الجارودية.. ”آل مدن الجارودي“ أسرة حسينية فيها ”الخطيب ابن الخطيب ابن الخطيب“
- أنجبت الأسرة أجيالا من الخطباء فكان فيها ”الخطيب ابن الخطيب ابن الخطيب“.
- وكان المُلا حسن المدن من أشهر خطاطي القطيف وتوفي على المنبر وبيده المصحف.
- والمُلا سليم المدن كان أيضا من أعلام الخط العربي في القطيف.
اشتهرت بعض الأسر بتوارث العلوم الدينية على مدى أكثر من جيل. ومن الأسر التي أشتهرت بتوارث الخطابة الحسينية والعلوم الدينية في المنطقة الشرقية هي أسرة ”آل مدن الجارودي“ في بلدة الجارودية بالقطيف.
ويصف الباحث لؤي سنبل ذلك بالظاهرة الجديرة بتسليط الضوء عليها، وإعطاءها حقها من الدراسة.
ويضيف آل سنبل ”هذه الظاهرة.. هي وجود عوائل حسينية، كما هو الحال مع الأسر العلمية، وهذه الأسر تجدها أحيانا متسلسة، ففيها الخطيب ابن الخطيب ابن الخطيب وبعضها يلاحظ وجود عدة خطباء في وقت واحد، أو وجود عدة شعراء حسينيون في الوقت نفسه“.
ويسلط الباحث الضوء على أسرة من هذه الأسر الكريمة، التي قال عنها بأنها ”أسرة علمية أباً عن جد، ثم وجد منهم عدة خطباء في وقت واحد، بل جميعهم إخوة“.
ويتابع القول إنها الأسرة التي تعود أصولها للشيخ ناصر الجارودي، وهو «الشيخ الأجل الفاخر المخصوص بالمفاخر» [1] ، وهو «الشيخ الماهر الفاخر المصلي في حلبة المكارم والمفاخر، الزكي الألمعي والمهذب اللوذعي» [2] وهو «من العلماء الأعلام والأتقياء الكرام» [3] ، كما أنه «زبدة الأفاضل وعمدة العلماء الأماثل، جامع الأصول والفروع الحاوي لفنون المعقول والمشروع، الفقيه الفاضل والمحدث النحرير الكامل، صفوة الأتقياء الزاهد ونقوة الأتقياء العباد وخاصة المتورعين الأمجاد، وخلاصة العلماء الأوتاد، والبحر الزاخر الحاوي لجميع المفاخر، والبدر الزاهر والنور الباهر» [4] .
من أعلام هذه الأسرة الأخوة الأربعة:
1. الملا مكي بن قاسم بن أحمد بن الشيخ مدن بن الشيخ حسن بن الشيخ عبدالله بن الشيخ سعيد بن الشيخ ناصر بن محمد الجارودي:
ولد في شهر ذي الحجة الحرام سنة 1314 هـ وتوفي في 11/2/1389 هـ ، ولم يمنعه فقدان بصره من طلب العلم والتفوق في مجال الخطابة الحسينية، حتى صار من أبرز خطباء القطيف المشار إليهم في زمنه، وعرف بالتقوى والورع والصلاح، ولطلبه ألّف العلامة الشيخ فرج العمران كتابه «ليلة القدر»، حيث قال: «... وبعد فإن الكامل اللبيب والذاكر الخطيب، ملا مكي... الجارودي القطيفي، قد التمس مني أن أكتب له رسالة مختصرة في خصوص ليلة القدر فأجبت ملتمسه وكتبت له الميسور...» [5] .
له شعر فصيح وشعبي، ومن شعره في الإمام الحسين
:
عجبت وأفعال الزمان عجيبة
يحار لديها عاقل وبصير
أيمسي يزيد في الحرير منعماً
وجسم حسين في الطفوف عفير
ورأس يزيد باللجين متوج
ورأس حسين في السنان يدور
وآل يزيد في القصور رواقد
وآل حسين في القفار تسير
وآل يزيد مسبلات ستورها
وآل حسين ما لهنَّ ستور
وآل حسين ساهرات عيونها
وآل يزيد طرفهن قرير
يلاعبن بالأيدي الدفوف وهذه
لهنَّ خدود أدميت وصدور [6]
ومن شعره:
كيف أستظل واحسين ظل ابكربلا عريان
بالخيل رضوا جثته وابقي على التربان
هل كيف أشرب ماي واحسين انذبح عطشان
وبقي ثلة أيام لا غسل ولا أكفان
كيف أختضب وحسين عاري امخضّب ابدمه
وبقي طريح بالعوادي كسروا جسمه
كيف أدّهن واحسين شفته ينضرب راسه
اوبالخيزران ابن الدعيه كسر أضراسه
هل كيف أتسلى وقلبي يفرح ابلعياد
واذكر ادخولي حاسره في مجلس ابن ازياد
هل كيف أتهنى ابهنا والبس لباس اجديد
وأنسى ادخولي مجلس الطاغي اللعين ايزيد
2. الملا سليم:
أحد الخطباء المشهورين، ولد في الجارودية في 23 ذي الحجة 1320 هـ ، اتصل بكثير من أهل العلم واستفاد منهم، وتتلمذ على يد المقدس الحجة المرحوم الشيخ فرج آل عمران، وصحبه في كثير من أسفاره، وكان يساعده في بعض رحلات الحج في تعليم وإرشاد الحجاج [7] ، وكان يعدّ أحد أعلام الخط العربي في القطيف، وهناك عدد كبير من المخطوطات بقلمه، توفي في القطيف يوم الأحد 1/5/1398 هـ . وله أشعار لم تدوّن في مجموع خاص بها، ومنه قوله في مسلم بن عقيل:
لو إنْ يدري الشهيد احسين مسلم كيف سوّوا به
عقب چتله ابوسط السُّوق جثته غدت مسحوبه
چي ترضا يبو الَّسجاد بن عمك يمثلوا به
الله يعظم أجرك فيه جثته بالحبل تنجر
يشيعه اعلى الطهر مسلم دمع عيونكم صُبُّوه
على أم راسه الكفر للقاع من فوق القصر دبّوه
وشدوا حبل في رجله يويلي وقاموا يسحبوه
ومن السحب يا ويلاه صدره وظهره اتكسر
3. الملا أحمد:
مات شاباً، وكان من أشهر خطاطي منطقة القطيف، وعرف عنه إجادته لخط الثلث إجادة تامة.
4. الملا عبد الله «أبو عبد الأمير».
قرأ مقدمة لأخيه الملا مكي فترة قصيرة.
5. الملا حسن:
ولد في بلدته «الجارودية» سنة 1345 هـ ، ونشأ نشأة حسينية شعرية، بدأ بتعلّم القراءة والكتابة عند أخيه الملا سليم ة، ثم أخذ في تعلم القراءة الحسينية عند أخيه الملا مكي ة، وكان عمره حينها «10» سنوات.
وحيث أن الملا مكي كفيف البصر فكان الملا حسن يقرأ له الكتب والأشعار، فتكونت لديه حصيلة معلوماتية عن هذا الطريق، وحفظ القصائد الفصيحة والشعبية التي يقرأها لأخيه.
وعن أخيه الملا مكي أخذ طريقة القراءة فصار يقدّم له في مجالسه، واستمر معه مقدماً حتى استقل بالقراءة مفرداً.
مارس القراءة الحسينية حتى آخر أيام حياته، وأغلب قراءته إذا لم نقل كل قراءته كانت في بلدته «الجارودية».
توفي صباح يوم الأربعاء 17 رجب 1428 هـ ، ومن التوفيق الإلهي أن تكون خاتمته عليه الرحمة بتلاوة آيٍ من الذكر الحكيم، وهو جالس على منبر الحسين
الذي طالما صعده راثياً ومذكراً بآيات ربه وأحاديث رسول الله د، حيث وافاه الأجل المحتوم وهو لا زال ممسكاً بكتاب الله العزيز، فختمت حياته ويده ممسكة بكتاب الله، ولسانه لهج بذكر الله، وأنفاسه عطرة بتلاوة آيات الله، وقلبه مع آل الله.
له قليل من الشعر الفصيح وكثير من الشعر الشعبي، وقد جمع شعره في ديوانيه:
1. جمرات القلوب.
2. جمرة الفؤاد.
وهما مطبوعان طباعة محلية، وقال في إهداء «جمرات القلوب»:
«... أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد فإنك أنت المنعم المتفضل، حيث تفضلت عليَّ من غير مسألة سألتك أن جعلتني من أحد المسلمين، فمننت عليَّ بالإسلام وهديتني إلى معرفة محمد وآله، هم الأدلاء على وحدانيتك وربوبيتك، فبحبهم لك وبحبك لهم أن تصلي على محمد آله، وأن تقبل هذا القليل اليسير من العبد الحقير، يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير...».
وبقي من شعره مجموعة لم تجمع بعد في ديوان، وكان يتهيأ لجمع شعره كله وطباعته في ديوان واحد، لكن حالت دون أمنيته هذه المنية، حيث اختاره الله إلى جواره قبل أن يتمها.
ومن شعره: قوله في أمير المؤمنين
:
يمتى تعود للدنيا واشوف السعد لي جاني
وتظلل على راسي ويمي توقف اخواني
قال الها يمحزونه أشوف تغير ألواني
هلضربه يمحزونه شقّت مفرقي والراس
شقّت راسي هلضربه يا زينب الحوريه
أيسي من أبوك يعود قومي جنّزي اعليه
ونادي لي أبو فاضل خل يتقرب إليّه
جا العباس يم عوده يبكي يصعّد الأنفاس
فتح عينه ولزم بيده أبو الحسنين وايديها
وقال أختك يبو فاضل باري والتفت ليها
چني بها على الهزّل حسرى وستر ما ليها
وانته اعلى الثرى مطروح من ضربة عمد في الراس
قالت يا عديل الروح هجت القلب بسقامه
واتمنى الشهر له تقوم وتّمّم إلى اصيامه
قا الها أشوف الموت يمي ترفرف أعلامه
الله من بعد عيني كافل ليكم وحرّاس
6. أخواتهم.
ومن حسن التوفيق أيضاً أن جميع أخواتهم خطيبات حسينيات.













