آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 10:22 م

اختلاف الرؤى

علوي محمد الخضراوي

نجد الكثير من التصرفات والأفعال الذي يرفضها القلب قبل العقل والعقل قبل القلب من بعض الأصحاب والأقارب والجيران والزوجات والأبناء والسبب يعود لاختلاف مستوى الفهم والإدراك لمفهوم اختلاف الرؤى، سيتم التوضيح للقارئ من خلال عرض الأمثلة لكي لا يتشتت فكره وتصل المعلومة سليمة إلى ذهنه .

بعض التصرفات الذي يرفضها العقل قبل القلب

عندما نرى البعض يتدخل فيما لا يعنيه أو يحاول ينقل الكلام من هنا لهناك أو يتدخل بأسلوب ناصح ظاهره وباطنه أقرب لعملية التجسس ودس السم في العسل .

وبغض النظر عن مستوى العلاقة التي بينهما فإن العقل يرفض هذا التصرف رفضاً تاماً دون استخدام عاطفة القلب من خلال العلاقة التي تجمعهما وللأسف الشديد يرى البعض منهم على أن هذه الأمور عادية وإنما مجرد اختلاف رؤى لا أكثر والأمر هنا ليس لوحة فنية تعرض على فنانين لتقييم مستوى الرسمة وآلية استخدام الألوان وفرشها وغيرها التي تختص بدائرة اللوحة الفنية وزواياها لكي نقول بأن الأمر له زوايا مختلفة من الأداء وذو مرونة عالية وإنما الذي سبق ذكره من تدخل ونقل الكلام وما يشابه أمرٌ مرفوض شرعاً وعقلاً وقلباً وعرفاً ولا يندرج تحت مفهوم «اختلاف الرؤى» وسنتطرق لمفهوم اختلاف الرؤى بعد عرض المثال الذي يليه .

المثال التالي: بعض التصرفات الذي يرفضها القلب قبل العقل وإن كان الفعل من ناحية العقل سليماً عند حدوده ومرفوضاً قلباً بلغة الحب الصادقة إلا أن الأمرين صحيحين لكل منهما زوايا مختلفة في محتواهما.

ومثال على ذلك رفض الأب رفضاً تاماً بأن ابنه يمارس عملية صيد الأسماك خوفاً من انزلاقه في البحر أو إصابته بضربة شمس أو بنزلة برد وخصوصا عندما يكون الابن قاصراً لا يعرف مصلحة نفسه.

هنا الأمر يحتوي على بعدين:

البعد الأول :  استخدام عاطفة الأب القلبية قبل العقل والمحرك الأول الخوف والعاطفة والحب الذي يقود العلاقة بينهما وهنا الأمر سليمًا وصحيحاً لمواكبته مع الفطرة السليمة..

البعد الثاني: خلاف عاطفة الأب في الفعل ذاته عندما يقوم الأبن بصيد الأسماك هل تصرفه مقبولاً أم لا، بلا شك الفعل مقبولاً بذاته تحت ظل العوامل الثابتة وحقوق الوالدين وقس على ذلك الكثير من الأمثلة...

مفهوم اختلاف الرؤى: هو اختلاف الآراء بين الأطراف لاختلاف الثقافة ومستوى الإدراك والفهم والعرف والتربية وهذا أمر طبيعي في حدود احترام وجهات النظر لبعض البشر بشرط أن يكون الاختلاف مقيد بالقيم والمبادئ والأخلاق بعيداً عن التجريح والتهجم والتسقيط...

ومن هنا تتضح لنا الصورة كاملة بأن الأمر صحي للغاية ولا يمس الشخص بذاته ولا يقلل من شأنه عندما تتعارض أفكاره مع الطرف الآخر وربما هذا الاختلاف يولد أفكار جديدة يستفاد منها الطرفين في مختلف المجالات.

كما ورد في الحديث «اختلاف أمتي رحمة»

هنا الاختلاف في الأمر المباح وليس في الثوابت والمسلمات.

البعض يرى إطعام الفقراء أفضل من صلاة الليل ،والبعض صلة الرحم أفضل من قراءة كتاب الله إذا اقترن العمل بقاعدة التزاحم أو ما اقترن بها، فالعمل حسن ورحمة في كل الحالات طالما لا يتعارض مع الواجبات والمحرمات.

وأيضاً في حياتنا اليومية والعملية على مستوى الصعيد الخارجي والمجتمعي إذن في هذا الإطار اختلاف الرؤى لا يفسد في الود قضية تحت ظل الثوابت والقيم الإنسانية والمبادئ الاخلاقية التي تحفظ حقوق الآخرين.