إِمْرَأَة تُسْقِطُ دَوْلَةْ
إِمْرَأَة تُسْقِطُ دَوْلَةْ
"هُوَ مَنْ أَتَى بِالهَاشِمِيَّةِ زَيْنَبٌ **** لِتَدُكَ عَرْشَ الظَّالِمِيْنَ وَمَنْ عُمُوْا"
(1)
كَرْبَلاءْ...آهٍ وآهٍ مِنْ كَرْبَلاءْ...
وكُلُّ الآهاتِ لا تَكْفِي
بعد مُحَمَّدْ...هَيَاجٌ ورَدَّاتْ...
حُرُوبٌ...وصِرَاعَاتْ
خُلَفَاءٌ ثلاثةْ...بِمَوتَاتٍ دَمَويَّةْ
في ثورةٍ واغْتِيَالَات
والأُمَّةُ وَلَيْدَةٌ حَدِيْثَةْ...
فيها العراقُ أَرْضٌ إسَلَامِيَّة...
-كَمْكَةَ والمدِينَةْ-
وفِيْهَا كَرْبَلَاءْ...
بُقْعَةٌ تفرَّدَتْ بِأَبْشعِ جَريْمَةْ...
في العِتْرَةُ الشريفةْ
تَذَكَّرَتْ المَلَائِكَةُ مَقولَتَها...
في "الإنْسَانِ الخَلِيفَةْ"...
واللهُ يَعْلُمُ مَا لا يَعْلَمُونْ
(2)
لَكن للتَارِيخِ وحَوَاءْ...
للإنْسَانِ والحَقِيقَةْ...
مَآثرُ "القِيَامِ" النَّجِيْبَةْ...
ومقاصدُ النهضةِ العظيمَةْ...
ومَضَامِينُ التَّضْحِيَّةْ...
ومَخَازِي الفَجِيِعَةْ...
تَقِفُ كُلُّهَا عِنْدَ إمرأةٍ حَظِيَّةْ...
إمرأةٌ بألفِ قِبِيْلَةْ
سَيَّدَةٌ عَرَبيَّةْ...
قُرَشيَّةْ...
هَاشِمِيَّةْ...
عَلَوِيَّةْ
عِنْدَها "مَلَفُّ القَضَيَّةْ"...
رَفِيقَةُ الحُسَينِ فِي "الْخُرُوجْ"...
وشَرِيكَتُهُ فِي المُصِيْبَةْ
(3)
بَعْدَ ذَبْحِ كُلِّ الرِّجَالْ...
وَرُغْمَ مَنَاظِرِ الرَّقْصِ عَلى الأشْلَاءْ...
وَصَخَبِ أَغَانِي المَوْتِ الأَحْمَرْ...
وتَرَانِيمِ الحِقْدِ الأسْوَدْ...
والنَّصرِ السِّقطِ المُشَوَّهْ...لِبَنِي أُمَيَّةْ...
انْتَفَضَتْ شِبْلُ حَيْدرَةْ
جَمَعَتْ مَشَاعِرَها المُتَنَاثِرَةْ...
بَيْنَ أَشْلَاءِ الأحِبَّةِ الطَّاهِرَةْ
لَمْلَمَتْ نَفْسَها المُبَعْثَرَةْ...
بَيْنِ الطَّفِّ والكُوفَةْ...
والمَدَينَةِ المنَورَةْ
نَفْسٌ...مَا مَزَّقَتْهَا سِيُوفُ ابن سَعْدْ...
ولا سِهَامُ حَرْمَلَةْ
مَا دَمَّرَها بُرْكَانُ الغَضَبْ...
ولا هَزَّتْهَا زَلَازِلُ النَّائِبَاتِ المُتَتَابِعَةْ
اِنْتَصَبَتْ قَائِمَةْ...
دَخَلَتْ خَيْمَتَها المـَحْرُوقَةْ
لا سَقفٌ فيها... لا وَتَدْ
لا جِدَارٌ... لا عَمَدْ
غَسَلَتْ وَجْهَهَا بِدِمُوعِ الأَيْتَامْ...
فَاطِمةٍ وَحَمِيدَةْ
مَشَّطَتْ شَعْرَها بِمِشْطِ الرَّضِيْعْ...
وَفُرْشاةِ سُكَيْنَةْ
دُهَانُها كَانَ مِن نُفْسِ شَبِيهِ النَّبِيّ السَّائلَةْ
اِبْنِ لَيْلَى الثَّقَفِيَّة...أُمُّهَا أُمَويَّةْ
وَتَعَطَّرتْ بِمَا بَقَى مِنْ زَفَّةِ الشُّبَانِ البَهِيَّةْ
تَيَمْمَتْ...وَمِيَاهُ الفُراتِ قَرِيبَةْ...
(المَاءُ المبَاحُ محظورٌ عَلَى "آل النبيّ")
(بِأَمْرِ "أمِيرِ الكُوفةْ"... ورِضَا "الخَلِيْفَةْ")
تَخَمَرَّتْ...
صَلَّتْ رَكْعَتَيْنْ...
دَعَتْ فِيْها...وَبَعْدَها...لِلْحُسَيْنْ...
وَأنْصَارِه الْقَتْلَى...في حَضْرِتهِ الشَّرِيفَةْ...
فِدَاءً لِـ "السِّبْطْ" و"الرَّيْحَانَةْ
تَقَنَّعَتْ بِقِنَاعِ أُمِّهَا المَكَلُومَةْ...
لِتَؤَجْلَ العَزَاءْ...والتَّعْزِيَّةْ
(4)
خَرَجَتْ مِن الخَيْمَةْ...
مُنْتَصِبَةَ القَامَةْ...
هَامَتُها رَفِيعَةْ...
شُمُوخُها...يَا لَهُ مِنْ شُمُوخْ!...
سُمُوقٌ يُلَامِسُ سَقَفَ فَضَاءِ الدُّنْيَا الكَئِيبَةْ
مَشَتْ خُطُوَاتْ...
فِي تُؤْدَةٍ وَثَبَاتْ...
كَأَنَّها أَسْدٌ مُتَوَثِّبٌ لِفَرِيْسَةْ
أَيْقَظَتْ "لواءَ" المَعْرَكَةِ النَّائِمْ...
عَلى جِراحِهِ العَمِيقَةْ...
مَسَحَتْ مَا عَلَاهُ مِنْ غُبَارِ الهَمَجِيَّةْ...
أَزَالَتْ عَنْهُ مَا دَنَّسَهُ مِنْ أَدْرَانِ الجَاهِلِيَّةْ...
أَجْلَتْ لُمْعَتَهُ
حَمَلَتْهُ...
هَزَّتْهُ...
نَشَرَتْهُ....
رَفَعَتْهُ عَالِيًّا...في السِّمَاءِ الحَزِينَةْ...
مُعْلِنَةً اسْتِمْرَارَ "الخُرُوْجِ" بِقَائِدٍ آخَرْ...
كَانَ الثَّانِي في القِيَّادَةْ...
مَا قَادَهُ أَثْنَاءَ "الخُرُوْجِ" غَيْرُ الإِمَامْ...
لَا "وَلِيٌّ"...لَا "وَكِيْلْ"
كَانَ الْمُسْتَشَارُ والكَفِيْلْ...
قائدٌ يَحْمِلُ ذَاتَ الهَوِيَّةْ...
الإيمَانَ بِذَاتِ القَضِيَّةْ...
وَبِرُتْبَةِ "عَقِيْلَةْ"
(5)
جَمَعَتْ اليَتَامَى المَدْهُوشَةْ...
حَضَنَتْ الأَرَامِلِ المَنْكُوبَةْ...
ضَمَّتْ الثَّكَالَى المَفْجُوعَةْ...
صَبَّرَتْ الصَّبْرَ وَالْبَقِيَّةْ...
وَتَسَلَّحَتْ بِالْمَعَانِي الحَمِيْدَةْ
سَارَتْ بِجَيْشٍ فُرْسَانُهُ نِسَاءْ...
رَجَّالَتُهُ أَطْفَالْ...
نَبَّالتُهُ طَيْرُ أَبَابِيْلْ...
تَرْمِي سِهَامًا قُرْآنِيَّةْ...
وَحُمَمًا حَيْدَرِيَّةْ
غَزَتْ كُوْفَةَ الْغَدْرِ والخِيَانَة...
حَاصَرَتْ شَامَ الْأَمَوِيِّ الدَّاهِيَّةْ...
مَرْكِزِ الْـمُؤامَرَاتِ الشَّنِيْعَةْ
تَكَلَّمَتْ...نَثَرَتْ "عَقَائِلَ الْكَلَامْ"...
خَطَبَتْ خُطَبًا بَلِيْغَةْ...
تَنْسَابُ كَتَرْتِيْلِ الْقُرْآنْ...
فِي الإنْذَارِ وَالوَعِيدْ...
كَبَيَانَاتِ عَلِيّ فِي التَّقْرِيعِ والنَّصِيحَةْ...
كَأَنَّهَا تَقْرَأُ مِنْ "نِهْجِ الْبَلَاغَةْ"
أبَانَتْ الحَقِيِقَةْ...
كَشَفَتْ شَنَاعَةَ الْجَرِيِمَةْ...
فَضَحَتْ قِدَمَ الضَّغِينَةْ...
صَحَّتْ ضَمَائرَ المُتَخَاذِلِينْ...
جَسَّرَتْ قُلْوبَ المُسْتَضْعَفِينْ...
كَسَّرَتْ قِيُودَ المُسْتَعَبَدِينْ...
فَتَوَالَتْ "الثَّوْرَاتُ" ضِدَ الْأَمَوِيِّينْ...
حَتَّى انْهارَ بَيْتُ العَنْكَبُوتْ
سَقَطَتْ دَولَةْ...
حِيْنَ قَامَتْ إمْرَأَةْ...
عَقِيلةُ الهَاشميَّاتْ
شَيْخَةٌ ثَكْلَى...عَزْلَاءْ...
إلَّا مِنْ عَزِيْمَةٍ وإبَاءْ...
قَلَّدَهَا التَّارِيخُ رُتْبَةً جَدِيْدَةْ:
"عَمِيَدَةُ الـمُنَاضِلَاتْ"...زَيْنَبْ