قلوبٌ لا تُزهرُ في الربيع
لم تبكِ يوم أمسكتْ القلم لتوقع على فاتورة بيع جسدها.
بهدوء تركت قلبها يغرق في بحر الألم، وروحها تنام بين القبور،
وجعلت الغريب يجول في بقايا منزل مهجور.
سلمته يدها ومسحتْ عينيها كي لا تراه وهو يأخذها إلى حيث تموت.
بقيتْ على قيد الحياة تصارع حلمه برنين حروف ”بابا“ في زوايا عتمة العمر.
عندما تعلق قلبها بسمير كانت مرغمة، فقد كانت تبحث عن ساحل ينقذها من تقاذف الأمواج، وينتشلها من الغرق في بحر أكاذيب المحبين.
كانتْ تعلم أنه متزوج وأنه لن يقدم على خيار التعدد.. لكنها لم ترضَ لنفسها أن تتنقل بين أرقام الهواتف تستجدي الحب.
”كنتُ أعلم أنه لن يتزوجني، وأنا لا أريد ذلك، لكنني أحسستُ معه بالأمان“.
”فبعد أن فقدتُ أبي وأخي أصبحت كورقة جافة تتقاذفها الريح.. فإما أن أصمد أو أسقط في درب التيه“.
عندما تقدم أحمد لخطبتها وافقتْ أمها دون تردد.. فلماذا تجلس الفتاة في البيت وقد تقدم لها عريس؟
”دبَّ الفرح في بيتنا.. واستسلمتُ للقدر.. فدموع أمي التي اختلطت بالضحكات أنستني ألم جراحي واستسلمت لقدري“
حافظتْ مع سمير على صفاء الجوهرة رغم الغبار العالق بأطرافها.. وأخفتها عن أحمد فلم يستطع صياغتها.
”كنتُ أعطيه فتات خبزي بارداً وأتقيأ دموعي مغموسة بالحسرات“
فكان يأخذ منها ما يأخذه قطر الندى من زهرة ذابلة..
مع الأيام أصبحت زهرة بلاستيكيه يزورها النحل دون مساس..
عطشانة رغم توفر الماء..
ميتة رغم وجود الحياة.
كم حلم أحمد بسماع حروف الحب معزوفة على وتر الغنج..
لكنّ حلمه كان يتكسر على صخرة الجفاء.
أشعل لياليها شموعاً حمراء.. وعطّر نهارها بالمودة.
”أرسل الكثير من رسائل الحب.. وأحضر الكثير من الهدايا.. وطار بي إلى إجمل المدن.. لكنني لم أستطع أن أعطيه شيئاً“
مرات بسيطة كانتْ تحاول أن تتغلب على بعدها دون نتيجة.
فتحت منفذا في جدار صمتها لتسمع أغنية يعزفها وتر شوقه.. لكن الشقوق لم تسرب الا الغبار.
”ذات سفر اشتقتُ له.. وعند عودته احتضنني فوضعت يدي خلف ظهره لكنها انزلقت ووقفتُ كهيئة الجندي أمام قائده“
حاولتْ جاهدة أن تترك باب قلبها شبه مفتوح لعل ضوءً يتسربُ فتزهر ريحانة بين التفاصيل.
”مرة مدّ يده ليفتح الباب فوجد خلفه جدارا يخنق الطريق ويتربع على كرسي العزلة“.
كانت كل ليلة تلملم جراحها ترمق السماء بطرف سقته غيوم الندم من وابلها وتبتهل: امنحني السلام يا رب.