رحيل الشخصية الوطنية البارزة إسحاق الشيخ يعقوب
غيب الموت الذي لا مفر منه الشخصية الوطنية والثقافية البارزة في بلادنا، وصديق العمر ورفيق الدرب الطويل الأستاذ إسحاق الشيخ يعقوب «أبو سامر» عن عمر ناهز التسعين إثر معاناة طويلة مع المرض لازمه في السنوات الأخيرة.
تعود معرفتي بالراحل الكبير إلى حوالي نصف قرن، حيث تعرفت عليه لأول مرة وهو في المنفى خارج المملكة في عام 1971، عندما كنت في الثامنة عشر من العمر، ومنذ ذلك الحين استمرت علاقاتنا حتى بعد عودته إلى أرض الوطن في عام 1975، وقد جمعتنا محنة مشتركة في عام 1982، وحافظت على صلتي القوية به، رغم الانقطاعات نتيجة انتقاله للسكن مع زوجته وعائلته في دولة البحرين الشقيقة.
وعلى رغم وجود بعض التباينات والقراءات والتقييمات المختلفة بيننا أحيانا إزاء بعض القضايا، غير ان ذلك لم يفسد للود قضية كما يقال، وذلك انطلاقا من فهم مشترك بأن تعدد قراءات الواقع المتغير هو ضرورة الحاضر والمستقبل.
لقد كان منزله في الخبر أو في البحرين بمثابة منزل ثاني لي. حيث جمعتنا ذكريات حميمة ومشتركات وطنية وفكرية وأمال وتطلعات مشتركة نحو مستقبل بهي لشعبنا ووطننا وللشعوب العربية وشعوب العالم بأسره.
أتسم الفقيد الراحل بحسن الضيافة والكرم والشجاعة الأدبية من جهة، وعمق الثقافة والمعرفة الحديثة، كما أغترف من قاعدة ثقافية تقليدية أستمدها من والده رجل الدين المعروف في مدينة الجبيل الشيخ يعقوب حيث ولد فقيدنا الراحل من جهة أخرى.
ينتمي الفقيد الراحل إلى عائلة مهمومة بالشأن الوطني والثقافي والإعلامي في بلادنا نذكر من بينهم شقيقاه يوسف الشيخ يعقوب، وأحمد الشيخ يعقوب اللذان لعبا دور مهما في تأسيس وتحرير بعض الصحف في المنطقة الشرقية في فترة الخمسينات من القرن المنصرم، كما ان زوجته نعيمة المرهون «أم سامر» من الناشطات البارزات في دولة البحرين.
إلى جانب التزامه الوطني وانتماءه الفكري اليساري الذي حافظ عليه طيلة حياته، تنوعت اهتمامات رفيقنا الراحل حيث أصدر ما يقارب 20 كتابا حول قضايا وهموم وطنية وثقافية وفكرية واجتماعية، وقد استمر في الكتابة رغم مرضه حتى أقعده المرض تماما في الشهور الأخير.
أعزي نفسي وعائلته العزيزة، زوجته وبناته وأولاده، وجميع اصدقاءه ورفاقه في داخل المملكة وخارجها. وستظل ذكراه العطرة عميقة في الوجدان والذاكرة الوطنية كأسلافه البررة من الرواد والشخصيات الوطنية والتنويرية.