الضياع في فوضى المشاعر
إذا أردنا أن تكون حياتنا مُشْبَعَة بالحُب والصحة والسعادة، فعلينا أن نعمل على تطهيرها من كل ما يمكن أن يلوثها من فوضى المشاعر وفِتَن العقارب“البشرية“، والعودة إلى جُذورنا الأصيلة التي تنبئنا عن حقيقة من نحن وما نريد.
الصعوبات الحياتية والإضطرابات النفسية الناتجة عنها، كثيرا ما تعمل على ضياعنا، وتجعل من الصعب علينا الرجوع إلى سكّتنا التي كنّا عليها، ومتابعة أمورنا. تخلينا عن الأشخاص السامة وما يحملونه من تجارب وأفكار عدوانية وفوضى عاطفية، كفيلة بأن تعيد لنا ما فقدناه من فَرَح، والرجوع إلى جوهرنا الحقيقي، وما يهمنا حقا من حاضر أيامنا والقادم منها.
من الطبيعي لأي فرد على هذه البسيطة، أن يتعثر في الظلام وأن يُضيّع وجهته الصحيحة، وذلك عندما يفقد الرؤية والهدف ويحوم في فوضى المشاعر السلبية والأفكار والتوقعات الوهمية. كلّما توالت المسؤوليات، كلما انتابك شعور بأنك قد تخليت عن بعض منك، إلى أن تأتي تلك اللحظة التي تجد فيها نفسك واقفا على مُفترق طُرُق، ودون أن تعلم أي وجهة لك أنت مُوليها.
لا تتوقع من أي أحد أن يستلم المقود منك، ويحرك مركبتك بما تهواه نفسك. أنت الوحيد الذي تمتلك القدرة على التحكم في مسار حياتك وتوجيه مركبتك الى الدرب الآمن. لا أحد يستكثر عليك خدماتك لأبناء مجتمعك، لكن عندما يصل بك الحال إلى أن تضحي بأقرب الناس إليك، وهي أسرتك، في سبيل خدمة الآخرين أو إرضاءهم، فإنك بهذا تكون قد فقدت اتصالك مع ذاتك، وتنكرت لاحتياجاتك الخاصة والتي لا تقل أهميةً عن حاجات الآخرين.
من البديهي أن تفقد بوصلتك وتشعر بالضيق والتيه والإرتباك، ودون أن تأخذ وقتك الكافي للتعمق أكثر في ما تريده حقا من حياتك، ما دمت مستمرا في الانخراط في أنشطة غير ضرورية، أو هي أبعد ما تكون في أن تخدم مصالحك الشخصية، لتنعم بالاستقرار النفسي والسعادة في دنياك وآخرتك.
مرةً أخرى ارجع إلى ذاتك، الى الهاماتك، إلى الناس التي تحبك لذاتك، لا لخدماتك..! كأي شخص في هذا العالم، يبحث عن السعادة والفرح، افتح عقلك وقلبك للجميع. لا تكن ضيق الأفق، توقف عن التضحية بنفسك وأسرتك وأحبابك، على مذبح إرضاء من تعتقد أنهم يقفون في صفك. صدق أو لا تصدق، الكثير من هؤلاء الناس أغنياء بما لديهم من إنجازات، وعلى صُعُد شتى، إذا ما قارنتهم بما حققته أنت في سنين حياتك..!
حياتك هي انعكاس لمدى معرفتك ووعيك بذاتك. كلما كان استعدادك للتعامل مع مخاوفك وأوجه القصور ونقاط الصراع أكثر، كلما ازددت وعيا وأصبحت أكثر سعادة. كن سيد نفسك، وغض الطرف عن الأشياء التي تدفعك أن تكون صغيرًا أمام عظمة الآخرين.
ابتعد عن فوضى المشاعر، حتى تتفرغ لتنمية نفسك وأسرتك. بسّط حياتك ما استطعت، فلربما هناك من أشياء لا تستطيع اجتيازها بسهولة، أو مشاعر صَعُبَ عليك التغاضى عنها، أو عتابٍ كتمته في صدرك وشعرت إنك لو أفصحت عنه لتَعرضت للإهانة. «لا أحد يستحق أن تتوجع أمامه، ولا أحد سوف يُقاسمك ما تُعانيه، فالألم شخصي، كما أن المَرَض شخصي والموت أيضا» *أنيس منصور