آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 8:43 ص

”فلنتطعم قبل أن نُجْبَر... أو نُغْلَق“

الدكتور أحمد فتح الله *

الارتفاع الحاصل في منحنى الحالات المصابة بفيروس كورونا «كوفيد - 19» مؤخرًا في بلادنا الحبيبة مقلق، وقد يكون مؤشرًا إلى أن تطبيقات ”توكلنا“ و”تباعد“، لا ينفعان مع الكثير منا... ولا الغلق، ثم الفتح، ثم غلق ثم فتح [1] . ويبدو أننا متجهون للإغلاق التام «Total Lockdown» من جديد قبل شهر رمضان الكريم أو خلاله تحرزًا من تفاقم الوضع وتزايد الحالات بتسارع مخيف للحالات الكوفيدية وربما تحورات جديدة، لأن الانتشار المتواصل يؤدي لتحور الفيروس، كما حصل في بعض الدول، كبريطانيا مثلًا.

وبالمناسبة البارحة كنت في حديث هاتفي مع إحدى بناتي المبتعثة للدراسة في طب العيون في أمريكا وتكلمنا عن كورونا وذكرت لي التردد الحاصل في جعل أخذ اللقاح إجباريًّا، بقوةِ القانون، هناك. لكن صحوت اليوم على تغريدة وجدتها صدفة على موقع قوقل، لأنه ليس عندي حساب تويتر ولا فيسبوك، جاءت كالتالي:

«”لا يمكن أن تطأ قدمك في الحرم الجامعي بدون لقاح COVID-19...“

هذه هي الرسالة التي أعلنت عنها للتو جامعة روتجرز في نيو جيرسي.» انتهى [2] 

هل سنرى نفس الأمر في باقي الجامعات الأمريكية؟ وفي مؤسسات أخرى...؟

أو في دول أخرى، كالمملكة العربية السعودية، وطننا الحبيب؟، خاصة مع النسبة المنخفضة للحاصلين على اللقاح «حسب موقع وزارة الصحة، حسبتها أنا حوالي 10,23%» [3] ، رغم التسهيلات والإغراءات المشجعة، خاصة بعد تعرض لقاح استرازينيكا الفاعل والسليم علميًّا وطبيًّا لضربات ”سياسيَّة“ وتسويقيَّة، بعيدة كل البعد عن الأمانة العلمية.

وحسب موقع وزارة الشئون البلدية والقروية والإسكان، ووزارة الموارد البشرية، والتنمية الاجتماعية، هناك فئات مستهدفة، كالعاملين في صالونات الحلاقة والتجميل، والمطاعم، والعمالة المنزلية المؤقتة، للتحصين حفاظًا على الصحة العامة، وتحقيق الوقاية العامة للمجتمع. وهذه خطوة مهذبة وأخلاقية للإجبار على التطعيم ضد كوفيد - 19، حفظًا للبلاد والعباد.

وكما نقول في أحاديثنا، الشيء بالشيء يذكر، أنا أخذت ”الجرعة الأولى“ من لقاح استرازينيكا قبل أسبوعين من الهجمة الشرسة على هذا اللقاح، المعروف أيضًا، ب اكسفورد «Oxford»، نسبة للجامعة البريطانية التي ساهمت في إنتاجه وتوزيعه بسعر التكلفة، بلا ربحيَّة، وهذا أمر يثير غضب المنتفعين والمتاجرين بأمراض البشر، والسياسين المسيسون للأوبئة ومعاناة البشر... ولا يفوتنا ذكر ضغوط شركات السلاح والتبغ «صناعة تدخين السجاير» على الحكومات في أمريكا وأوروبا ودول أخرى. وكذلك أخذتها، «زوجتي وأم عيالي...»، وما فينا إلا السلامة وراحة البال، طبعًا مع الاستمرار في الاحترازات التي أقرتها وأكدتها وزراة الصحة، وبذات القوة، كمامات، تباعد جسدي، غسل اليدين وتعقيمهما... وتفعيل ”تباعد“ و”توكلنا“ خارج المنزل، مهما كانت المسافة والمدة، وغرض الخروج.

فتطعموا تأمنوا من كوفيد والإغلاق [4] ...

لكي ترجع الحياة لنا طبيعية، أو ما بقى منها... وننطلق للمستقبل من هناك.

دام الوطن ومن فيه، حكومة ومواطنين، ومقيمين وزائرين، بخير وسلامة.

ونسأل الله أن يرفع هذه الجائحة بلطفه عن البشرية في كل مكان من كوكب الأرض الذي كفل الله بني آدم لإعمارها لا دمارها.

[1]  في بيان لوزارة التجارة، نشرته جهينة في 27 مارس 2021م https://jhna.co77287 شددت فيه إجراءاتها الرقابية على الأسواق والمراكز التجارية بعد رصد حالات تزاحم وعدم التزام بالاجراءات الاحترازية داخل العديد منها، وأهمها الالتزام بالطاقة الاستيعابية المحددة للمتسوقين، وإلزام المتسوقين بالكمامة والتباعد الاجتماعي، وقياس الحرارة والتطهير والتعقيم. وأكدت الوزارة على أن الفرق الرقابية بالوزارة بالتنسيق مع اللجان الأمنية بإمارات المناطق، ستقوم بتطبيق العقوبات النظامية التي تصل إلى حد ”الإغلاق للمجمعات والمنشآت المخالفة“. وقد جاء في خبر جهينة: ”وحذرت وزارة الصحة من خطورة التجمعات والتزاحم وعدم التقيد بالإجراءات الاحترازية والاشتراطات الصحية المعلنة، مؤكدة أن الإهمال والتزاحم سبب ارتفاع معدل الإصابات بالمملكة خلال الأيام الماضية.“

[2]  النص الأصلي باللغة الإنجليزية:
”can’t step foot on campus without the COVID-19 vaccination...that’s the message Rutgers University, in New Jersey، just announced.
Will we see the same thing at schools across Illinois?“

[3]  حسب الموقع المذكور، تجاوز عدد الَّذين أخذوا اللقاح ثلاثة مليون وخمسمائة ألف حتى يوم 11 شعبان 1442 هـ، وقسمت الرقم على عداد سكان المملكة ما يقارب ال 35 مليون نسمة، حسب موقع الهيئة العامة للإحصاء «تحديدًا 34,218,169»، فالنسبة أقل من 11% «10,23%»، أقل من المأمول والمتوقع. طبعًا هناك عوامل لوجستية لهذا التدني، لكن لتردد الناس، ولأسبابهم الخاصة، منها الخوف، والإهمال، وعدم القناعة، والتسويف، وغير ذلك، دور وأثر كبيران في هذا الأمر.

[4]  قد يكون الإجبار، بطرق مختلفة، على أخذ اللقاح، أفضل من الدخول في العودة للإغلاق التام المكلف اقتصاديًّا للدولة والمجتمع، إضافة إلى أبعاده النفسية والاجتماعية. وهنا تحضرني المقولة: ”إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن“، فإن كانت حكمة أو حديث، فهي صادقة خاصة في الطواريء، وجائحة كورونا أصدق مصداق لمفهوم ”الطاريء“، بل أثبتت أنها ”أم الطواريء“.
تاروت - القطيف