آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 1:35 م

الرضا بِالـ 1/2!

كمال بن علي آل محسن *

يحقُّ لكلِّ إنسانٍ - يعيشُ على كوكبنا الحالم - أن تكونَ له طموحاتٌ وأحلامٌ وأماني وتطلعات بلا سقف ولا حدود، كما يحقُّ له أن يسعى إلى تحقيقها متسلحًا في ذلك بالعلمِ والعملِ، والرغبةِ والإرادةِ والشغف؛ حتى تكونَ واقعًا ملموسًا له في حياته يتفاخر به أمامَ نفسه أولًا ثم فِي مجتمعه الذي ينتمي إليه، بما يحققُ له الرضا الكامل والتام، وليس نصف الرضا ونصف التمام.

الرضا بنصفِ الشيءِ ليس من القناعةِ في شيءٍ فيما يتعلقُ بالطموحاتِ والأماني والآمالِ والتطلعات؛ فعلينا أن نتمردَ - وبكل قوةٍ - على القناعةِ في طموحاتنا، وأن نخالفها في أحلامنا، وأن نعارضها في آمالنا، وأن نقاومها في تطلعاتنا، فالمكان ليس مكانها، والدور ليس دورها، فلا بد لنا من أن نسعى جاهدين للإمساك بالكل - بقبضة فولاذية - وليس بالنصف، فلا نرضى بأداءِ نصفِ العمل، أو تحقيقِ نصفِ الإنجاز، أو التوقفِ عند نصفِ الطموح، أو الاكتفاءِ بنصفِ الفرصة، أو القبولِ بنصفِ الحل.

إنَّ التوقفَ عندَ منتصفِ الطريقِ يعني - وبكل بساطة - أننا لم نحققْ شيئًا، فيجبُ علينا أن نكملَ ما بدأناه بحماسةٍ أكثر من ذي قبل؛ حتى نصلَ إلى نهايةِ الطريق ونحققَ الهدفَ كاملًا غير منقوص. إننا إن رضينا وقبلنا بالنصفِ فقط فسنتنازلُ ونتخلى يومًا ما عنه طواعية إلى الربع، وبعدها سنفقدُ السيطرةَ على دفةِ السفينة، وسنتنازلُ مرة أخرى مكرهين ومرغمين ومجبرين إلى اللاشيء؛ فتتبخر الأحلام وتموت الطموحات، ويصبح النجاح من المفردات التي لا يعرفها قاموس حياتنا، فهي ليست بين أوراقه ولا تنتمي إلى حروفه وكلماته.

لا بد وأن نجعلَ سقفَ طموحاتنا عالٍ، ولا ضرر لو حطمنا ذلك السقف؛ حتى نصلَ إلى عنانِ السماء، وألا نرضى بما دون النجوم، فنحن نستحقُ الدرجةَ الكاملة، وليس نصفها، فلم لا نسعى إليها؛ حتى نحصدها كثمرةٍ ناضجةٍ كاملة، نستمتع بمذاقها المتميز، ونسر بما حققناه، فتتوق نفوسنا إلى تحقيقِ المزيد.

إن الوصولَ إلى التمامِ لن يكونَ ولن يتأتى إلا بشموعٍ مضيئةٍ على الطريقِ وقودها: شحذ الهمم، وبذل الجهود الكبيرة، والسعي الحثيث، وعدم الاستسلام، والمثابرة والعزيمة، والحيوية والنشاط، وهذا الوقودُ لا يتوفرُ إلا في النفوسِ التي نذرت حياتها لأن تكون في أعالي القمم، ولا تقبل بغير ذلك بديلًا.

قال هارولد ميلشرت: ”عش حياتك كل يوم كما لو كنت ستصعد جبلًا. وانظر بين الفينة والأخرى إلى القمة حتى لا تنسى هدفك، ولكن دون إضاعة الفرصة لرؤية المناظر الرائعة في كل مرحلة“.