آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 1:07 ص

الوقت المستقطع في الحياة

فؤاد الحمود *

خلق الله تعالى الإنسان، وكلّفه بتكاليفٍ وطلب منه أداءها، ومنحه نعمة الوقت التي تعينه على ذلك، فالوقت سلاحٌ ذو حدين، فإذا ما استغله الإنسان وملأه بالأمور النّافعة كان خيراً له، وإن أساء استغلاله وملأه فيما يضرّه كان شراً له.

كما أن للوقت أهميةٌ كبيرةٌ، ومكانةٌ عظيمةٌ، أقسم الله في القرآن الكريم بأجزاءٍ من الوقت كما نبّه رسول الله - ﷺ - على أهمية الوقت.

فالوقت هو عمر الإنسان، ورأس ماله في هذه الحياة، فكل يوم يمضي من عمره يأخذ منه ويقرّبه من أجله، وكثيرٌ من النّاس محرومون من نعمة استغلال الوقت، والعاقل من يستثمر وقته وعندما يدرك أهمية الوقت فإنّه سيحرص على حفظه واستغلاله.

والوقت المستقطع مفهوم متداول في بعض الألعاب الرياضية، وهو وقت يتوقّف فيه اللّعب ولا يُحتسب ضمن الوقت المُحدَّد.

وقد تكون النظرة إليه تختلف من لعبة لأخرى، وهذا شأن آخر لا يهمنا في هذه الوقفة التي سنسلط الضوء فيها على الوقت المستقطع الخاص بالحياة، وقد يتداول الكثيرون مفردة هذا الوقت، وربما يفهمون منها شيئا أو أشياء، وربما تغيب عنهم أشياء أخرى، ولأجل ذلك سعينا إلى تناول هذا المفهوم، للنظر إليه من زوايا متعددة، سعيا وراء التنوير.

إن هذا الوقت بعيدا عن التعريف هو وقت قانوني من حق أي مدرب أن يطلبه تحت أي ظرف يراه مناسبا، وله مدة معينة، والمغزى منه يختلف من مدرب لآخر، وبحسب حاجته، فهناك مدرب يطلبه، لإعادة فريقه للحالة المعهودة عليه قبل أن يستفحل الأمر، ومدرب ثان يطلبه لوقف زحف الفريق المنافس، وفي الوقت نفسه يشحذ همم لاعبيه ويجدد حيويتهم، ويرفع من معنوياتهم، ومدرب ثالث لديه معلومات خاصة يريد إيصالها إلى أحد لاعبيه، أو أكثر من لاعب، وأمور أخرى تتعدد بتعدد حاجات المدربين.

وربما تتغير الأدوار في الجهاز الفني للفريق، فأحيانا نرى المدرب هو من يتكلم، وأخرى المساعد يقوم بدوره في إعطاء التوجيهات، وأحيانا أخرى لطرف آخر.

فمتى يكون الوقت المستقطع ضروريا، ومتى يصبح شكليا؟

يتوقف على وضعية الفريق، فإذا كانت هناك أخطاء صارخة ومؤثرة، فهنا يكون طلب ”الوقت“ ضروريا، أما إذا كان الفريق يؤدي بشكل طبيعي، فالمدرب في هذه الحالة لا يحتاج لطلب الوقت، غير أنه ربما يطلبه لإراحة لاعبيه، وغير ذلك طالما لديه وقتان مستقطعان.

وأهمية هذا الوقت إثناء اللعب، وبتحديد زمني مؤقت لإعطاء المدرب تعليماته الخاصة لبعض لاعبيه جراء بعض الأخطاء من خلال المتابعة لأداء الفريق، كما أن هناك نوع آخر للوقت يسمى الفني، وهو إجباري يعطى للفريقين بعد كل ظروف معينة وهو من جهة الحكام.

إن النظرة لهذا الوقت بدون شك تغيرت اليوم عما كانت عليه بالأمس، نظرا للتغير الذي طرأ على الخطط، والمهارات، وأنه يكون ضروريا متى ما كانت هناك أخطاء.

وبما أن الحياة تجري بوتيرتها اليومية، وعاداتها المعتادة بشكل سريع أمام الإنسان؛ ممّا يجعله غير قادر في بعض الأحيان على القيام بواجباته المعتادة والأساسية بالشكل السليم، نتيجة الضغوطات، والملل، واليأس الذي قد يصيبه في كثير من الأحيان، ومن هنا فإنّه من الضروري بين الحين والآخر البحث عن طرق جديدة لتغيير الروتين اليومي والأنماط، والسلوكيات الحياتية المختلفة.

وللأسف الكثيرون أولئك الذين لم يعتادوا القيام بأنشطة ترفيهية محددة وغير معتادة، ظناً منهم أنّها لا تناسبهم، أو أنّها لا توفر لهم الراحة والسعادة المطلوبتين، غير أنّ القيام بمثل هذه الأنشطة قد يساعد الإنسان بشكل كبير في تجاوز مشكلاته الناتجة عن الملل، والضغوطات المتراكمة، لذا فتطبيق مفهوم الوقت المستقطع في الحياة الأسرية سيكون له الأثر البالغ في استمرار الحياة بشكل أكثر انسيابيا.

الله أقرب ما يكون للإنسان، أقرب اليه من روحه، أقرب إليه من حبل الوريد، وهذا الحضور لله في حياته من أهم النعم التي أنعم بها الله عليه، ومع خطرها وأهميتها إلا أنه يحتاج أن يتمثل بما أخبر به الأئمة فكما ورد عن أمير المؤمنين ”إن للقلوب إقبالا وإدبارا، فإذا أقبلت فاحملوها على النوافل، وإذا أدبرت فاقتصروا بها على الفرائض“ وكأنها إشارة إلى أهمية الوقت المستقطع.

لذا فإنّ هذا المفهوم يجب أن نضعه في عين الاعتبار في حياتنا العامة والخاصة وعلى المستويات المختلفة من العلاقات؛ فمن أشرفها التي هي مع الله، وحتى العلاقات الأسرية والإنسانية وداخل المنشأة الخاصة بالعمل وغيرها لا بد لنا من وقت مستقطع؛ نخرج بعده بتجديد أو استعادة للأفكار لنمارس الحياة بشكل أفضل.