آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 10:22 م

أم مجرمة

امتياز المغاسلة

في أحد حسابات مواقع التواصل الاجتماعي المشهورة على مستوى المنطقة والّذي لا يختص بشيء معين، والحقيقة إن نية المسؤول عنه واضحة وهي مساعدة الآخرين باقتراحات متابعيه فهناك الكثير من يرسل مشكلاته الأسرية، الزوجية، النفسية، الاقتصادية وحتى الصحية بحيث يضع مشكلته ليتلقى الحلول والنصائح من المتابعين، وبالتأكيد ردود المتابعين تمثل تجاربهم وانطباعاتهم وقناعاتهم الشخصية.

المدهش في الأمر أحيانا يضع الناس مشكلاتهم وهم على مستوى من الثقافة والنضج عرضة بين الناس، وإن كانت الحلول بعضها جيدة، إلا أن بعضها قاتل أحيانا. إذا أخذنا كلمة قتل هنا بمعان عدة «الفتنة، التحريض، الطلاق، العقوق، تأخير علاج».

إحدى المرات كتبت طفلة ذات الستة عشر عام تشكو من ظلم أمها وكرهها لها وتحيزها ولومها وتكذيبها المستمر، وكانت الردود كارثية لفتاة في سن المراهقة تميل للعاطفة والشعور بالإحباط والاكتئاب وقلة الحيلة، لم تخلو ردود المتابعين من عبارات تدعو للصبر والاحتساب عند الله، لكن الأقوى والأكثر كانت للردود المؤيدة للعنف وسكب الزيت على النار كما يقال، وبغض النظر عن مدى مصداقية ما تقوله الفتاة، فالنتيجة في الغالب ستُظهر للفتاة إن والدتها «مجرمة».

وبصدق أقول وليس تحيز لزملائي أخصائيين الإرشاد الأسري لكن عندما تكون هناك استشارة توجه لمختص يرى الأمر من زوايا مختلفة يركز على التفاصيل وأمور كثيرة يبحثها مع الحالة، بعدها سيوجه الحل للشخص ليس عن طريق التنمر وتخمين الأسباب أو يفضي بالأمر إن الطرف الآخرة هو السبب. الحقيقة ان علاج المشكلات أي كان نوعها هي عملية مدروسة تأخذ بالاعتبار النتائج المترتبة على ما يقوله الطرفين لحل المشكلة بشكل فعال ومساعدة الفرد على تخطي الأمر بأقل الخسائر ولمدى بعيد وليس راحة وقتية، هذا ينطبق على التخصصات الأخرى.

ورغم التعاطف الجميل الذي تلمسه من كلام الناس لأصحاب المشكلة إلا إنه قد يؤدي عن غير قصد لتفاقم المشكلة وتصعيدها، خاصة إن كان المتلقي حديث السن ويشعر بأنه مظلوم ويريد من يناصره.

رغم كل الخير الذي ألمسه في أغلب العبارات لكن كنت أتمنى أنها لم تقال لطفلة في هذا السن لتزيد تحاملا واكتئابا وحزن، هذا لا يعني إن الأم سلوكها سوي لكن الفكرة أنك تريد حلاً لا يزيد الأمر تعقيداً ولا قطيعة ولايؤدي لإنتحار اواكتئاب أوكره، ببساطة أنت تريد أن تحقق الهدف المنشود للفتاة من نشر مشكلتها وهي الراحة أو الرضا أو الصبر الى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.

أحيانا عند الخلافات لا يشفي غليلك أي إجابة تخيل معي الآن..

قد يقول أحدهم للفتاة أنتِ تبالغين تتوهمين لا يوجد أم تكره ابنتها حاولي كسب حبها وووو..... هذا آخر شيء تريد الفتاة سماعه، الآن هي متحاملة مشوشة حزينة ولاتريد وعضاً حتى وإن طلبته بشكل غير مباشر عليك رده بشكل غير مباشر أيضاً. قد يقول آخر نعم أنتِ محقة هذه الأم حقودة تتعامل معك بظلم ستؤيد كلامه فعلاً لكنها لن ترتاح منه بل ستزيد الأمر سوءًا بين الطرفين، وقد يكتب أحدهم تعليقا ساخرا وهذا الأمر سيكون مؤلم جداً للفتاة. اذًاً ماذا أقول؟.. تريد إجابة؟

يرى المختصين المشكلة بشكل متكامل ويجمع المعلومات بشكل دقيق عن جميع أطراف المشكلة ويتعرف على نفسياتهم ونظرتهم للأمور واعمارهم ومستوى تعليمهم وظروفهم المعيشية والصحية وغيرها من المعلومات سواء كان مصدر المعلومة طرفي المشكلة أو طرف واحد ويتحرى مصداقية المعلومة أيضا، ثم يتخذ اليه للعلاج على ضوء ما توفرت له من معلومات وفق منهجية علمية محايدة لا تؤثر فيها العاطفة لذلك من الصعب جدا أن تتوفر كل هذه المعطيات في مشاركات الناس. من الصعب أن تجد آلية تنظم ما يقال على شاشات التواصل ولا حل لدي فعلاً رغم وجود أرقام للهواتف المجانية لمساعدة الناس في هذه الحالات، لكن ليس الكل يرغب باللجوء إليها أو إنه قد صادف أحدهم قليل الخبرة أرشده لما لا يقنعه.

المسألة معقدة قليلاً لكن أتمنى أن يفكر كل شخص قبل أن يقول نصحه أو رأيه في أمرٍ توابعه قد لا تحمد عقباها.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 3
1
سكينة ال نمر
[ .. ]: 6 / 8 / 2020م - 7:44 م
السلام عليكم
كلام سليم
يعطيك العافيه يارب
وشكرا على المقال المفيد
2
ام علي
[ القطيف ]: 6 / 8 / 2020م - 8:25 م
اسلوب جميل في الطرح
3
ابرار
[ السعوديه / القطيف ]: 7 / 8 / 2020م - 1:10 ص
انا اشوف بوجة نظري ان الطفل لم الام تقسي عليه بخاف بضل للكبر خائف وبضل يخاف حتى من الي حواليه
مشكله لم يشوف امه تعامله بقسوة ولم يشوف تعاليق الي حواليهم ردودهم كذالك بحس بالاحباط وربما يكون حياته غير طبيعيه من لي عاشه من خوف عند امه


يعطيك العافيه دكتورة .. 👍👍