آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 7:09 م

أيقونة الفنّ الخليجي

فؤاد الجشي

بعض البشر في حالة طموح مستمر، يتذوقون ألوان الحياة في جميع مراحل حياتهم، ربما لا يهتدون إلى محطة الوصول، إلّا أنهم يسارعون بالإبحار من مرفأ إلى آخر، محاولين اكتشاف المجهول أو الرؤية التي يبحثون عنها، إنها سمة طبيعية مؤجلة قسرًا في بعض حالاتها، لكنها لا تنام أبدًا، إنه شغف وشعور قوي للغاية لا تكاد السيطرة عليه.

وصفته مقدمة البرامج الأمريكية أوبرا وينفري المشهورة، إذا لم تكن تعرف ما هو شغفك، فاعلم أنّ السبب الرئيس من وجودك على الأرض هو العثور عليه، ربما نشأت بطريقة معينة تؤثر فيها عائلتك في رؤيتك ومنظورك للنجاح، لكن تذكر أنّ هذه الرؤى كانت مبنية على ظروفهم فقط، مما يستدعي بعض التمرد لمواجهة الحقيقة التي تبحث عنها، تحدّيًا للأعراف والظروف الاجتماعية المرتبطة بالجنس، سواء ذكوراً أو إناثاً، التي تقف حائرًا بين القفز على الأسوار أو البقاء ”ثقافة الامتثال“.

لكنّ هذا لا ينطبق على الفنانة الممثلة السعودية الرائعة ”إلهام علي“ التي بدأ حلمها يزداد بقوة حين استطاعت تجسيد الشخصيات بحذافيرها مع المسلسل المعروف طريق المعلمات في طريقتها الكوميدية الرائعة حيث رسمت بأدائها الشخصية الكاملة للمعلمات والظروف القاسية أثناء بعدهنّ عن الحضن العائلي، لكن لم يقتصر على هذا حين بدأ أيضًا شغفها أخذ يتجسد في الأدوار المختلفة في الحضور المتميز والقدرة على إيصال الرسالة الفنية مع مختلف اللهجات الخليجية بوضوح عالي الدقة وفقًا لما يناسب المشهد التمثيلي.

ولا شك أنّ طريقها هذا لم يكن خاليًا من المتاعب والمواقف الصعبة والمفاجآت التي غيّرت مجرى حياتها، لكنّ تأثيرها الدرامي الذي يتمتع بالجاذبية الطبيعية في الحضور الفطري والكاريزما المتميزة في تقمص الشخصيات على اختلافها بالمرونة والانسيابية والحيوية، كما يقال، أنّ المرء لا يعيش أيّ قصة مدهشة تبدل حياته إن استمر في تجاهل حدسه.

لقد أبدعت بذكاء عالٍي إقناع المشاهد في تجسيد ومحاكاة الشخصية من خلال النص المكتوب الذي يتحرك نحو الواقع مما جعله أكثر إقناعًا في الدور المميز في مسلسل العاصوف، وهو دور الفنان حين يولد أكثر من مرة في تلك المشاهد، وهو الانسلاخ الكامل عن شخصيته الأصلية ويغور في شخصية أخرى في حقبة معينة، الذي يتطلب تجاوز الحاضر إلى الماضي القريب أو البعيد، إنه إبداع هندسي يتنامى للممثل بداخله، وهذا ما اتضح رؤيته للفنانة الجميلة إلهام علي في التواصل الأدائي المبهر.

أما على الصعيد التاريخي فقد استطاعت أيضًا أن تلتهم دورها مع فريق الممثلين المبدعين في مسلسل حارة الشيخ أو مسلسل أم هارون، الذي يستدعي قراءة تاريخية للعمل قبل البدء في التصوير.

أما في فلم ”مسافة صفر“ المعروض حاليًا على نتفليكس، الفلم يمتلك زمنية معينة مختصرة في الألفية الأولى في مدينة الرياض، حول ماجد المصور الفوتوغرافي ورفيقه الذي أودع في السجن، ينطلق الفيلم بكلّ تفصيلاته، الذي يبدو من خلال تشوّش وتداخل المشاهد، كأنه وجود بشريّ مصاب بحالة هلع، يتحرك في كلّ الاتجاهات التي تحتمل النجاة، في وقت تصير فيه هذه الاتجاهات كلها طريقًا مركَّبًا ومتعددًا يذهب - بحتميته - نحو الهاوية.

لقد أصبحت شخصية قوية بديهية اكتسبت شهرة عربية حتى أصبحت أيقونة الساحة الفنية في السعودية والخليج في زمن قياسي من الذين حققوا التميز والتفوق يتصفون بصفة الإصرار على تحقيق النجاح.

إنها الفنانة السعودية الجميلة، إلهام علي .