إزالة مظلات السيارات لمنفعة من؟
أصبح شائعاً في معظم المدن السعودية أن تقام مظلات ثابتة في المواقف المكشوفة سوى كان ذلك في الدوائر الحكومية أو في المنشآت الخاصة وذلك للتقليل من أثر حرارة الشمس العالية على السيارات الواقفة في اهذه المواقف العارية من أي سقف. وقد أصبح من الاعتيادي أن توضع هذه المظلات ضمن مكملات أي مبنى جديد لا تتسع فيه المواقف المغلقة لسيارات العاملين، بل أن مثل هذه المظلات صارت تقام حتى في مواقف سيارات المراجعين أو المتسوقين وفي المواقع المؤقتة أيضاًً، لما في ذلك من راحة للناس خاصة الموظفين الذين يتركون سياراتهم واقفة خلال ساعات العمل في مواقف مكشوفة. ولم نسمع عن أعتراض أي جهة رسمية على ذلك وبالأخص من البلدية. ولكن في هذه الأيام تنفذ بلدية القطيف حملة إزاله المظلات من أمام البيوت التي نصبها أصحاب البيوت لخلق أماكن مظللة يركنون فيها سياراتهم، تحت ذريعة أن هذه المظلات تسبب تشوه بصري للمدينة أو للشارع الذي نصبت فيه.
اختار المواطنون الذين لا يملكون مرآباً «كراجاً» داخل بيوتهم، أو أنه لا يكفي لجميع سياراتهم إذا كان أصحاب البيت يملكون أكثر من واحدة، تركيب هذه المظلات كبديل عن عدم توفر المساحة الكافية لكراجات داخلية ومغطاة تستوعب كل سياراتهم، خاصة أنه بعد السماح للمرأة بالسياقة ازدادت أعداد السيارات للأسر التي بها أكثر من امرأة لديها سيارتها الخاصة بها. وحتى قبل ذلك كان الناس ينصبون مثل هذه المظلات لتضليل سياراتهم التي تبقى واقفة خارج المنزل ليلاً ونهاراً عرضة للشمس الحارة وخاصة في فصل الصيف الطويل، فليس من مفر أمامهم لتقليل حرارة سياراتهم إلا بوضع ساتر يغطيها ويخفف من لهيب الشمس الذي يجعلها كافران مشتعلة يصعب تبريدها في مشوار قصير كالذهاب من البيت الى المسجد لأداة صلاة الظهر على سبيل المثال. ولنا أن نتخيل كيف يصل سائق هذه السيارة «الفرن» للمسجد بعد أن أمضى بعض الوقت داخله،! وكم من الوقود استهلك في محاولة تبريد السيارة؟.
لم يصرف المواطنون أموالهم عبثاً حينما أقاموا هذه المظلات أمام بيوتهم مثبتين أعمدتها في نطاق ارض المنزل، فهي ليست مبنية في ارض عامة كالشوارع والطرقات، وأنما فقط المظلة التي تغطي السيارة هي الممتدة في مكان عام، كما أن طريقة تركيبها لا تتسبب في أي عرقلة مرورية أو ما شابه لذلك، فالحاجة لها كبيرة ومنافعها كثيرة.
هذه المظلات عرضة لأجوائنا الحارة والرياح الشديدة، وبعضها لا يحتمل كل ذلك بعد مضي بعض الوقت عليها، فتتلف، وتتمزق خاصة تلك المصنوعة من مواد غير قوية أو مقاومة لهذه الأجواء. ولكن بالمقابل هناك نوعيات مصنوعة من مواد تبقيها مقاومة لفترات طويلة ولا تتعرض لأي تلف يشوهها، أو يجعلها عديمة الجدوى. فلو كان قرار الإزالة للتآلف من المظلات التي يتركها أصحابها دون صيانة لكان الأمر مفهوما حينما نتكلم عن تشويه المنظر العام. وهذا ما يجعلني غير قادر على استيعاب هذا القرار! وما إذا كان من أتخد قرار الإزالة وضع في حسبانه كل هذه الجوانب؟.
ثم لو قبلنا بمسألة التشوه هذه، ألا يمكن أن يكون هناك بديلاً مقبولاً عنها؟ بمعنى هل جرب مهندسو البلدية تقديم نموذجاً «مثالياً» يكون بديلاً عن هذه المظلات ”مسببات التشوه البصري“، بدلاً من إزالتها وترك سيارات الناس مكشوفة دون سقف يضللها. حينها سيكون الأمر شبه مقنعاً وفي نفس الوقت وضع الناس أمام خيار جديد وعليهم تقبله كأمر واقع، أما أن تزال المظلات دون حل بديل وما على الناس إلا القبول بذلك، فهذا أمر غير مفهوم، ومبرراته أن وجدت ليس فيها مراعاة لمصالح الناس ولا لراحتهم، ولا للتقليل من انبعاثات السيارات التي يزيد فيها استهلاك الوقود خلال الصيف، بسبب تشغيل مكيف السيارة طوال وقت تشغيلها.
لا زال هناك ثلاثة شهور قبل أن تطبق علينا درجات الحرارة العالية، وهي فترة كافية لمراجعة هذا الإجراء الذي تسبب في خسارة المواطنين للأموال التي صرفوها على إقامة هذه المظلات التي أزُيلت بتركترات ورافعات البلدية لأمر لا يبدو متناسق منطقياً ويشوبه الضعف، ولا يتسق مع توجه الدولة الهادف نحو تحسين مستوى الحياة في كافة مناطق المملكة، فهل يتكرم مشكوراً من أتخذ قرار الإزالة أن يقدم للناس البديل المناسب الذي لن يتضرر منه أحد، ولن يتسبب في أي تشوه بصري يوثر على المنظر العام لمدن وطننا الحبيب؟