من الغلاف إلى الغلاف
يكتب المؤلفون كتبهم وطموحهم أن يقرؤها الناس من الغلاف إلى الغلاف، لكن القراء ليس عليهم أن يفعلوا ذلك ولا يستطيع أحد أن يجبرهم عليه إذا كان الحديث عن الكتب غير الدراسية. فالقراءة هي فعل فردي وهي علاوة على الفائدة فهي فعل للمتعة والسعادة والتي بدونها لن يستطيع أحد أن يستمر في القراءة. فكما قيل إن «حب المطالعة هو استبدال ساعات السأم بساعات من المتعة».
فباستثناء الروايات التي تعتمد على التسلسل في الأحداث، وبعض الكتب الأخرى كالفكرية مثلا والتي تعتمد فصولها المتأخرة على الأخرى المتقدمة، فإنه يمكن مباشرة عملية القراءة من أي فصل يعجبك والقفز من فصل إلى آخر حسب ما يجذبك في الكتاب. وقبل هذا كله ينبغي أن نتأكد من حسن اختيارنا للكتب التي تستهوينا وألا يجذبنا فقط عنوان الكتاب أو شكل غلافه أو حجمه أو حتى اسم المؤلف. وينصح هنا بأن يقوم القارئ إما بتصفح الكتاب جيدا قبل شرائه أو الاطلاع على فهرسه من مكتبة عامة. كما يمكن الاستفادة من القراءة حول أي كتاب من مواجز أو مراجعات عن الكتب قد تكون منشورة في صحيفة أو مجلة أو في بعض مواقع الإنترنت المتخصصة في الكتب مثل موقع «goodreads».
قليلة هي الكتب التي يمكن أن تقرأ من الغلاف إلى الغلاف بمتعة تامة كالتي قال عنها إنريكو دي لوكا «تعلمت أن أستمد النور من الكتاب أكثر من الضوء»، لأن ذلك يتطلب من كاتبها مهارة عالية في الكتابة وقدرة استثنائية على الإمساك بالقارئ حتى آخر صفحة. فإذا «شعرت وانت تقلب الصفحة الأخيرة من الكتاب أنك فقدت عزيزا فاعلم أنك قرأت كتابا رائعا» كما قال بول سويني.
ومن أغرب القصص حول ما تم قراءته من الغلاف إلى الغلاف قاموس أكسفورد الخاص باللغة الإنجليزية وهو عبارة عن عشرين مجلدا يتكون من قرابة 22 ألف صفحة «59 مليون كلمة» قرأها كاملة من الغلاف إلى الغلاف كاتب أمريكي هو «أمّون شي»، كان يقضي عشر ساعات كل يوم لمدة عام كامل. وقد كتب هذا الكاتب «المهووس بالكلمات» ملاحظاته على هذا القاموس وأخرجها عام 2008 في كتاب «قراءة قاموس أكسفورد: رجل واحد، عام واحد، 21730 صفحة» Reading the OED: One Man، One Year، 21,730 Pages.
اقرأ ما يعجبك من كتب، واقرأ من أي كتاب ما يستهويك من فصول وصفحات، واترك ما لا يعجبك.. حاول أن تفهم وتتأقلم مع بعض ما يصعب عليك، لكن لا تجبر نفسك كثيرا أو طويلا على ذلك، لأن الكتاب الذي لا يستهويك فهو لم يكتب من أجلك وهناك من الخيارات الأخرى الكثير والذي لن يكفي العمر كله لإنهائها.