كورونا... وحمير الطوائف..!
لا يمكن قبول أي حدث دون دلالة، لا يمكن العبور على ألم دون معنى في العقل.. أو قيمة يستبقيها في النفس، ولكوني لستُ صاحب تأويل مسبق، ولأن هذا الموضوع هو الذي يفرض علي طريقته ومنهجه وأسلوبه.. بخلاف ما أنا معتاد عليه، ويفرض علي طريقا لم يألف قلمي السير فيه.
في بداية «وباء كورونا» ظهر بغموضه وشراسته وقسوته في أستلاب الأرواح وقتل الأنفس، لم يكن الإنسان يدرك سبل دفعه عن نفسه، كان أطباء العالم في حيرة منه في بدء الأمر ثم تحولوا إلى أوائل ضحاياه..!. البئر الأولى كانت الصين، والبئر الثانية كانت إيران..! كان الموت يسلب الأرواح في الأسواق وعلى الأرصفة وتحت أجهزة التنفس اللاهثة في عبث لتستبقي ترددها في صدور المرضى بهذا الوباء اللعين..!.
حين إذ كان في إيران «عدد من المخالفين لقرار «منع السفر إليها» من المواطنين الشيعة ولم يعد الطيران المدني متاحا، وأغلقت كل الدول سماءها وأبواب مطاراتها في وجوه المغادرين والقادمين على حد سواء، هنا ظهر هؤلاء المستترون بمخالفتهم لطلب المعونة من دولتهم إذ لا أحد لهم بعد الله غيرها، تتولى أنقادهم من موت يتربص بهم في مدن خالية، ومصارف مغلقة، وشح في الموارد والطعام..!.
رأينا حينها وسمعنا «حمير الطوائف» على الشاشات تتحدث بأحاديث «التنظيم السروري» الذي يعجبك قوله في الوطنية وفي قلبه «ألذ الخصام»، وصناعة أزمة ثقة مستدامة بين الدولة وبين مكون أساسي من شعبها، بدأ حمير الطوائف بالسعي المجنون لتأليب الدولة، وجهازها الأمني ضد المنقطعين، بذريعة «غيرتهم فوق الطبيعية على وطنهم». ونتذكر أحدهم كان ينهق نهيقا منكرا «أن هؤلاء فخخوا أنفسهم بالمرض» ويجب أن يعاقبوا بأشد العقوبات.!!. ورديء الطبع إذا نطق لغا، وإذا حكم طغى..!.
الدولة برشدها وحرصها على الحال والمآل، تصرفت بعقل الدولة مخالفة «حمير الطوائف». وأعلنت «عفوا عاما عن كل من يفصح عن وجوده في إيران، وقت الوباء، وعمل الفحوصات الطبية له، ورعايته وأسرته بالكامل».. كما أنها عبر سفارة الكويت أجلت رعاياها في إيران، رغم مخالفتهم لقرار منعها وعلى نفقتها ولم تطبق عقوبات مخالفة منع السفر بحقهم جميعا.
سرعان ما ظهر للعالم أن الوباء يجتاح العالم كله، وإن العواصم كلها منيت بما منيت طهران به، وإن مساحات كبيرة من الأراضي تتسع بقبور جديدة كل يوم، وللمرة الأولى بعد الحرب العالمية الثانية، رجعت أوربا للمقابر الجماعية، وتخلى الجميع عن مراسم الدفن لإحبائهم وأبائهم وأمهاتهم، وإن الإصابة بالفيروس محتمل من كل مكان في العالم على حد سواء..!.
ذاك التأليب حينها كان أخس وأوطأ من كل المبررات. فمخالفة «منع السفر» يتكفل جهاز «أمن الدولة» بتسليم القوائم للجوازات لتطبيق العقوبة المنصوص عليها، ويتولى هو «المواضيع التي تخصه» من المغادرين إليها لغير - الزيارة الدينية - وإن جهاز أمننا الوطني على علم بأصغر الصغائر من أول الرحلة حتى العودة منها، وبالمقدار الذي لا يتصوره - حمير الطوائف -!.
الإنسان موقف، والإنسان تصنعه حقيقته دائما، وهذه الحقيقة تكمن فيه وتظهر في مواقفه وأقواله وأفعاله تجاه المختلفين معه.
هذا الموقف يجعلنا نتيقظ خشية لتكرار «السرورية الأخوانية» التي كانت تسعى لتفجير «الكراهية» وضرب الجميع بالجميع، بذريعة غيرتهم على الوطن أكثر من غيرهم وأنهم أكثر وطنية من الجميع، رغم أنهم يعتبروا عبارة وطن بذاتها شرك وبدعة وفي أنفسهم أمنية بخلافة تزيل في طريقها أول ما تزيل وطنهم من جذوره.!
لعل الحذر بات من الفرائض الواجبة من حمير الطوائف خاصة مع سياسة دس السم في العسل فهل تتيقظ قنواتنا الوطنية لهذا الوباء الطائفي الملعون الداخل علينا على عربات حمير الطوائف هذه المرة، وليست مخبئة في جرار السرورية والأربعين داعية..! الذين كان من أهدافهم القريبة الحاضرة «خلق أزمة ثقة مستدامة بين الدولة وشعبها والخطاب الطائفي هو من أدواتها وركائزها ويجب استدامة حضوره.
أود أن أثير أهتمام الجميع لخطورة الموقف وخطورة ما يحتويه إن تركناه يمر دون تدقيق في مقاصده وفهم دلالته ومآلاته
واليوم ظهر للوباء مركز تتطور كلندن وأفريقيا، فهل يكرر حمير الطوائف القول أن من يبتلى به في هذه الدول فخخ جسده بالمرض ويجب أن يترك ليموت وأهله مرضا!! او يعذب بأقصى العقوبات؟؟! أم هي مرض الطائفية هي يبررها حمير الطوائف على قنوات يفترض أن رسالتها الوحدة الوطنية.. ورعاية مصالحه العليا.