آدم العزيمة والعطاء
إن من أصعب الأمور فقد الأحبة والأصدقاء، الذين تربطك معهم ذكريات محفورة في الوجدان، خصوصا إذا كان ذلك الصديق لصيق بك لا يأتي يوم إلا ولك معه جلسة ما أو غير ذلك، كما كان المرحوم الحاج آدم العقيلي، الذي ربطتني به علاقة تفوق الثلاثة عقود من الزمن، حيث جمعتنا بعض الأعمال الخيرية، ومرافقته في كثير من الاسفار خصوصا زيارة الإمام الحسين وإلى ما قبل دخوله المستشفى الذي لاقى أجله فيه كنا سوية في المسجد نتبادل أطراف الحديث لكن شاء الله تعالى أن يأخذ أمانته وما علينا إلا الصبر على قضائه ﴿إنا لله وإنا إليه راجعون﴾ .
بداية أعزي نفسي وعائلته الكريمة بهذا المصاب الجلل، الذي آلمنا كثيراً وقض مضاجعنا، فسماع خبر فقد من نحب من الأصدقاء يؤلم النفس ويترك الحسرات، لاسيما مع من ارتبطت بهم في الصداقة لعشرات السنين، بل أصبحوا بمثابة الإخوان،
المرحوم الأخ الحاج آدم المؤمن الصابر المحتسب هو واحد من أولئك، وقد ابتلاه الله في هذه الدنيا بأمراض شتى وكان صابراً محتسباً للبلاء، ومسلماً لله كل أمره ونسأل الله أن يكتب له بذلك أجر الصابرين، علاوة على ذلك علاقته المميزة بأصدقائه بالسؤال عنهم ومجالستهم وملاطفتهم ودماثة أخلاقه معهم، ومع غيرهم ومما يذكر له من الصفات التي تميز بها عزيمته وإصراره على تحقيق ما يصبو إليه، رغم ما به من أمراض إلا أنها لم تثنه عن التكسب وطلب الرزق والتعفف عن مد اليد أو السؤال، وإذا ما أراد شيئاً يحققه بإرادته وعزيمته وكما قال أمير المؤمنين الإمام علي ما رام امرؤ شيئاً إلا وصل إليه أو دونه.
وكذلك مشاركاته الاجتماعية الفاعلة اَلْمَلْحُوظَة لدى الجميع، سواءً في أفراح أو أحزان الناس والسعي لقضاء حوائجهم، إن أَحَد طلب منه ذلك إضافة لعلاقته الوثيقة بسادة الأنام، فمنذ عرفته وهو لا ينفك عن زيارتهم سواءً في المناسبات أو غيرها، لاسيما مولانا الإمام الحسين الذي تعلق به تعلقاً واضحاً، فبرغم ما يحمله من آلام وظروف صحية سيئة إلا أنه يغالب كل تلك الآلام والظروف في سبيل الوصول لمحبوبه، فراحته تتجلى هناك في حضرتهم وقد رافقت المرحوم لعشرات السنين في الحضر والسفر لم أر منه إلا الحب والولاء لأهل البيت ، وانعكس ذلك بالطبع على سيرته وعلاقته بالناس حباً واحتراماً وتقديراً، والناس كذلك بادلته نفس الشعور، ولا أدل على ذلك مما رأيناه يوم سماع خبر وفاته كيف ضجت الأماكن في تاروت ونواحيها، وفضاء السوشل ميديا بتناقل الخبر والتأسف لرحيل هذا المؤمن نسأل الله أن يحشره مع سادته من أحبهم وتعلق بهم طيلة حياته محمد وآله الطاهرين وأن يخلف على فاقديه بالصبر الجميل وإنا لله وإنا إليه راجعون