الاحتفال بمولد النبي محمد
في مثل هذه الليلة من كل عام تزدان القطيف ابتهاجا بذكرى مولد النبي محمد ﷺ. فتقام في مساجدها ومجالسها المواليد، التي تصدح فيها اصوات القٌراء والمستمعين بالصلاة والسلام على النبي محمد وعلى آله الطيبين.
ولكن بسبب الاحترازات من جائحة الكورونا فلن تمتلئ مجالس الذكر بجمهورها الذي اعتاد على احياء هذه المناسبة الكبيرة والعزيزة على قلب كل مسلم.
ولكن ذلك لن يمنع الناس من التعبير عن مشاعرهم واظهار سعادتهم وهم يحيون هذه المناسبة في بيوتهم من خلال تزيين بيوتهم بمصابيح الفرح والحفلات، كما يفعلون في كل عيد.
لقد صادف الاحتفال بمولد الرسول في هذا العام وقوع اعمالاً ارهابية مأساوية في فرنسا راح ضحيتها اناس ابرياء تحت حجة الدفاع عن النبي، وانتقاماً من رسوم الكاريكتير التي نشرت قبل سنوات في احد المجلات الباريسية.
مع بالغ الأسف ان من قام بهذه الجرائم ونفذها كان واقعاً تحت وهم أنه يدافع عن رسوله ونبيه الكريم، وكأن النبي محمد وهو عند ربه في حاجة لمن يدافع عنه بهذه الطريقة، أو ان تلك الافعال ستمحي ما اثارته تلك الرسومات من انطباعات لدى غير المسلمين.
إن مكانة الرسول في قلوب كافة المسلمين لم تتأثر ليس فقط بهذه الرسوم، بل وحتى بما اهو اشد منها مما كتب ضد النبي محمد وضد الاسلام بصورة عامة في عصور مختلفة منذ انطلاقة الدعوة المحمدية.
إن ردود الفعل والتحريض التي حدثت بعد تلك الاحداث المؤسفة من قبل عدد من القادة السياسيين من مختلف الديانات بما فيهم قادة وحكام مسلمين لم تكن في معظمها بريئة وانما قاموا بها لمصالح ذاتية ولتحقيق منافع واغراض سياسية بحتة هدفها تبييض وجوههم وكسب رضا بسطاء المسلمين، فرفعوا اصواتهم ليظهروا انفسهم كحماة للدين الاسلامي في الوقت الذي يعاني المسلمون من شعوبهم من ضنك العيش وقساوة الفقر والعوز وانعدام ابسط انواع الحريات، وفي نفس الوقت تتضخم الثروات لدى فئات متنفذة تعيش في رغد من العيش على حساب فقراء بلدانهم، وتحت رعاية وحماية هؤلاء القادة، فكيف يجري الدفاع عن نبي المسلمين وامته تعاني الامرين من مثل هؤلاء السياسيين؟. ومن جهة أخرى نرى قادة غير مسلمين يتلبسون اردية الدفاع عن حرية الرأي والفكر والتعددية، وايديهم مغموسة في وحل من العلاقات المتينة والصداقات القوية مع حكام مستبدين وفاسدين من مختلف بلدان العالم، ويصدرون لانظمة ديكتاتورية تحكم بلداناً اسلامية وغير اسلامية مختلف صفقات السلاح والقمع واجهزة التجسس والتنصت ورصد الانفس والمتابعة لكل صاحب رأي حر أو معارض لسياسة القمع والاضطهاد التي تجري في بلادنهم.
إن خير ما نقدمه لنبينا الكريم ونحن نحتفل بمولده هو في إدانة ورفض كل اشكال الارهاب الجسدية والفكرية التي ترتكب تحت أي شعار أو عنوان، وان نكون دعاة لخير وسعادة كل الشعوب ولعلاقات متساوية ومتكافئة بين كافة بلدان العالم قائمة على العدالة والاحترام المتبادل، وان نسعى لتكون بلداننا المسلمة بلدان خير ورفاه وأمان لشعوبها. وكل عام وانتم بخير.