آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

إذا تُركتْ الام أو انفصل الزوجان

سلمان العنكي

لاستمرار الحياة الزوجية علينا التعامل بمعروف واحسان والالتزام بالتوجيهات والضوابط الشرعية تتميز هذه بروابط إنسانية مقدسة أُنشئت لتكوين اسرة ”الذرية الصالحة - بإرادته تعالى“ هو الاصل فيها وما يسعى له الزوجان. عادة الشركة تُؤسس بين شخصين حقيقيين أو شخصيتين اعتباريتين أو أكثر هنا الشراكة بين رجل وامرأة مع الفوارق واختلاف الاهداف بين هذه وتلك.

وقوع الخلافات حاصل ”إلا ما ندر“ يُحل بعضها ودياً ويتطور الاخر احياناً الى حرب نارها نمرودية تسعر لا هوادة فيها تبقى لسنوات دون حل أو تُفض متمخضة عن نتائج وخيمة هي اسوأ بكثير في الاسرة منها في الشراكة المادية التي يمكن تعويض ما نقص منها ونسيانها ولا تبعات لها الاسرية المنجبة لولد أو اكثر اذا كان الانفصال بشدة عداوة منهما يصعُب اصلاح حال الاولاد في الغالب.

يصل النزاع بين الطرفين الى المساومة والتضحية بترك احد الابوين اوكلاهما لأولادهم. قد يُعذر الاب في بعض مواقفه المتشددة لسوء معاملة الام ”مع انها المضحية الاولى الا انه“ لجهلها او بغية الانتقام من زوجها تسبب لهم ضرراً ”ربما من حيث لا تعلم“ تقوم بتعبئة افكارهم ضد أبيهم الى حد الكراهية والاحتقار والتشهير به والاساءة الى سمعته والطعن في سلوكه بغياً وبهتاناً ومنعه من رؤيتهم فيزداد غضباً. وفي حالات الاب هو مصدر القسوة والقلق ومن يُؤسس للقطيعة من خلال معاملته السلبية مع الام وتعامله بقسوة مع الاولاد بحجج واهية يختلقها ليُغطي فشله الاجتماعي والعملي أو هو سيء الخلق ولا معرفة له بالتربية والنتيجة حرمانهم من الرعاية او فقدان الحنان او من الاثنين وهي أُولى خطوات الضياع لا يجدون راعياً ولا منفقاً أو عاطفاً ”في مجتمعنا من تُرِك وعاش مع اسرة لا تمت له بصلة ولا حتى من بعيد انما آووه احساناً“ من أيام تحدث معي مسؤول من منسوبي احدى المدارس في محافظة القطيف مضمون ما قاله ”عندهم طلاب في المدرسة يحتاجون رعاية منزلية ومتابعة مدرسية لكننا“ والقول له ”عجزنا ان نجد من يتجاوب معنا بعضهم إما مُطَلَق الام او أبوه متزوج من ثانية وفي الحالتين لا من سائلٍ عنه نحن في حيرة نريد ان نهتدي الى طريقة تشاركنا حل هذه القضايا وللأسف لازالت الابواب مغلقة في وجوهنا ما هو السبيل وكيف لا نعلم؟ انتهى قوله“.

الولد ”اعني به الجنسين“ إذا تُرك دون رقابة وتوجيه تحول الى قنبلة موقوتة لا يُعلم متى تنفجر وتدمر المجتمع واهونها واقلها خطراً السرقة لذا يلزمنا البحث عن حلول لهم من الصغر قبل استفحال الامر ضررهم يعم الجميع وبداية العلاج من الآباء لزاماً والامهات إن امكن عليهم المبادرة في انهاء هذه المعاناة وأن لا يتخذا الانفصال او الزواج من ثانية سبباً في التخلي عنهم ونسيانهم مهما تعددت الاسباب وليعلما ان تركهم يؤذي بإرسالهم لملاجئ الايواء ”دار الحضانة او دور الملاحظة“ أو يرتكبون جرائم ويساقون الى السجن وفي هذه الحالة يبتعد الولد عن والديه وارحامه ومجتمعه وفطرته اكثر واكثر وعلى مر السنين يضيع نسبه ولا يعرف مبدأه واصول دينه الصحيحة ومعتقده وغير مستبعد انتقامه من اقرب الناس اليه لشعوره بالحرمان من حقوقه التي لا تعوض الحنان والعطف والعيش وسط اسرة بكرامة مَن المتسبب في هذا كله؟ هما الوالدان او احدهما.

ايضا على المجتمع استيعاب هؤلاء وفق معاملة استثنائية لا تهميشيه واحتقارية ربما مَن يقول هذه مسؤولية الاب كلام صحيح صائب لكنه مفقود افتراضاً لو اندلع حريق في بيت جارك ولم يكن موجوداً تتركه حتى يصل الى بيتك ويحرقه ام تحاول اطفاءه؟ ما أشبه هذا بذاك القصد التوجيه بالمعروف والنهي عما يُنكر إن وُجد الى ذلك سبيلاً.

بالنسبة للمدرسة تشكر على جهودها التعليمية التربوية ولكن عليها ان تتواصل مع الاقرب اعمام اخوال ارحام واصدقاء العائلة متى امكن أو تحاول عرض حالاتهم على صناع القرار في وزارة التعليم والعمل بتوجيهاتهم وأن توسع صلاحية مجلس الاباء إذا كان ممكناً ليكون لأعضائه دور في حلحلة بعض هذه المشاكل ولو نسبياً وفي حالة فشل كل المحاولات هناك جهات رسمية معنية بأمرهم ”وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية“ وان كنا لا نتمنى وصولهم اليها. اوجه نداءً الى كل اب وام ان ينسوا او يتناسوا ولو بعض الخلافات التي تكفي الى لملمة شمل مَن ضاع من اولادهم أو ابعدته الظروف قبل ان يُفجعوا بسماع ما يكرهون وهم غافلون ولا تفيد انتباهتهم المتأخرة في اصلاح ما فسد وكلمة ليت لن يكن في مقدورها نصب المبتدأ وقد ضيعت الخبر.