آخر تحديث: 26 / 12 / 2024م - 1:08 م

لمن يجرفون الظل.. توقفوا قليلا

أثير السادة *

ليست هذه المرة الأولى ولا الأخيرة التي تشن فيها البلدية حملة على مظلات السيارات أمام المنازل بدعوى محاربة التلوث البصري وتحسين المشهد الحضري، فالسنوات العشر الأخيرة شهدت الكثير من هذه المبادرات التي كما يبدو تنشط في الشتاء والربيع، ساعة ينسى المسئولون والناس حرارة الشمس، ويتوجهون لإفساد الظل، لجعل كل الأرجاء سواء تحت سطوة أشعة الشمس.

نفهم أن المدن والأحياء بحاجة إلى الكثير من لمسات الجمال، ونفهم كذلك أن هنالك الكثير من المظلات التي أربكت تفاصيل المكان، غير أن الذين صادقوا على تخطيط المدن والأحياء بهذا النحو، ومثلهم الذين سمحوا بهذه التكوينات العمرانية التي لا تسمح بمساحات لحماية السيارات هم أول المسئولين عن تحرك الناس باتجاه خيار ”المظلات“ لسياراتهم، لا أظن أن المخططين في البلدية يعيشون خارج هذا الكوكب، فهم يشاركوننا حرارة القيظ، التي تخطف الألوان من المباني، فضلا عن السيارات، هذه الحرارة التي تحيل خارج البيت مساحة لا تطاق للبقاء فيها ولا حتى الحركة، حرارة تزهق لها أرواح أجهزة التبريد، وأوراق الشجر، ولا يتحملها إلا هذا الكائن الذي يتمترس خلف جهاز التبريد، إما داخل المباني أو خلف مقود السيارة.

يعتقد الناس بوجود مشكلة إسمها الحرارة المرتفعة للشمس طيلة السنة، وهي مشكلة تؤثر على سلامة المركبة وعمرها الافتراضي، كما تؤثر على صحة راكبيها بسبب تضاعف الحرارة داخل المركبة محكمة الإغلاق حين تتعرض للشمس لمدة طويلة، لذلك يبحثون عن حلول عملية وناجعة، فلا يجدون إلا المظلات التي تساعد في التخفيف من حرارة الشمس، وتسمح لأجهزة التبريد بأن تمارس دورها بكثير من الراحة.. هكذا هو جواب الناس عن سؤال الصيف الطويل، فما جواب البلديات البديل.. لا يمكن أن تتحدث البلدية فقط عن أنظمة ومخالفات، كما لا يمكن أن تتحدث عن البعد الجمالي للمكان، دون الحديث عن جودة الحياة في هذا المكان، وتوافر سبل الراحة والسلامة للإنسان ومركبته ومسكنه على حد سواء.

لا يمكن أن تستمر البلديات في تصميم المدن والأحياء دون التفكير في حلول عملية لمشكلة السيارات التي تتفاقم كما ونوعا، فإذا كانت مسألة توفير وسائل النقل البديلة غير مطروحة الآن من قبل الوزارات المختصة، فالاتجاه هو للمزيد من الاستخدام الكثيف للسيارات، ومع تمكين المرأة من قيادة السيارة، أصبح العدد يتضاعف، بينما الأحياء تضيق، والمواقف بلا حلول عملية، ومازال هنالك من يخطط الأحياء الجديدة بشوارع ضيقة لا تأخذ في الاعتبار هذا الاتجاه التصاعدي.

كان الأولى بالبلدية أن تبادر هي لتقديم حلول ومبادرات بديلة، وأن لا تترك الناس يتوسلون الخيارات الأخرى، فالغرض من المظلات واضح ومفهوم وله مبرراته، كما هو الهدف المعلن من حملات البلدية المتكررة، كان بالإمكان أن تقدم ورش عمل تطويرية، تحول هذه المشكلة، إلى فرصة لإعادة النظر في الضوابط والأنظمة من جهة، وفي البحث عن حلول ابتكارية من جهة أخرى، تخرج هذه المظلات من عشوائيتها وتعدد أشكالها، باتجاه نماذج لا تعطل وظيفتها الأساس وهي الوقاية من أشعة الشمس، كما لا تخطف من الشارع روحه ومساحته أيضاً.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
ر ع
[ القطيف / القديح ]: 15 / 2 / 2021م - 1:47 ص
أحسنت

يقال أن الحاجة أم الإختراع
وهكذا هي شعوب العالم تنظر لإحتياجاتها وتنموا اختراعاتها

الشمس من أكبر النعم علينا
كان من المفترض مع وجود الشمس الحارقة فوق رؤسنا أن نكون من الشعوب المخترعة والمصدرة للطاقة الشمسية وللتكييف والمظلات والتظليل وحتى الطب لكل العالم ولكننا شعب تعود على الاستهلاك والاسترخاء وينتظر من الآخرين حل مشاكله عنه.
إلا مارحم ربي

لاننسى عبقرية القدماء ففي زمنهم كانت حتى البيوت فيها فتحات تهوئة للتبريد ومصممة بشكل يلائم البيئة المحلية وياليتهم بيننا كي يجدوا حلاً، فمن هم بيننا الآن اما عاجزين أو درسوا في جامعات اوروبا وامريكا ويريدون تطبيق هندسة الغرب في هذه البيئة الصحراوية وتحت هذه الشمس الحارقة!