ليكن لوجودك قيمة
ما أصعب الرحيل في زمن كورونا وأن تفارق من تحب دون وداع، ودون أن تعلم بموعد رحيله، والأمرُّ في ذلك أنك لا تستطيع حتى أن تشيع حبيبك او تمشي في جنازته، ويتضاعف الألم عندما تُفجع بصديق أو قريب وتعجز بسبب الاحترازات الصحية أن تكون بعيداً عن ملاقاة الأهل ومواساة الأحبة ومن يعز عليك من الأصدقاء.
لا وجع أقسى من الموت ولا مرارة في الموت أشد من مرارة الفراق التي تبقى تلاحق المرء تجاه من يحب. لكن ما يهوّن علينا الوجع ويطوي لوعة الأسى ويخفف حسرة الرحيل ذلك هو بقاء الأثر الطيب للعزيز الراحل.
كثيرون هم الذين يغادرون الحياة دون أن نشعر بغيابهم، وهناك من يرحلون ونفقدهم بلا عودة لكنهم حددوا مكانتهم وموقعيتهم في عقولنا وقلوبنا، وتركوا بصمة مشعة في حياتنا بأفعالهم وعطائهم، بمواقفهم وتصرفاتهم، بمعاملتهم وإحسانهم ومعاشرتهم الطيبة التي تُبقي ذكرهم حاضراً في النفوس.
كانوا مصداقاً لقول أمير المؤمنين «خالطوا الناس مخالطة إن متم معها بكوا عليكم وإن عشتم حنو اليكم». وقوله «كن في الناس كعابر سبيل واترك وراءك كل أثر جميل فما نحن في الدنيا إلا ضيوف وما على الضيوف إلا الرحيل»
ورحمك الله يا عمار قريش.. ها هي موجة حزن كبيرة اجتاحت قلوبنا لفراقك، أيها الأخ الغالي والصديق الوفي في يوم أليم وفي مناسبة حسينية حزينة تضاعفت فيها أحزاننا ودموعنا وآهاتنا لتنسج معها خيوط الذكريات واللحظات الجميلة التي قضيناها، فهي الذكرى التي جمعتنا في ذات القضية التي آمنا بها وبأهدافها وعشنا لها ومعها ها أنت اليوم يخطفك الموت ليلقي بك رحاب المناسبة، فهنيئا لك هذا الرحيل.
أيها الصديق الطيب ماذا فعلت بنا يا صاحب الروح النقية والنفس الصافية.. شخصيتك النادرة وعطاؤك الصادق لمجتمعك ووطنك أشعلا قلوب محبيك في فقدك، فهم عليك باكون ولرحيلك نادبون عز عليهم فراقك وهم الذين تعاهدت معهم على المودة والوفاء وأبيت إلا أن تشاركهم أفراحهم وأتراحهم لتحي في قلوبهم القيم السامية لمحبة الوطن وحب أهل البيت .
لقد صنعت بصمتك ونقشت اسمك بأخلاقك العالية وسجاياك الجميلة فأسعدت الناس ورسمت البسمة على وجهوهم وأورثتهم من روائعك ما يبقيك حياً.
فسلاما لروحك،،،
يا أَيُّها الشادي المُغَرِّدُ في الضُحى
أَهواكَ إِن تُنشِد وَإِن لَم تُنشِدِ
الفَنُّ فيكَ سَجِيَّةٌ لا صَنعَةٌ
وَالحُبُّ عِندَكَ كَالطَبيعَةِ سَرمَدي
فَإِذا سَكَتَّ فَأَنتَ لَحنٌ طائِرٌ
وَإِذا نَطَقتَ فَأَنتَ غَيرُ مُقَلِّدِ
لِلهِ دَرُّكَ شاعِراً لا يَنتَهي
مِن جَيِّدٍ إِلا صَبا لِلأَجوَدِ
مَرَحُ الأَزاهرِ في غِنائِك وَالشَّذى
وَطَلاقَةُ الغُدران وَالفَجر النَّدي
وَكَأَنَّ زَورَكَ فيهِ أَلفُ كَمَنجَةٍ
وَكَأَنَّ صَدرَكَ فيهِ أَلفُ مُرَدِّدِ
كَم زَهرَةٍ في السَّفحِ خادِرَةِ المُنى
سَكَنَت عَلى يَأسٍ سُكونَ الجَلمَدِ
غَنَّيتَها فَاِستَيقَظَت وَتَرَنَّحَت
وَتَأَلَّقَت كَالكَوكَبِ المُتَوَقِّدِ
وَجَرى الهَوى فيها وَشاعَ بَشاشَةً
مَن لَم يُحِبَّ فَإِنَّهُ لَم يولَدِ