آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 3:01 م

المظلوم المنتصر

فؤاد الحمود *

لم تكن ثورة الإمام الحسين التي خططت لها السماء وجاءت أخبارها عبر الرسالة المحمدية، والتي مهدت لها في حياته المباركة عبر مجموعة من الأحداث والروايات المتكاثرة؛ فما رواية القارورة التي جاء جبرئيل وسلمها النبي ﷺ لأم المؤمنين أم سلمة إلا إشارة واضحة وبيان من السماء بهذه القضية العظمى.

لذا لم هذه الثورة التي قامت ضد الظلم وانتشار البغي من تولي يزيد للسلطة واحداثه المآسي في العالم الإسلامي من قتل سبط النبي ﷺ وهدمه للكعبة المشرفة وهتكه للمدينة المنورة عبر وقعة الحرة.

كما أن من المعلوم أن كربلاء لم تكن معركة متكافئة عسكرياً؛ فالروايات التي تتحدث عن أعداد جيش بني أمية أقلها أربعة آلاف ويصل العدد إلى سبعين ألفاً، والعبرة دائماً بالنتائج وليست بالمقدمات.

وفي كل زمن وعصر هناك حسينٌ ويزيد؛ لكنّ الانتصارات تعاد باسم الحسين ، وها هي تجربة هذا العام مع هذا الوباء الذي انتشر في أصقاع العالم وحصد ما حصد من وفيّات وخلّف ما خلّف من مرض، لكن أنصار الحسين أبوا إلاّ الانتصار كسيدهم الحسين .

إن التزام المؤمنين بالمبادئ الإسلامية عبر مسايرتها لأوامر المرجعية الرشيدة التي أوصت المؤمنين بإقامة المآتم بالطريقة التي تحفظ المؤمنين من جهة وإقامة المآتم مع الأخذ بالتوصيات الصحية التي نادت بها الجهات المختصة كانا لافتاً مشرفاً كبيراً خلال الايام الماضية.

فالمناظر الأخاذة المنتشرة عبر وسائل الإعلام سواء في القطيف أو العراق أو غيرها من الحواضر الإسلامية كفيلة أن تعيد للأذهان الخوف والتهويل من بعض الجهات والتي كانت تراهن على فشل المؤمنين وأنهم غير قادرين على إدارة الموقف كما ينبغي، لكنّهم بعزيمة الإمام الحسين التي انتصر فيها بكربلاء المبادئ استطاعوا تجسيد ذلك عبر تطبيق الاجراءات الاحترازية المطبقة في المجالس الحسينية، وليثبتوا مجدداً أنّ الحسين المظلوم المنتصر كما أن المنتسبين إليه منتصرون دائماً بتحقيق أهداف الإصلاح التي نادى بها الإمام الحسين

درس من دروس كربلاء في هذا العصر حريّ بالعالم أن يعي أن ثورة الحسين كانت من أجل إحياء النفوس والمبادئ والمحافظة عليها، وأنها جديرة أن تكون في نظر الاطروحات والدراسات للاستفادة من تلك التجارب، كما هي تجربة الأربعين في كل عام والتي يحضرها الملايين وتكون ناجحة بامتياز رغم ضعف القدرات والإمكانات لدى إخواننا في العراق.

ما أعظمك يا أبا عبد الله وما أعظم عاشقيك السائرين على نهجك والمضحين لأجلك والباذلين لايصال صوتك - صوت الحق والإباء والعزة والكرامة - للعالم أجمع.

السَّلامُ عَلى الحُسَينِ وَعَلى عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ وَعَلى أولادِ الحُسَينِ وَعَلى أصحابِ الحُسَينِ الذين بذلوا مُهجَهم دونّ الحسينِ .