الأطفال وقدوة القراءة
لو أن أطفالنا وعوا على الدنيا وهم يرون آباءهم وأمهاتهم يمسكون بكتاب أو مجلة فماذا يمكن أن يحصل؟ المتوقع منطقيا أنهم سوف يكونون متعلقين بالكتب أكثر من غيرهم رغم أن عددا كبيرا من كبار القراء والكتاب في العالم لم يورثوا هذه الصفة لأبنائهم.
تقول الكاتبة المعروفة «إليف شافاك» مؤلفة «قواعد العشق الأربعون»: قالت لي أمي ذات يوم وهي تحمل في يدها دفترا: انظري ماذا اشتريت لك مفكّرات شخصيّة لك كي تكتبي فيها كل يوم. فقلتُ: وما عساي أكتب؟ صمتَتْ قليلًا ثم قالت: اممم اكتبي عن أيّامك وأفكارك لا أعرف.
دوّني كل ما تشعرين به وكل ما تفكّرين فيه فحسب.
والكاتبة هنا تحاول أن توحي بدور والدتها في تنمية حبها للقراءة والكتابة.
كما أن الكاتب والروائي العربي المعروف إحسان عبد القدوس ولد من أسرة عرفت بالقراءة والكتابة.. فوالده محمد عبدالقدوس ممثل ومؤلف، ووالدته هي فاطمة اليوسف «تركية الأصل ولبنانية النشأة والمولد» هي صحفية وكاتبة مصرية معروفة ومؤسسة مجلة روز اليوسف ومجلة صباح الخير.
وقال الكاتب الأمريكي همنغواي «أُحب القراءة، هذه العادة أخذتها عن أمي التي كانت تحمل معها الكتاب أينما ذهبت، وأنا أيضًا أدس الكتب في جيبي لأقرأ في أي مكان وفي أي وقت، وأطمح لأن أصبح كاتبًا».
هناك بالطبع عوامل كثيرة جدا تدفع الطفل إلى القراءة، لكن تعليمهم ذلك بالقدوة هو أحد أهمها. فالطفل الذي يرى في والديه أفضل قدوة، عندما يراهما حاملين الكتب وقارئين لها فإن احتمال أن تشكل القراءة ركنا هاما في حياتهم هي أكبر مما لو فتحوا أعينهم على والديهم وهما يحملان أشياء أخرى أو حتى أجهزة ذكية. إن الأبوين اللذين لديهما قناعة بأهمية القراءة حري بهما أن يراهم أبنائهم وهم يقرؤون.
وقد اعتبر الفلكي الأمريكي كارل ساغان القراءة بمثابة الهدية الأعظم التي يمكن أن يقدمها الكبار للصغار، ذلك لأنها تشبه تعليمهم الصيد بدل إعطائهم السمك. فلا يمكن أن يضيع من يملك بين يديه الكتب أو القراءة من أي وسائل مشابهة مثل الكتب الإلكترونية. فكما يقول الكاتب عبدالكريم بكار: نريد أن ينشأ الطفل وهو يشعر أن القراءة مثل النوم والطعام والشراب واللعب شيء يتكرر كل يوم. ويضيف: عامل الطفل دائما على أنه شغوف بالقراءة ومحب للكتاب، بقطع النظر عن الواقع، وسوف يكون كذلك.