آدم عايشته وعرفته
ارتبطت صداقتي بالمرحوم آدم العقيلي منذ سنة 1411 هـ ، إلى أن اختاره الله تعالى إلى جواره، لذلك كان خبر رحيله مؤلما جدا ومحزن للقلب، لكن لا اعتراض على أمر الله، عندما سمعت بخبر رحيله أخذتني الذكريات التي عشتها معه طوال تلك السنوات، آدم رجلا يحمل صفات قل لها نظير، رغم معاناته المرضية ووضعه المادي، لكنه يعيش العفاف وإدارة في المال، رجل في دراسته بسيط لكنه واع بشكل كبير، لذلك تفاعل الناس والعلماء بخبر موته.
ممكن تلخيص صفات أدام التي عايشتها في أربع نقاط وهي:
1/ التسامح بعد أي خلاف يحصل بينه وبين من يختلف معه، لازلت أتذكر بأننا في بعض الأحيان نحتد في النقاش ونختلف معه، لكنه لا يخرج من المكان الذي نحن فيه ألا وهو متصالح مع من اختلف معه، أو لا ينام تلك الليلة حتى يتصل لمن احتد معه ليعتذر منه.
2/ صفة الإصرار على المشاريع الخيرية خصوصا التي ترتبط بقضية الإمام الحسين ، في هذا الموضوع يصر على إنجاحه بكل ما أعطى من طاقة، فقد أسس مواكب عزاء التي لا زالت موجودة منذ تأسيسها على يديه، كذلك إقامة المجالس الحسينية حتى وإن قل حضورها فمن له معرفة به يلمس ذلك، كما أنه له إصرار على عمل الرحلات الخاصة بالناشئة والاهتمام بهم، ويزرع فيهم حب العمل الخيري، خصوصا من هم من مرتادي المساجد، إذ لا تخلو تلك الرحل من البرامج الهادفة، ويصر في كل رحلة أن يكون أحد المشايخ موجودا معهم، يلح عليه حتى يوافق.
3/ الوفاء للعلماء الذين يعتبر أن لهم الفضل في سلك طريق التدين، مثل السيد المرجع الشيرازي، وابنه السيد محمد رضا الشيرازي، ارتباطه بأولئك الشخصيتين أمر عجيب، لسنوات طويلة بعد موتهم يصر على إحياء ذكراهم سنويا بأي طريقة كانت، لدرجة بعض أصدقائه يقولون له إلى متى وأنت تحيي هذه المناسبات؟ لا بد من أن تتوقف عنها، إلا أنه يرد علينا بأنهم لهم فضل كبير في تديني وهدايتي بعد الله سبحانه وتعالى، وهذا قليل من الوفاء لهما.
4/ آدم يتصف بحبه للعلم والتعلم بحيث أنه يحاور من يجده اكفأ منه في علم معين لكي يتعلم منه، فكان رحمه الله في صغره لم يكمل دراسته إذ كان منشغلا مع أبيه لكن انعكس ذلك عليه في الكبر فبعزيمته تعدى حالة الأمية، وفي الفترة الأخيرة في ظل الجائحة كان يأتي للمسجد وهو متعب ويقرأ القران يتعلم على يد بعض الإخوة الذين لهم باع في تدريس القران كان يتعلم بكل إخلاص.
رحمه الله فقد كان فقده مؤلما لكن ذكراه مخلدة في قلوب محبيه أسأل الله أن يتغمده بواسع الرحمة وأن يسكنه الفسيح من الجنة، إنا لله وإنا إليه راجعون.