مؤرخ القراءة
كان أقصى حلم لدى ألبرتو مانغويل هو أن يكون أمين مكتبة، بينما كان أقرانه يسعون نحو وظائف أخرى كالهندسة والقانون وغيرهما.. فمنذ طفولته وبعد تعلمه القراءة، كان هاجس هذا الفتي «الأرجنتيني المولد الكندي الجنسية» هو الكتب والقراءة حيث كان يقرأ أي كتاب يقع تحت يديه.. ويقول عن نفسه إنه اعتبر بأن تعلمه للقراءة «في سن الرابعة» كان بمثابة اكتشاف حاسة جديدة تضاف إلى حواسه الخمس.
مر مانغويل «ولد 1948» ذات يوم بمكتبة عامة فوجد أمينها مكفوف البصر فعرض عليه أن يقرأ له الكتب مقابل راتب فوافق الكفيف، ففرح مانغويل لأنها ستكون فرصة له للقراءة بحجة العمل. وقد كان هذا الكفيف هو الكاتب والشاعر الأرجنتيني بورخيس الذي عمل معه لأربع سنوات.
طاف أصقاع العالم «بما في ذلك بعض الدول العربية» لكي يفهم كيف بدأت القراءة في العالم منذ فجر التاريخ وكيف تطورت ووصلت إلى ما هي عليه اليوم. ولم يكن يسمع بكتاب يفيده إلا وشد الرحال إليه وبذلك استطاع أن يؤلف كتابا عن «تاريخ القراءة» مؤسسا نوعا أدبيا جديدا سمي بعلم القراءة. كما ألف «فن القراءة» و«يوميات القراءة» و«المكتبة في الليل». لكن كتاب تاريخ القراءة «المترجم في 384 صفحة» كان أهمها، وقد قرأته باستمتاع كبير رغم الغموض في بعض صفحاته.
وفي مقابلة له مع صحيفة الشرق الأوسط قال: وإنني أتوق كثيراً لاقتناء كتاب ما، كما قد أتوق تماماً لأصبع مفقودة، كما قال في مقابلة أخرى أنه يعتبر القراءة بمثابة المنزل بالنسبة إليه. أطلق عليه أحد الكتاب أنه «دون جوان» المكتبات، وأنه يحب التفكير بالكتب بطريقة جنسية! ويشعر مانغويل بتعاطف مع الأدب والثقافة العربية حيث يعتبر الشاعر الفلسطيني محمود درويش أحد أعظم شعراء القرن العشرين وأنه يستحق جائزة نوبل للآداب.
لديه في مكتبته الخاصة نحو40 ألف كتاب، وقد وصل به الأمر نتيجة كثرة قراءاته وشدة غرامه بالكتب والقراءة أنه عندما يقابل شخصا ما لأول مرة فإنه لا يشعر بأنها المرة الأولى التي يلتقيه بل يقوم بربطه بإحدى الشخصيات التي سبق وأن قرأ عنها في كتاب ما.
ومن مقولاته الشهيرة:
- كل قارئ يوجد كي يضمن لكتاب معين قدرًا متواضعًا من الخلود، القراءة بهذا المفهوم، هي طقس انبعاث.
- عندما تقرأ استقبل المعاني بقلبك.
- قضيت نصف قرن في جمع الكتب وبِكرم لا حدَّ له، قدَّمت لي كُتبي كلَّ أنواع الإشراقات دون أن تسأل شيئاً بالمقابل.
- إنني أتمتع كثيرًا بمنظر الرفوف المكدّسة بالكتب وبرؤية الكتب التي أعرفها جميعها.
- القراءة مثل التنفس، إنها وظيفة حياتية أساسية.