آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 2:48 ص

القاص السعودى حسن البطران: عمق الإبداع يكمن فى مفارقاته وجرأته

جهات الإخبارية حوار: خالد بيومي - جريدة روز اليوسف

حسن البطران قاص سعودى يكتب القصة القصيرة جدا والمعروفة ب» القصة الومضة» وقد تميز فى هذا المجال بتقديم شكل متميز للقصة الومضة، حيث قدم تسع مجموعات قصصية التى تتميز بالتكثيف الشديد والمفارقة الساخرة والانفتاح على الدلالة. وتدرس قصصه فى مناهج التعليم السعودى، من أعماله القصصية: نزف تحت الرمال، وتشابكت الأيدى فى السما، ناهدات ديسمبر، مارية وربع من الدائرة، أزهار.. لون احمر وغصن رمان، وغيرها..هنا حوار معه:

لماذا اخترت القصة كفضاء إبداعى فى زمن الرواية والدراما التليفزيونية؟

القصة جنس إبداعى والرواية جنس إبداعى آخر ولكل جنس فضاؤه الخاص به وكونى اخترت القصة فهذا يعنى أننى أجد نفسى فى هذه الفترة فى هذا الفضاء وربما فى مرحلة قادمة أجد نفسى فى فضاء جنس إبداعى آخر؛ رواية أو مسرح أو دراما أو أى جنس إبداعى مختلف..

ألم تفكر فى كتابة رواية؟

فى داخلى ألوان متعددة من الإبداع وأجد نفسى فى هذه المرحلة فى القصة القصيرة جداً تحديداً، وفى داخلى أكثر من رواية.

ما رأيك فى شعرية القصة القصيرة جداً التى لا تقف عند ضفاف الأشكال التقليدية؟

القصة القصيرة جداً إبداع عميق وله فلسفة متعددة الأبعاد والاتجاهات وله مقوماته الإبداعية والرمزية والمفارقة والقفلة والشعرية من أبرز تلك المقومات الأساسية مع وجود عوامل تزيد من عمق هذا الجنس.

هل تعتقد أن الكتابة بالومضة المستفزة أقدر من السرد الروائى على دفع القارئ إلى التساؤل عن مفارقات العالم من حوله؟

سأفهم من سؤالك أنك تقصد القصة القصيرة جداً.. والقصة القصيرة جداً لها عالمها فى الفضاء الإبداعى وواكبت تغيرات العصر والمرحلة الحالية وأخذت تتقافز بقوة وبسرعة عالية والتغير إلى العمق الذى يجعل منها إبداعاً يستفز المتلقى إيجاباً أو سلباً وكل لون الإيجابى أو السلبى بمعطياته التى يعتمد عليها يولد إبداعاً جديداً وأصفه بالمستفز والإيجابى الذى يخدمها ويزيد من عمقها وتأطير الحوافز التى تقوى وتمتع ذائقيها..!

لماذا اعتمدت الحلم كفضاء تؤسس داخله أحداث القصة؟

عمق الإبداع فى شعريته ورمزيته ومفارقاته وجرأته ولا أظن أن هناك مبدعًا لا يتواجد بداخله رقيب أيا كان هذا الرقيب وطبيعة المبدع إما يكون خلف الجدار خوفاً من الرقيب الخارجى أو فوق الجدار يتوافق ورقيبه الداخلى، وعن رقيبى الداخلى فأنا معه فى تصالح، لذا الجرأة متواجدة فى قصصى القصيرة جداً إلى درجة أن بعضها رفض من النشر ومع هذا أنا لا أؤمن إلا بالرقيب الداخلى قبل غيره لكننى أحترم الرقيب الخارجى..

«نزف من تحت الرمال» هى باكورة مجموعاتك القصصية.. لماذا اخترت التعبير عن القسوة والمكر من أول تماس مع سردياتك..؟

اختيار عنوان المجموعة أى مجموعة له عدة معطيات منها: أنه يمثل كامل محتوى النصوص ورمزياتها أو أنه عنوان مستفز أو ترويجي وتجاري وعنوان مجموعتى الأولى ينتمى إلى المعطى الأول ممزوجاً بالمعطى الثانى ولا أظن به قسوة رغم ما به من مفردات توحى لذلك ولذا لم لا نقرأ النزف بأنه نزف من المشاعر الجميلة رغم تراكم الرمال عليها فهى تخرج رغم ذلك.

«اللجوء فى الوطن» عنوان مراوغ لإحدى مجموعاتك القصصية.. كيف يكون الإنسان لاجئاً فى وطنه؟

ممكن يكون الإنسان لاجئاً فى وطنه وأنا بعيد عن هذا الإنسان وعكس ذلك تماماً.. وهذا العنوان لم يكن من اختيارى بل هو من اختيار المترجم للمجموعة وهى عبارة عن مختارات قصصية من مجموعات ترجمت للفارسية ولم أعرف عن هذا العنوان إلا بعد النشر ولو علمت بذلك قبل النشر لطلبت تغيره ولم لا نقرأه بالرجوع إلى الذات والتصالح معها..

عناصر الطبيعة حاضرة بقوة قى قصصك.. لماذا؟

المبدع ابن الطبيعة بكل مكوناتها المادية وغير المادية وأنا أكتب قصصى ليس بعيداً عنها ولا عن الإنسان؛ المرأة الإنسان والرجل الإنسان والطفل وإن كثرت المرأة فى نصوصى فهى المستفز الأول؛ أقصد الطبيعة التى لست بعيداً عن واقع المجتمع الذى أعيش فيه أو يجاورنى وأجاوره.

هل المبدع داخلك نجح فى التوغل فى دواخل شخصياته؟

مبدعى الداخلى كبير، لكنه يتدرج وهو ما زال فى مرحلة «الحبو» حينما يغادرنى وينتظر مرحلة المشى والقفز والمراحل التى بعدها ومع ذلك فهى فى حالة توازن فى مراحله التى لم تكتمل.

ترجمت قصصك إلى أكثر من لغة أجنبية.. كيف تنظر إلى قصصك وهى تسافر إلى لغات أخرى..؟

أعتبرها سفيرة للقصة القصيرة جداً العربية إلى اللغات الأخرى رغم أن هناك الأفضل منها سواء من القصص السعودية أو غيرها.

ما تقيمك للقصة فى السعودية خصوصاً وفى العالم العربى عموماً؟

لن أقول: إن شهادتى مجروحة فى القصة السعودية بل إن القصة القصيرة بشقيها القصيرة والقصيرة جداً فى السعودية فى حالة تطور وبروز، فهى وصلت إلى النضج الإبداعى التام وأعتبرها أنها أخذت تتفوق على القصة العربية وهذه حقيقة بعيداً عن العاطفة والمتتبع المنصف والمحايد للإبداع القصصى السعودى يوافقنى الرأى وتبقى القصة العربية فى حالة من التطور والتقافز نحو العلو.

هل هناك اتجاهات متنوعة فى القصة بالشكل الذى يجرى فيه الحديث حولها فى الصحافة والمجلات الثقافية؟

طبيعيٌ ذلك، لكل فن وإبداع عدة اتجاهات كما للفن التشكيلى عدة مدارس ولكل مدرسة اتجاهات معينة، كذا الأمر يمتد ليصل كل أنواع الإبداع ومنها القصة القصيرة والقصة القصيرة جداً فلها فلسفات وألوان متنوعة ومتغيرة ومتغايرة وهذا يعطى أن لها اتجاهات مختلفة؛ منها ما هو خلف الجدار لا يرى منه شيئاً ومنها ما هو يقع خلف ستائر شبه شفافة لا يرى منه المغزى بوضوح وهنالك ما هو منها عارياً يراه الجميع بوضوح ولكل من هذه الاتجاهات عمق وفلسفة وتكنيك، ويبرز فى كل من هذه الاتجاهات قاصون لهم ثقل إبداعى كبير.. وهنالك اتجاهات فى مجارى أخرى..

كيف تثمن اختفاء ظاهرة الاسم المستعار التى لجأت إليها المرأة فى السابق والتجرؤ على النشر بالاسم الصريح بل وظهور المرأة فى الفعاليات والأنشطة الثقافية التى تتحدث حول أدبها فيما كانت قصة المرأة تحضر وتغيب المرأة نفسها سابقاً.؟

الكتابة الإبداعية ليست مقتصرة على الرجل دون المرأة وليس الإبداع ذكورياً بل هو إنسانياً بالدرجة الأولى وما سبق وإن تطرقت له فى محتوى سؤالك هو فقط ظروف المرحلة وظهور المرأة المبدعة ثقافياً وإعلامياً فهذه نتيجة طبيعية فكل مرحلة لها معطياتها ومتغيراتها وتطوراتها وأما المرحلة التى تعيشها المرأة السعودية حالياً من مشاركتها للرجل فى كل جوانب الحياة فأمر لابد منه وهو الأمر الذى يعطيها حقها الطبيعى ويأتى ذلك ضمن القفزات التى تعيشها المملكة ولا غرابة فى ذلك نتيجة إثبات المرأة قدرتها ومكانتها على الساحة بشكل عام ولاسيما الثقافية منها والإبداعية والقصصية، التغير والتطور فلسفة إنسانية وخلاصة أن التغير لا يقف عند حد معين وبروز المرأة السعودية فى عدة مجالات ليس بالأمر المستغرب كما وأن ارتفاع سقف الحرية هو من سمات المرحلة الحالية ومعطياتها الطبيعية.

ما آخر عمل قصصى أصدرته؟ وما هو مشروعك القصصى القادم؟

وقعت فى معرض دولى وهو معرض الرياض الدولى للكتاب 2019م مجموعتى القصصية «سماوات لا تنبت أشجارًا» ومجموعتى القصصية القادمة أوسمتها ب «مارية وربع من الدائرة» وسوف تصدر قريباً عن دار عربية وهى أيضاً من جنس القصة القصيرة جداً وترتيبها العاشر من بين إصداراتى.

كيف تقيم تجربتك فى القصة القصيرة جداً..؟

شهادتى فى تجربتى مجروحة ويمكننى ألخص إجابتى فى محورين الأول: تضمنت مناهج التعليم للمرحلة الثانوية فى السعودية هذا العام اسمى ككاتب قصة قصيرة جداً.. والمحور الآخر: دخلت قصصى القصيرة جداً فى دراسات أكاديمية: ثلاث رسائل ماجستير وأربع دكتوراه وأبحاث ترقية للأستاذية «البروفيسور» فى السعودية وبعض الدول العربية والهند وحظيت بعدة قراءات ودراسات نقدية وانطباعية سعودية وعربية، وترجمت بعض مجموعاتى إلى لغات غير العربية.