آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 3:01 م

متدين بلا أخلاق

حسن آل جميعان *

في حالة الخلاف تتكشف لك أشياء كثيرة بعضها جميل حيث يكشف لك حالة التنوع والاختلاف بين الناس وهذا شيء حسن ورائع، لكن في أحيان أخرى يكشف لك مدى حالة الكره والتسقيط للمختلف أيا يكن ذلك المختلف حتى ولو كان منتميا إلى نفس الدين أو المذهب أو الدولة أو المنطقة.. هذه الحالة هي حالة مرضية وكريهة أيضا لأن الاختلاف في أبسط تعريفاته هو سنة كونية وطبيعية حيث يختلف الناس في ألوانهم وتوجهاتهم وأديانهم ومذاهبهم ومشاربهم هذه الاختلافات بالنسبة للإنسان العاقل لا تشكل بالنسبة إليه تهديدا أو خطرا عليه بل يتقبلها ويتعايش معها على أساس أن التنوع والاختلاف أمر طبيعي وعلينا التكيف والتأقلم معه وإلا أصبحنا مكون معزول ومغيب في هذا العالم بسبب الفرز الذي أنتجناه نحن وقررنا أن نعيش منفردين ومنعزلين عن المكونات البشرية الموجودة في هذا الكون.

التدين من القيم الجميلة التي يتحلى بها الإنسان لكن إذا ارتبطت بالأخلاق وحسن المعاملة مع الغير المتفق معي أو المختلف، لكن نلحظ أن هناك من ينتسب للمتدينين لكنه شخص طارد وسيء الأخلاق في تعامله وسلوكه وينطلق من قاعدة الحق أنا وغيري على باطل مع أن هذا الإدعاء بحاجة إلى حجة وبرهان لأنه يرى الحق من زاويته هو والآخر يرى أنه هو صاحب الحق من زاويته أيضا « كلن يدعي وصلا بليلى» ما هو الحل؟ هل نصنع حربا بين الطرفين أم نذهب إلى المشتركات التي تجمع الأطراف المختلفة؟ وهل استجلاب التاريخ والبكاء على الأطلال يرجع الحق إلى صاحبه أم نحن بحاجة إلى فتح صفحة جديدة بعيدا عن التعصب والتطرف ومحاكمة التاريخ لأن الزمن لا يرجع إلى الوراء بكل بساطة؟.

للأسف أصبح المتدين مصدر تأزيم وتوتر في عالمنا العربي والإسلامي حيث أكثر الحروب الدينية والطائفية كان الفتيل لها ومشعلها هو المتدين مع أنه من المفترض أن يكون مصدر سكينة وهدوء وأمل إلى الناس المستضعفين بدل جرهم إلى إلغاء بعضهم البعض وتأجيج الأحقاد باسم الدين واللعب على وتر الطائفية من خلال الخطاب العاطفي البعيد كل البعد عن لغة العقل والدين نفسه لأن الدين والإيمان هما مصدر طمأنينة للإنسان وليس العكس، الدين عندما أتى حرر الشعوب من الأغلال والقيود التي صنعوها لكننا خلقنا أغلالا وقيودا أخرى وسيجناها باسم الدين.

لذلك على المتدينين مراجعة أفكارهم ورؤاهم ونظرتهم إلى الناس والتنوع والاختلاف القائم بينهم وعدم الإنجرار إلى التعصب وإلغاء الآخر واحتكار الحق والحقيقة والعمل على نسج علاقة احترام متبادل وتحكيم لغة الحوار على أي منغص قد يحرمنا من الاستفادة من بعضنا البعض، أعتقد أن الحياة تستوعب الجميع كذلك هي أيضا قادرة على استيعاب أفكارنا وتوجهاتنا التي قد نتفق عليها وقد نختلف لا ضير في ذلك المهم أن نقبل بحقيقة التنوع والاختلاف الإنساني.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
بن محمد
[ تاروت - القطيف ]: 24 / 2 / 2013م - 7:52 م
عزيزنا بداية كان كلامك جميل لكن ماان تعرضت للتاريخ والبكاء على الاطلال .. أظن انك لم تكن موفق في ذلك .. فهلا نظرت إلى القرآن ونظرت كم مرة عرضت قصص انبياء الله موسى وعيسى وابراهيم وكذلك اسماء سور قرآنية باسماء انبياء وصالحين كأصحاب الكهف .. الم ترى ان اطول السور القرآنية هي سورة البقرة وهي تحكي قصة قتل حدثت في قوم بني إسرائيل ....
أعد حساباتك من جديد وإذا تريد ان توصل فكرة خلك من اسلوب تطويع الافكار حتى تخدم رأيك ..