جسر شارع الرياض «فك مفترس»
كتل حديدية تتسابق كريح وأخرى تسير الهوينة، اندفاعات وطلعات غير قانونية، هذا يشكو وذاك يزمر، وصوت الفرامل تسمع عن بعد، كل يريد الدرب له وننسى كلنا شركاء في الطريق. كل عام يقام أسبوع المرور باحتفالية سنوية تحمل شعارا جديدا، تذكير معتاد باتباع نظم السياقة واحترام الطريق والالتزام بقواعد السير والتحذير من مخاطر السرعة وتأكيد على الفحص السنوي لصيانة المركبة، نشدان وطني لتوخي الأمن والسلامة.
من ضمن الشعارات التي احتفل بها المرور خلال سنين مضت ”عينك على الطريق“ الرامي لعدم الانشغال أو السرحان أثناء القيادة، فيا أيها السائق أو السائقة لنجعل حواسنا يقظة على الدوام لنتجنب ما لا يحمد عقباه. السيارة عصب حياتنا وليست من الكماليات والوعي بشعار المرور ”السياقة: فن وذوق وأخلاق“ نتمناه أن يسود عمليا عند كل أفراد المجتمع، أهذا منتهى الكلام أم في البال أبعد من هذه المقدمة.
يدور الحديث دائما بأن شوارعنا الرئيسية في محافظة القطيف باتت تشهد ازدحاما عن ذي قبل، مقارنة قبل 30 سنة.
هذا الأمر صحيح، ومرد الازدحام لامور عدة، منها النمو السكاني المطرد، وامتلاك الأسرة الواحدة لأكثر من سيارة، والتمدد العمراني وكثافة المحلات التجارية، واستحداث أحياء جديدة مما انعكس على زيادة الطلب في عمليات البناء المستمرة الأمر الذي أدى إلى زيادة أعداد غفيرة من العمالة الوافدة.
هذه الكثافة السكانية من مواطنين وأجانب ضمن منطقة جغرافية محددة زاد من أعداد السيارات في شوارعنا أضعاف مضاعفة عن ذي قبل، والزحام يشتد في أوقات الذروة خصوصا في فترة الصباح مع اتجاه الناس إلى أعمالهم والطلاب والطالبات إلى مدارسهم ازدحاما رهيبا بل اختناقا في السير، بطء في الحركة وأحيانا تأخر البعض عن الدوام، والمؤسف إذا وقع حادث أو تصادم يزداد الأمر سوء، وتتضاعف عرقلة السير، هذه المواقف اليومية تنعكس سلبا على قائد المركبة وتجعله متوترا يسابق الوقت وعينه على الدقائق والثواني في سبيل الوصول إلى مقر عمله قبل بدء الدوام.
هناك من يقول بأن التبكير في الذهاب للعمل أفضل بإعطاء مساحة كافية من الوقت درءا لمفاجآت الطريق، هذا جزء من الحل وليس حلا للمشكلة والتي تكمن في تهيئة الشوارع وإجراء التعديلات المناسبة.
على سبيل المثال الدوار الواقع بين منطقتي المجيدية والخامسة الملاصق لجسر شارع الرياض، يعتبر هو من أكثر الأماكن في القطيف ازدحاما وفي أغلب الأوقات، دائما مكتظ بالسيارات، لو وجد جسر فوق الدوار بامتداد شارع الكورنيش القادم من الشمال إلى الجنوب والعكس، على غرار الجسر الذي يقطع شارع أحد، حتما سوف يخف الازدحام كثيرا عن منطقة الدوار والتي تشهد دائما حوادث مستمرة بسبب تكالب السيارات القادمة من جميع الاتجاهات الأربعة، أما شارع الرياض بذاته فهو شارع المآسي خصوصا عند تقاطع دارين تاروت بالقرب من منطقة المحيسنيات، خط ثعباني خطير، وحاليا حفريات زادة الطين بلة، بالكاد تعبر سيارة واحدة، هذه المنطقة حصريا شهدت حوادث مميتة، قد يكون بسبب السرعة الزائدة ورب قائل يقول لو التزم الناس بالاعتدال بالسياقة لما حدث ما يحدث، لا خلاف في ذلك، لكن سوء تخطيط الشوارع يساهم في وقوع الحوادث، ومقارنة بين شارع أحد وشارع الرياض الأول أكثر أمنا والسرعة محددة فيه بسبب كثرة الإشارات وأيضا وجود مطبات المشاة الموضوعة بين كل إشارة، بخلاف شارع الرياض نسبة التصادمات في ارتفاع وتكثر عند التقاطعات، وأقسى منطقة في الشارع هو الجسر البحري، واسميه ”الفك المفترس“ مجازا، فكم افترس من الأرواح وكم من حوادث شنيعة شهدها هذا الجسر الغريب في تصميمه وهندسته.
أمن المعقول جسر حيوي لايوجد به مسار ”لتجنيب السيارات“، فقط ثلاث مسارات للداخل واخرى للخارج من والى الجزيرة من غير رصيف آمن ولا خط تقف فيه السيارات المعطلة، برغم سوء تخطيط الجسر الا أن البعض يتهور في زيادة السرعة، وهذا التهور قضى على حياة ابرياء كانوا يسيرون باعتدال.
أتمنى أن نجد حلا لسياقة هادئة فوق الجسر، على الأقل بوضع كاميرات عند مداخل ومخارج جسر شارع الرياض وذلك لضبط من يتجاوز حد السرعة المعتادة أو من يمارسون الاستعراض الفارغ، وكذا لرصد من يقطع الإشارة عند ”مول القطيف“ المتزايدة أعدادهم في عدم احترام إشارة المرور، يرون الإشارة حمراء ومن دون أي مرعاه لأحد يكابرون بقطعها دون مبالاة.
حتى نتقي الاخطار وننشد السلامة في هذا الشارع والجسر يجب إدخال تعديلات عليه وإلا سوف يستمر نزيف الدماء على الأسفلت.