
حيث بدأت الحياة، وجدنا في فواصلها التكرار مابين مدخلاتها ومخرجاتها. حلقات لم تكن يوما فارغة، أكملها ربي بدائرة متكاملة لكنها دائرة تتضمنها العديد من الحيثيات. البدأ، الإستمرار، العطاء، المرض والعافية عند الكبار والصغار سواء. وآخرها أننا ندخل ونخرج منها وإليها. مِنْهَا خَلَقْنَٰاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ
وحين نصل إلى موسم تختلف وتتزايد فواصله عن المألوف في تفاعلنا معه من حيث التسارع وردات الفعل فذاك يكون موسم حصاد.
استوقفت هذه المحطة الكثير ليجتهدوا في الوصول لقراءة صحيحة لمشهد موسم الحصاد، أهو مكيدة أو لربما ابتلاء؟ أو قد يكون إشارة أو تنبيه لشيء ما. بين تلك الإحتمالات جميعها، تتصدر قناعتنا الموقف ”بأنه الله وحده القادر على إزالته“.
هنا يطرح التساؤل، أهذا تسليم تام أو عناد مستدام؟
فإذا كان موسم حصاد مختلف، فماذا عسانا عن أن نفهم؟ وماذا علينا أن نفعل؟
سنجد أننا نبدأ بالبحث في دواخلنا، هل هي صحيحة؟
إن كان موسم حصاد، فكيف أُحصد؟ هل أُحصد يابسا بدون فائدة أم كثمرة يانعة؟ وماذا عساي أن أُعطي؟
بعد التفكير المستمر في الأحداث المتسارعة، وجدت أن في التباعد مساحة للتأمل، ماذا أنجزت وماذا سأترك خلفي؟ في كل يوم احدث نفسي، «وماذا بَعد؟» أيقنتُ أن على كل منا أن يجد ضالته الدفينه، ففي لحظة بل برمشة عين قد نطبق الجفن، وقد لايكون هناك متسع من الوقت لذلك. يرتفع النفس، وقد لا ينزل. وحين نصل إلى هذه المحطة، حتما يجب أن يكون هناك «بَعد».
أن ننتهي من هذه الدنيا، هذا أمر مسلم به. الراحلون يختارون قبلها هل سأرحل بما لدي ولن يبقى مني شيء أم سيبقى الأثر؟ أم حتى الأثر قد يمحى؟ على الأقل، أن لم نكن أولياء صالحين نذكر لعشرات السنين، فبإمكاننا الآن ونحن نتنفس أن يكون لنا أثر يستمر إلى جيلين، فالذكر الصالح ينفع صاحبه. فمتى ما يأتي حصادي أو حصادك، اصنع مايبقي للحصاد معنى ولو بكلمة ”رحمة الله عليه، فقد كان طيبا لم يؤذي أحدا“.