آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 7:35 م

العمل الخيري بين منهجين

عبد الغفور الدبيسي

لا ثقافة أغنى من ثقافتنا نحن المسلمين عندما يتعلق الأمر بعمل الخير والحث على الانفاق فتجد ذلك بشكل ساطع في جميع مصادر التشريع الإسلامية ووافق ذلك ما في نفوس العرب من معاني النخوة والكرم والايثار فتجذرت هذه الروح الطيبة في مجتمعاتنا العربية المسلمة ايما تجذر وقامت على هذه الروح مؤسساتنا الخيرية العتيدة ومنها جمعيتنا جمعية تاروت المباركة وتعاقب على العمل أجيال من محبي الخير وطالبي الثواب والمتيمين بخدمة مجتمعهم ونستطيع أن نضع عمل هؤلاء في منهجين وطريقتين:

المنهج الأول: يرى بعض المتصديين للعمل الخيري أن واجبهم هي المحافظة على المؤسسة الخيرية في اطارها وأساليبها التي ورثوها من أسلافهم. فإذا كانت عجلة العمل في هذه المؤسسة تدور بوتيرة معينة فكل ما عليهم هو المحافظة على دورانها واستمرارها بنفس الاسلوب ونفس الزخم ويرون أنهم بذلك قد أدوا ما عليهم. وإذا أخذنا الجمعية الخيرية كمثال فأتباع هذا المنهج من العمل الخيري يرى المتطوع أو عضو مجلس الإدارة أو الإداري أن غاية ما عليه هو إلا يتوقف العمل وأن يستمر كما كان ويشعر بتمام الرضا أن هو استطاع ذلك ليسلمها في نهاية دورته أو مدة عمله إلى اللاحقين من المتطوعين كما هي. وإذا ما استعملنا التعبير الدارج فهي «تمشية عمل» ولا شيء فوق ذلك.

هذا المنهج يقاوم في الغالب أي تغيير في أساليب العمل على أنه جهد لا داعي له والأمور كانت بخير وستكون بخير لو واصلنا على الاساليب السابقة. أصحاب هذا المسلك لا يخطئون أبدا لأنهم لا يأتون بشيء جديد وهذا يعطي شعورا زائفا بالأمان.

المنهج الثاني: يرى آخرون من المتصديين أن من واجبهم المحافظة على ما هو موجود وعلى دوران العجلة لكنهم ينظرون في هذه المؤسسة للبحث عما يمكن إضافته أو تحسينه والاستجابة للمؤثرات الخارجية باستحداث تغيير في أنظمة المؤسسة وأساليب العمل. هذه المجموعة تنظر إلى العمل الخيري في تغيير مستمر: إما تغيير نطلبه ونبتغيه أملا في التطوير والتحسين وإما تغيير نقوم به لأن العوامل الخارجية تغيرت وفرضت واقعا مختلفا.

الرغبة في التغيير والاستجابة للمتغيرات وعدم الجمود على وضع معين هو ما يميز هذا المنهج فيصبح الهدف ليس الحفاظ على دوران العجلة و«تمشية الشغل» فقط ولكن تفاعل ديناميكي مع الظروف والحاجات ورغبة في أن تكون النهايات أفضل من البدايات. على العكس من يبحث عن التغيير والتطوير يخطئون لأن عملية التغيير والتطوير هي عملية تجريب وتصويب «trial and error» لكننا يجب ألا نجفل من هذه الأخطاء فهي ضرورية لعملية التطوير.

أي مؤسسة خيرية كانت أو ربحية عندما يتم تشغيلها بالطريقة الأولى فإنها تتراخى وتموت عاجلا أو آجلا. لقد أصبح اليوم من الثابت في عالم الأعمال مبدأ التطوير المستمر أو دورة ديمينق «Deming Cycle» مما هو ضروري لكل مؤسسة تريد المحافظة على حيويتها ومستوياتها المتميزة. علينا أن نعي أن هناك في العمل الخيري خياران لا ثالث لهما: التطوير والتغيير المستمر أو الموت والتلاشي. ومن الجيد أن ندرك أننا إن لم نتخذ قرار التغيير واختيار البدائل بعد الدراسة والتمحيص فسيأتي الوقت الذي تفرض الظروف الخارجة عن إرادتنا علينا مسارات لا نرغب في سلوكها ابدا. الثابت الوحيد في الحياة هي أن كل شيء يتغير.

تم نشر المقالة في مجلة العطاء التابعة لجمعية تاروت الخيرية - عدد 9
التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
حسين أحمد آل يوسف
[ القطيف جزيرة تاروت سنابس ]: 20 / 10 / 2020م - 11:57 م
التغيير يأتي عندما يأتي جيل عنده تطلع الى المستقبل وتكون الجمعيات الخيرية تجارية وخيرية في نفس الوقت الدنيا اخذ وعطاء الكل يقول ماهو المقابل وليس كا السابق نريد الثوب فقط إنما الان يوجد محاسبة على سير اي عمل ونشاط اجتماعي والحقيقة عندما يمارس الشخص العمل يبين جدارتة ويعطي فرصة الى الااخرين الجيل الجديد