آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 2:20 ص

المرأة شعرة بيضة في لحية الرجّال

عادل القرين *

المرأة في كيانها مصدر الحياة والجمال، فهي الجدة، والأم، والزوجة، والأخت، والعمة، والخالة..

فكم تعيش هذه المرأة في بيتها؟

وكم هذه العزيزة تُكابد بحياتها؟

وكم هذه المُتطلعة تُكبلها الأيادي؟

وكم هذه الأمانة يُعتمد عليها؟

وكم هذه المُبدعة تُجلببها بعض العادات؛ وتُطوعها بعض القناعات بالجهل؟

نعم، أتت هذه الأسئلة بالتوالي، على أثر الوعي والنضج الذي تحمله على أكتاف المسؤولية والشعور..

فما السن المُناسب لهذه الطاهرة بالزواج؟

هذا إذا ما تطلعنا إلى سن رجوحها وبلوغها والاعتماد عليها..

يأتي الشاب المُستطيع على الزواج لأهله للخطبة، وما أن يُشير ببنانه على سيدة يُريدها، إلا ويُلوى عنانه بالتسويف، والتجويف، والتخريف، والتحريف..

تجاه هذه البنت أو أهلها لذلك الأمر الغير مرضي عنه بالنسبة لهم، إما لخلافٍ سابقٍ، أو بتغليف الإشاعات حولهم!

فيرسل «الأبن» إلى بيت جواره مُثلثة من أخواته، ونظرة لأُمه، وإحدى خالاته..

ومن أن تنتهي مهمة «فحص الدلة أو الآلة» إلا وتتصاعد الضحكات «والصفقات» تجاههم!

فالأم قد أخذت معها حفنة من «النِّقلْ»..

«ما تنلام الحجّية بتفحص نوعية الأسنان»، وكذلك الحشوة، وأنواع التلبيسات «الزركونيوم، أو البورسلين، أو الإيماكس»!

أما خالتهم «شريفة»، فراحت تفحص نوعية التنجيدة لطقم الكنب، وعوازل المرايا، والجدران، والورق اللاصق!

أما الأخوات، «سوسن، وحصة، وخديجة».. فرحن يتفحصن ماركة أثاث المجلس، «والدواشق وقطن المساند»، «وأقفال الأبواب»، وتعداد الأحذية، والملابس، وكذلك نوعية «العدسات»، «والروج»، «والديرم»، «وعلك السيلان من أي دكان اشتروه من قيصرية الحواويج»!

بالنتيجة ينتظر معرس المستقبل «شهادة السماح»، ولكن «ما ميش لبن يا ولد أهليه»!

وفي اليوم الثاني تتغير الخطة، وتُستنجد المحطة من قبلهم، وتعد العدة لمنزلٍ آخرٍ للتصويت!

فتلك تقول: «يمّه حلاة البنت تحت 25، عاد أشوله ولدنا غير، ومرامه مير»!

والثانية تقول: «البنات مثل طاقات الخام، وما عليش إلا التجلب والنقوه والاختيار»!

والثالثة تُصرح: «واعليّه البنات مثل سلة الفواكه والجح بالطبطبة»!

وكيلا أُطيل عليكم السالفة، تجلس هناك على حافة المجلس جدتهم «أم ناصر»، وتُطبّل على «المَدّة بخباط الاستكانة وچاي الوزة المزعفر»: «عاد يا بناتيه تعرفون هاللي بتخطبونها تمك ليه حنة بو رشيد تره أشخصه براسيه»..

ليأتي الليل، ويُستطال «الهواش والشره» بين الوالد والوالدة بالأقوال والأفعال!

الأب: «بشروا عساها أصلحت البنت لكم»؟

الأم: «علامك بالأبو مستعجل، تره ولدنا شمعة أصباه، وما يعته شي»..

الأب: «أي عدل، بس علشان أقول لبو سالم يديننيه كم أريال لعرسه، هذا ولدنا البچر، ونبي نتجمل مع الناس»!

الأم: «تره ما علينا منك أبي عرسه الكل يتكلم عنه.. أبي صالة، واستراحة، وجلسة، وحنة، وحبة راس، وعشرة كراتين تمر حويل للممروس»..

الأب: «الله يسهل أنتوا بس شوفوا له بنت، وتدللوا»..

الجدة: صج يا أم حسن شفتي أخت بو صالح؟

أم حسن: «يووو.. تعانين سلوى الموظفة؛ ما تصلح كبيرة على ولدنا عمرها ثلاثين»..

الجدة: «أجل كم عمر حسن؛ ما كأنه دش 37»؟

أم حسن: «ولدنا ما ينعاب، أسمر أسمراني.. وبو صالح كل يوم حاط لأخته تسعيرة لعرسها!!

الخلاصة:

المرأة بحد ذاتها جنة كل بيت بتفهمها وحملها للمسؤولية بجوار شريك حياتها، أو أبيها، وإخوتها وأخواتها الأُخريات..

فكم سيدة رأيناها في حياتنا تنازلت عن مستقبلها لأجل رعاية والدها المعاق، وأمها الكفيفة، وزوجها العاجز، وعيالها الأيتام، وإخوانها وأخواتها القصّر..

فعين الله تحرسها بالرعاية والصحة والعافية لكل امرأة شمرت عن سواعدها بالعطاء وصلاح المجتمع للعزة والكرامة ولتعطي من حولها كل خيرٍ وتربيةٍ وفرحٍ واستقرارٍ وسعادةٍ وتألق..