من عمان: الشيخ علي طريش يناقش ”عالم البرزخ“
أعلم أن اليوم منتصف الأسبوع ربما يكون وقت أفضل للمؤانسة حول ”فكرة“ تخرجنا من توتر الروتين، نخرج في جولة صغيرة مع سماحة الشيخ علي طريش، من الحياة إلى الموت، ولكم العذر أن كانت طلتي هذه المرة ليست كما اعتدتم مني أن أطل عليكم حاملا مقالات مفعمة بحياة الفراش والورود والحب، لكن من أجل إثراء الحقل العلمي ينبغي التضحية وقليل من التغيير.
في جلسة افتراضية على منصة ”زووم“ الإلكترونية ضمت صاحب الدعوة الأستاذ مهدي سباع، المدرب القدير في التنمية البشرية «القطيف»، والضيوف: سماحة العلامة الشيخ علي طريش «عمان»، الأستاذ إبراهيم تريك «القديح» الدكتور هاشم الموسوي «المنامة» والدكتور نادر الخاطر «جدة». واعتذر عن الحضور لظروف الخاصة: سماحة الشيخ علي تريك، والدكتور عبد الغني المسباح، والسيد أحمد الخضراوي.
بالنسبة لست رجل دين، ولا باحثا في عالم ما بعد الموت ”ما وراء الطبيعة“ بل ضيف على جلسة مليئة بالحراك الفكري استمرت لمدة ثلاث ساعات، وأفخر أن ألخص أو أبدي رأي بشأن ما دار فيه.
أثار الأستاذ مهدي سباع من بحث قال إنه، أنفق فيه خمس سنوات، قضية ”منهجية حياة البرزخ“
يقرر مهدي السباع أن هناك برزخ، وهذا بصريح القرآن الكريم «وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ»
كما يؤكد وجود نعمة الحياة بعد الموت لمن أنعم الله عليهم بتلك النعمة «مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ»
فهو يقرر وجود البرزخ ووجود الحياة ولكن لا يوجد ما يسمى بالحياة البرزخية!
فمن يكون حياً بعد الموت لا برزخ يحجزه ومن يكون في البرزخ لا حياة يعيشها بعد الموت.
أي أن الحياة والبرزخ لا يجتمعان.
فالانسان بعد الموت يسلك أحد طريقين إما نعمة الحياة وإما أن يكون في حالة برزخية تفقده الوعي والادراك والشعور بالزمن، ولا يفيق منها إلا يوم البعث.
وأشار سباع في ذلك الى وجود استدلالات كثيرة من آيات القرآن الكريم وروايات أهل البيت وآراء المتخصصين من المفسرين والعلماء.
لسماحة الشيخ علي طريش مرئيات تخالف مهدي السباع: حيث يشير إلى أن ”منهجية البحث أصبحت عربة تقود الحصان، وهو ما يحتاج إلى العودة لطبيعة الأمر بأن يقود الحصان العربة“ موضحًا بأن الاستدلالات القرآنية والروائية لوحدها، ليست كافية لإثبات ذلك، إنما يوجد عنصر جوهري ثالث وهو العقل المعرفي، وتجاهل العقل المعرفي يجعلنا لا نوافق على نظرية، حتى تمّ بحثها لعشر سنوات، إذ أن العقل المعرفي يجب أن يكون متصالحا مع الرواية والقرآن، حيث أن أهل التخصص من العلماء يمثلون العقل المعرفي فلا يجوز تجاهلهم في النظرية البحثية. كما وضح سماحة الشيخ علي طريش بأن ”صحيفة أعمالك في الدنيا تجعل قبرك روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار، فالموت حق، والبرزخ حق، وسؤال منكر ونكير حق“.
استشهد الضيوف الكرام من تفاسير الرموز الشيعية في الساحة العلمية بوجود عالم البرزخ، لكن سباع وضع علامة استفهام على المفسرين أنهم ليسوا أصحاب عصمة مقدسة. وبينما لا تزال الفكرة بعمومها تقدح في العقول التفكير والتنوير والاطلاع والبحث فكرية، يعكف الأستاذ سباع على تقديم تعليقات علمية وشرعية، قرآنية كانت أم روائية لإثبات نفي منهجي فكرة عذاب عالم البرزخ ونسف أي نظرية تخالف ذلك في اللقاء الآخر.
بالنسبة لي شخصيا: ”فإن إثبات وجود البرزخ، مرتبط بإثبات رحلة الروح من الجسد، فالغالب عندي أن الأجساد تفنى، بينما تخلد الروح. ورحلة الروح في الحياة الدنيا مقسومة بين خيارين: النعيم والشقاء، بينما خلودها في أي حياة برزخية لا ينفصل عن تجربتها الأولى في الدنيا، فمثواها إلى نعيم أو شقاء“. هذا ما يخبرني به عقلي وتسنده عندي صحاح العقائد والأديان.