41 بين التشاؤم والتفاؤل
خفض جناحيك لا تهزأ بعاصفة
طوى لها النسر كشحيه فلم يطر
هكذا عبر الجواهري العظيم عن عدم التهاون بالأزمات،، وهكذا بدأت أزمة كورونا بهدوء ثم غدت عاصفة جامحة اجتاحت في طريقها كل البلدان لا تبق ولا تذر.
تطل علينا بعد أيام سنة 2021، والتي اسميتها تجاوزا عام 41 جمعا لنصفيها، واللذان حينما اجتمعا في العام الماضي حل على العباد والبلاد مالم يحل عليها منذ طوفان نوح .
هل نسعد أم نضجر، هل نفرح أم نحزن بقدوم العام الجديد، هذا هو السؤال الأبرز الذي يدور بخلد كل من نجا من جحيم العام الماضي بارهاصاته الصحية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ففي المجال الصحي كانت اعداد المصابين في النشرات الرسمية في تزايد يوما بعد يوم منذ بدء الأزمة في الثامن من مارس التاريخ الذي خلده كورونا، وتتزايد معه التحذيرات بالحجر والحظر والمنع وغيرها من التشديدات التي توالت كخطوات احترازية.
وعلى صعيد العامل النفسي، فقد اخذ الحظر مأخذه في ارهاق كاهل العوائل التي لم تعتد ان ترى اجتماعا لها الا في يوم عطلة نهاية الأسبوع، وفجاة وبدون مقدمات اذا هي حبيسة بيوت وغرف لايتعدى مساحتها في كثير من الاحيان مساحة سرير النوم ودولاب الملابس، ليدخل الأزواج مع زوجاتهن في معارك والأولاد مع اخواتهن في سجالات تنتهي في غالب الأحيان بالغضب والانفجار ولكن لا فرار من الدار.
وعلى الصعيد الاقتصادي، دخل العالم برمته في تكاليف باهظة وطارئة في سبيل مقاومة هذه الجائحة التي لم يسبق لها مثيل في شراستها وسرعة انتشارها، فاخذت المؤساسات الحكومية والمسؤلين وافراد المجتمع الواعين في مساعدة الناس المتضررين وتوفير الاحتياجات اللازمة لهم ما وسع الجهد.
فقد تضرر الكثير من جراء الغلق وفقد بعضهم عمله ومصدر رزقه او دخل في قروض ومديونيات ارهقت كاهله وجعلت من طموحه رهنا لسدادها.
وعلى الصعيد الاجتماعي فقد اختفت الكثير من المظاهر السائدة كالتجمعات في الأفراح والاتراح، وصار الشيء محكوما بالعدد والوقت وبالتزامات وتعليمات صارمة، فصار عطر الناس المعقمات وستارهم الكمامات، ودثارهم القفازات، حتى اصبح الواحد وكأنه رائد فضاء عندما يذهب ليتبضع من الاسواق لكثرة ما يلبس ويضع من الاحترازات.
نعم اختفت تلك التجمعات اليومية والدورية وحتى صلة القربى تلاشت واضحت خلف وسائل التواصل الاجتماعية ما امكن، مما ولد جيلا سيشب على السلام والحديث والخطاب والتواصل عن بعد.
وعلى الصعيد الثقافي والفني فقد توقفت الحفلات والندوات والأمسيات الثقافية لفترة ليست باليسيرة، حتى عادت فيما بعد عبر وسائل التواصل كالزوم والانستجرام وغيرها، الا انها فقدت بريقها ورونقها حيث كان حضور الجمهور يضفي عليها نكهة من التفاعل، ولذة من التواصل يجعلها منبرا للتنفيس والتنفس.
في العام 2020 فقدنا الكثير من الأحبة، نسأل الله لهم الرحمة والمغفرة، وربما اختفت بعض البيوتات نتيجة رحيل الأب والأم دفعة واحدة، فقدنا نكهة الفرح فبين حظر منزلي وحجر صحي اصبح الخوف هو الهاجس الأكثر حضورا على شفاه ذبلت وقلوب نضبت ونفوس تحطمت فلا دعاء ولا رجاء الا رحمة رب العالمين.
اما عن العام 41 أو 2021 فلا اعتقد الا انه كما قال بشار بن برد:
نرجو غدا، وغد كحاملة
في الحي لا يدرون ما تلد