آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 4:07 م

القصصية والقصر والرمز أهم ما يميز مجموعة ”نزف من تحت الرمال“ للسعودي حسن البطران

جهات الإخبارية نادية الكيلانيً - مصر

كما أن الإيقاع عنصر فارق في الشِّعر، تكون الحكائيّة عنصرًا مهما في القصة طالتْ أم قصرت.

فإذا نظرنا لمصطلح «القِصَّة القصيرة جدًّا» فلابد أن ننظر في طبيعة النصوص نفسها، هل يتوفر فيها عنصر الحكائية أم لا.

ومن تنوع هذا اللون الذي يعتبر جديدا ولا يزال تحت الأخذ والرد وواقع بين سندان القبول ومطرقة الرفض، قد يطلق عليه البعض مصطلح ”قَصِيْصَة“، في مقابل "قصيدة، من تماهي الفرق بينها وبين قصيدة النثر التي لو جردتها من الايقاع التفعيلي لها ستكتشف ماذا؟!

سنجد أن بعض النصوص الشِّعريّة الحديثة «من شِعر تفعيلة، فضلاً عن قصائد نثر»، لو جُرّدت من الإيقاع، لتحوّلت إلى قِصص قصيرة جِدًّا، كما أن بعض القِصص القصيرة جِدًّا لو زوّدت بلمسات إيقاعيّة، لجاء بعضها شعرا.

قال أبو حيان التوحيدى في ”الإمتاع والمؤانسة“ «الليلة الخامسة والعشرين»:

”أحسن الكلام ما... قامت صورته بين نَظْمٍ كأنه نثر، ونثرٍ كأنه نظم...“

فلكي نقول قِصّة قصيرة جِدًّا لابد من توافر شيئين: «القصصيّة» و«القِصَر».

والقصصية هي الأهمّ في إكساب هذا الشكل الكتابيّ هويّته الأُمّ.

وهاتان خصلتان لا تستقلّ بهما القِصّة القصيرة جِدًّا.

فنحن لا نجد القصصية في القصة القصيرة جدا، وهي شكل جديد متمرد على القصة كما أن قصيدة النثر شكل جديد متمرد على النص الشعري، ولكنهما أعمال فنية بامتياز وتظل الإشكاليّة في المصطلح، فهل يضير الناثر في كليهما التسمية مادام مولوده سليما ومعافى ويحمل الفنية والإبداع..!!

لماذا لا يكون لتلك الألوان الجديدة تسمية جديدة، فحقها أن يكون لها تعريفها الخاص، وربما نجحت القصيدة الجديدة في أن تجد لنفسها تسمية مناسبة وهي «قصيدة النثر» أي أنها كانت قصيدة ثم تم نثرها، أي خرجت على القانون الشعرى واقتربت من النثر، أما القصة القصيرة جدا فلا تزال تبحث عن المرسى.

ولذلك سنعتمد التسمية في المجموعة التي سنتناولها بالنظر حيث إنه ليس لدينا البديل، والمجموعة بعنوان «نزف من تحت الرماد» وتضم «أربع وثمانين»

قصة قصيرة جدا للقاص «حسن على البطران» هي ما سأدلي بدلوي فيها، فماذا وجدت؟

المجموعة مقسمة تقسيماً لطيفاً يساعد على القراءة والفهم.

حيث إنه جعل كل قصتين فقط في صفحة تسبقهما صفحة كغلاف يحمل عنوان القصتين، وظهر كلا الصفحتين ترك فارغاً حيث يبدأ في الصفحة المقابلة غلاف القصتين التاليتين.

وهذا أيضا يساعد على سرعة القراءة ويعرفك في أي مكان وقفت.

يتصدر القصص الإهداء، وفيه يقول:

إلى من ضمتنى لصدرها

إلى من فدتنى بنفسها

إلى منغذتني بحبها

إلى جدتي.. فهيمة

كما نرى الإهداء مفاجأة إذ إن الأوصاف تدل على الأم ثم نفاجأ أنها الجدة

وهذا بالطبع خاص بالكاتب الذى لديه أسبابه وظروفه التي لا نعرفها.

القصة الأولى بعنوان : رحيل

وصل مكشوف الرأس..

الهواء يتلاعب بشعيراته المتناثرة فوق صحراء رأسه..!

ظل واقفا أمام أسوار المعتقل..!

ورقة صفراء تصل إليه ارحل..!

الوردة ذبُلت

وتطاير أريجها..

أمسك بيديه ورحل إلى حيث لا يدري..!

القصة القصيرة جدا عند حسن البطران العنوان دال ومتمم وشارح وجزءأساسي في القصة.

فهذه القصة تعبر عن الرحيل.. الرحيل من أين؟.. وإلى أين.؟

والرحيل ليس برغبة ولكنه رحيل مأزوم.

هو من البداية مشوش الرأس، موقعه أمام أسوار المعتقل منتظرا الإذن بالرحيل

شعر بنسيم الوردة التي ذبلت من سنين وهي سنين عمره، الآن يحس أريجها..

فرح بالرحيل من السجن رغم أنه لا يدرى إلى أين..!

بعد قراءة المجموعة كاملة أزعم أن حسن البطران من الذكاء الذي يجعله يختار هذه القصة لتكون الأولى، فالرحيل هو القاسم المشترك الأكبر في المجموعة وسنترك هذا لوقته.

القصة الثانية : شرود

يجلس بجانب الشجرة يحتسي القهوة..

غارقا في تفكير عميق..

حجارة صلدة ترمى بالقرب منه..

محبس من الألماس

يغطيه الماء الذي يتساقط من أعلى الجبل...

يحاول أخذه..

لا يستطيع..

قوة هائلة تمنعه..!

كما قلت العنوان جزء من القصة، شرود هو العنوان

الكلمة لم ترد في النص لكنها العنوان لأنها السبب في ضياع الفرصة منه

الألماس حجر ثمين من يجده يجد كنزا وقد وقع الحجر بجواره وشروده جعله لا ينتبه له.

عبر به الكاتب عن الفرصة التي قد تأتى للإنسان ولا يمسك بها.

حقيبة

يحمل معه حقيبة صفراء

الفصل غايته بعد أن سمع قرع الجرس..

الطلبة في حالة تهيؤ للدرس

بدأ الشرح..

فتح حقيبته الصفراء

التفت خلفه، لا يوجد طلبة

الفصل فارغ..!

الباب الخلفي مفتوح

ما كان من داع أن يبدأ بجملة يحمل معه حقيبة صفراء.. لأنه قال بعد سطر قصير

فتح حقيبته الصفراء.. مادمنا بصدد شدة التكثيف.

الحقيبة هنا هي البطل، وكونها صفراء دال على قدمها وعدم تجددها أي أن هذا مدرس تقليدي لا يطور نفسه ولا علمه لذلك يهرب منه التلاميذ الذين يمثلون جيلا جديدا أهم مميزاته السرعة.

وقد تدل على تمرسه في العمل وعلى ما تحمله من علم أصيل على مر السنين.

المهم أنه دخل بحقيبته الصفراء الفصل فلم يجد الطلبة

تسربوا من الباب الخلفي..

هل هي دعوة لسد الأبواب الخلفية أو سد الذرائع أو الإمساك بقبضة من حديد

على من نريد لهم التعليم أم كل هذه الأسباب مجتمعة..!!

بصمة

تفاجأ، وهو يرتدى ثوبه الجديد..

بأنه مثقوب..!

خيوط الحرير لا تمحو عيبه.

ولا تستر عمقه..

يظل الثقب فيه بصمة

للأبد..!

البصمة هي الاكتشاف الحديث المرعب الذي أحدث نقلة في عالم الجريمة،

فهو الدال الحقيقي على الفاعل، والذي لا يستطيع الفاعل بعد ثبوت البصمة

أن ينكر فعلته.

والبصمة هنا دلت على فقره إلى الأبد، وليس له من علاج،

ولو كانت الخيوط من حرير.

ذكرتني هذه القصة بالحديث الشريف:

«لو اجتمع الإنس والجن على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك.»

يظل الثقب فيه بصمة للأبد

شلل

أدار محرك سيارته..

شاطئ البحر هدفه

افترش رمال الشاطئ

دخان أفكار تهاجمه..

يغلف جبل رأسه..!

خريف أوهام يحاصره..

تمنى أنه لم يطو أرضه للشاطئ.

سحب أعضاءه

مشلولا عائدا إلى حيطانه الأربعة..!

سئل الإمام علي كرم الله وجهه عن أشد جنود الله، فقال: ”أشد جنود الله عشرة: الجبال الرواسي، والحديد يقطع الجبال، والنار تذيب الحديد، والماء يطفيء النار، والسحاب يحمل الماء، والريح يقطع السحاب، وابن آدم يغلب الريح فيتستر بالثوب أو الشيء ويمضى لحاجتيه، والسكر يغلب ابن آدم، والنوم يغلب السكر، والهم يغلب النوم، فأشد جنود الله هو الهم“

والقصة هنا بعنوان شلل هنا كلمة عامة، ولذلك هي تعبر عن حالة شخص

تملؤه الهموم ويعيش في الوهم وتهاجمه الأفكار في أية لحظة،

مثل هذا لا يستطيع الخلاص من أفكاره حتى لو كانت أوهاما

حيث أنها لا تنتقي المكان ولا الزمان الذي تهاجمه فيه..

حتى شاطئ البحر الذي يرمي فيه الناس همومهم لم يستطع

حمايته من تسلط أفكاره، فعاد إلى عزلته، كما هو مشلولا.

عاصفة

نهضت من نومها فزعة..

شرشف أبيض تزينه رسومات بجوارها..

قطة سوداء تتلاعب به،

تجره إلى خارج الغرفة..

عاصفة تنقله إلى مكان آخر..

إلى سرير آخر في غرفة بعيدة..!

القطة يرمز بها إلى أنثى ربما صديقة، والشرشف هو الزوج

لعبت القطة في رأس الرجل وأخذته لها.

مع ذلك البطلة التي سرق منها زوجها تلقى باللوم على الأنثى كعادة الزوجات

لا على الزوج.

فتصورها قطة سوداء وهو شرشف أبيض تزينه رسومات.

قد تكون تلك الرسومات «الثراء، أو المركز» وهذا ما أغرى القطة الأخرى بأخذه.

هذه فعلا قصة تحمل خاصية الحكاية في أسلوب رمزي مكثف ومختصر.

ونتساءل ما الجديد فيها؟! إنها قصة مستهلكة، كتبت آلاف المرات، ربما لهذا السبب كتبها القاص بهذا الشكل الجديد المبهر حتى لا يكرر نفسه.

فهل سينجح علي طول الخط.. سنرى وها أنذا متربصة له.

لكن

عارٍ بالرغم من ملابسه الثقيلة

أصوات تغزو صالة أذنه:

احتشم..

يتمادى، يبالغ أكثر..

سحب السماء ترحل

وتودع استقرارها لتنثر ما بها من

زلال فوق صخور ملساء لونها أخضر..

.. بعد مخاض السحب

ينتبه

لكن بعد فوات الأوان.

العرى في الروح أكثر من العرى بالملابس، وخاصة إذا وصل لحالة

يراه فيها الغير عاريا.. بل ويطلبون منه الاحتشام.

يتمادى في عدم احتشامه.. تحاول السماء أن تصلح ما أفسده

حين يتم مخاض السحب فتمطر زلالا، لكن لا فائدة ليس مكتوب لعارى الدين

والأخلاق أن يستره الله.. انتبه بعد فوات الأوان..

نزف

قطط داخل برميل قمامة

تتصارع بتفنن من أجل فك تنوع هذه القمامة

التي تتجدد كل ساعة بجانب هذا المنزل..!!

بالجانب الأخر هيكل امرأة بخمسةٍ تمد يدها...!

القطط أطفال جوعى تسعى لإيجاد رزقها من القمامة

على الجانب الأخر أمهم تحترف الشحاذة.

العنوان نزف لعله يقصد نزف الوقت نزف الجهد نزف ماء الوجه.

فكون القمامة تتجدد كل ساعة عند هذا المنزل دليل على الغنى والاستهلاك.

وعلى الجانب الأخر الأم وخمسة أطفال يتضورون جوعا.. ما دلالة الجانب الأخر

تدل على الجار الذى أوصى به النبى «صلى» حتى ظنّ أنه سيورثه!!

غرابيل

طوى سجادته وخرج

وضوء الشمس مازال خجلا؛

يختبىء خلف خمار الظلام..

أرغفة التنور الساخنة تنتظره كعادتها

كل صباح..

يتعثر في طريقه..!

تبرد الأرغفة..

يتموج الضوء في سديم السماء..

الأطفال ينتظرون الأرغفة..

لكن غرابيل الشؤم تنقل إليهم

خيوط أقمشة السواد..!!

صلى الفجر وخرج ليحضر الخبز الساخن لصغاره.

مات قبل أن يصل به إليهم..

ليس هكذا ببساطة يكتب قصته

ولكنه يشير إلى أبعد من هذا، إلى الموت الذى هو أقرب إلينا من حبل الوريد

قد لا يمهلك الوقت لكي تنهي عملا ما بدأته

ننظر إلى هذه الجملة

يتعثر في طريقه..!

تبرد الأرغفة..

كل شيء لابد أن يبرد

ننظر إلى هذه الجملة

خيوط أقمشة السواد..!!

جاء الخبر الذى يضطرهم إلى لبس السواد.. إلى الحزن والقهر

وهم الذين كانوا ينتظرون الخبز الساخن.

أشعرنى أننى ربما لا أستطيع تكملة قراءة هذه المجموعة

وهذا من شأنه أن يجعل الانسان دائما على الأهبة

تقرأ القصة تردد: ما بين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلي حال......

رجولة

تتأمل نقوش حنائها التي تطفو فوق أديم يديها..

هالات مضيئة تعلو سماء سمرتها، ونهر دموع عينيها يجرى ويروى عطش بستانها؛ ويزيد لمعان زجاجات براءة فرحتها..

من ورائها أسراب تغنى وترقص إلى مخدع أنوثتها..!

من خلفه يحكم الباب..

تنزوي في زاوية غرفتها، يدنو منها تضطرب

وتتراقص أطرافها، وتتهاطل مطرا..!

أشعة الشمس تحميها من رجولته، وتطرد وحشتها.. الباب يقرع..

صوت أمه من خلفه يخترق غلاف طبلة أذنه:

أتستحق لقب خليفة أبيك.؟!

عروس في يديها الحنة، الغناء بالخارج لا يزال مستمرا

يدخل والعروس غرفتهما ويغلق الباب خلفه، يحاول أن يستعجل ذريته.

تبكى العروس غير حزينة بكاء متناقض ولابد منه في مثل هذه اللحظات

تعبير عن عدم درايتها، وعن مواجتها بشخص غريب عليها،

ولابد أن تطيع لتثبت عفتها.

ليلته الأولى التي قد تنبئُ بميلاد جديد، وضرب أوتاد بيت جديد

ربما يتقوض معها بيت عتيد.. وهو ما حدث..

صوت أمه من خلف الباب تصرخ لتسمعه نبأ موت أبيه.

وهي تشك في أنه يقدر أن يحل محل أبيه فتتساءل في استنكار

أتستحق لقب خليفة أبيك.؟!

إنها سنة الحياة.. تسقط الورقة الصفراء لتحل محلها الخضراء الناضرة..

سؤال

تطايرت رائحته اللذيذةُ

تغلف المكان بها..

كل يوم تأخذ لونا وطعماً مغايرا لما قبله..

تسأل الطفلة: ماما «غدانا» اليوم

كالأمس فتات خبز يابس..

نفس فكرة حق الجار.. فالرائحة تأتى من الجيران

تشمها الأسرة المجاورة التي غداؤها يوميا هو هو

فتات خبز يابس..؟!

قد يكون بداخل الكاتب معنىً متحكما فيه أو فكرة مسيطرة يريد ايصالها للمتلقى

قد لا يشبعه أن يضعها في قصة واحدة فيعيد الكرة.

أليست هذه الفكرة مطابقة لقصة نزف؟

ارجع لقراءتها..

والقصتان تحيلان إلى الحديث الشريف

لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه .

توحد

حصيات الطريق حفظت خطواته

تتشوق إليه كل يوم.!

شجيرات ونخيلات طريقه تتمايل له بخفقات أقدامه

حينما تسمعها..!

يستمر بين بيته ومزرعته

ويموت بعيدا

نفس فكرة الموت.. فبين بيته ومزرعته مشواره اليومى والدائم

حتى أن الحصيات والنخيلات والشجرات حفظت خطواته، بل وتفرح بها.

بمعنى أنها كل اهتمامه حتى صار هو وهي في توحد تام.

لكنه لما مات دفن بعيدا عن بيته وعن مزرعته. مفارقات الحياة.

توهم

وهو في وسط الماء

يصرخ

أنقذونى سأغرق

عطش في قلبي..!

صبوا عليّ ماءً

توهم أنه يغرق من هول ما هو فيه

إنه غارق في عرقه

يطلب النجدة ويطلب أن يصبوا عليه الماء

فهو يشعر بعطش في قلبه

هل يصور مشهد يوم القيامة... ربما

سرقة

يلتفت يمنة ويسرى..

يستغفل ضميره ويخرج ورقة صغيرة.

ينقل ما بها إلى ورقة إجابته..

معلوماتها تاريخية.. وورقة أسئلته علمية..!

هذه أشبه بالنكتة

طالب يغش في الامتحان معه الورقة التي سينقل منها أو سيسرق منها المعلومات، الورقة بها مادة التاريخ، والسؤال الذى يريد علمي، ومع ذلك هو ينقل ما في الورقة إلى ورقة الإجابة

العنوان «سرقة» يحمل دلالة كبيرة وهي أن السرقة لا تميز بين الأشياء.

عمق حب

أحببتها كحبي لحليب أمي

أنتظر منها مجاملةً كلمة أحبك

تعيش وحيدة

وأعيش مخلصا لحبها..!

هو يحبها وينتظر أن تقول له أحبك ولو مجاملة

ولكنه لا يقدم أي خطوة سوى أنه مخلص لحبها

ثم أن تشبيه حبه لها كحبه لحليب أمه غير موفق

إذ حب هذا الحليب لفترة وجيزة.

والغريب أنه يسمى هذا عمق حب؟

أفضل لها عنوانا آخر وهو «سلبية»

فنحن العرب نركن دائما على ما يلبى لنا احتياجتنا حتى في الحب..!!

رائحة نفاق

رأيه يسمع، ينفذ..

أخلاقه بعيدةٌ عن الجمال

يلبس ذاته أبهي الحلي..

يعيش في وسطهم سعيدا..!

هذا أيضا نوع من البشر.. فهناك من يسعده النفاق وهو يعرف أنهم ينافقون

حين ينفذون أوامره، ويعرف أن أخلاقه بعيدة عن الجمال، ويعرف أنه يغطي قبح أخلاقه بأبهي الحلى، ويعيش بذلك سعيدا، وهذا هو الذى يتمكن منه العجخب والتكبر مداه

تسرقنى المجموعة فأتناول قصصها بالترتيب وهذا غير ممكن فلابد من وقفة لنشير إلى أن الملاحظ في هذه القصص أو اللقطات أنها تجعل من المجتمع وقضاياه هما وهدفا، وأن هناك حزنا عاما يسيطر على المجموعة، وهناك الفقد دائما وكأن الكاتب أصيب بفقد عزيز فهانت عليه الأشياء وتوقع الفقد في كل حين، فكثيرا ما نرى عبارات مثل:

أمسك بيديه ورحل إلى حيث لا يدري..! «رحيل»

ينتبه.. لكن بعد فوات الأوان «لكن»

غرابيل الشؤم تنقل إليهم خيوط أقمشة السواد..!! «غرابيل»

أتستحق لقب خليفة أبيك.؟! «رجولة»

اكتشفت آبارا عديدة، لكن بعد فوات الأوان «امتصاص»

وهو لا يدرى أنها ابتسامته الأخيرة «صدى»

الوردة المخطوفة ليست من اختياره «سراب»

يحاول نسيانها لكنه لا يستطيع «ندى الغروب»

يرمى بنفسه وينسى ذكره للأبد «هوس»

ثم قد يفهم غيرى تلك القصص بشكل مختلف بسبب الاختصار الشديد مع وجود الرمز، وأنا عكس من يقول إن هذا سبب ثراء النص أن تكثر فيه التأويلات، أرى أن الكاتب لديه رسالة يريد أن يوصلها للسواد الأكبر من الناس، ولديه جملة خاصة يريد أن يقولها، فإذا فهم كل شخص على هواه وعكس الأخر فلم تصل هذه الجملة أو تلك الرسالة..

وأخيرا أدعو الكاتب الذى يمتلك كل هذا الثراء في الأفكار، وهذا التكثيف في اللغة دون إخلال، وهذا الأسلوب الموشى بألوان البديع أن يكتب القصة القصيرة المعروفة، فنحن في حاجة لأن نشبع من حكائية القصة وحواريتها بلغة مثل لغة هذه المجموعة.