الدق على الناقوس والعودة بحذر
أصبح ملحوظاً خلال الاسبوعين الماضيين، تزايد عدد الإصابات بمرض الكورونا المستجد كوفيد 19 في محافظة القطيف، وأن المؤشر واصل ارتفاعه بدلاً من التراجع او الانخفاض كما يحدث الآن في بقية ارجاء الوطن. هذا التنامي المطرد في عدد المصابين، يشير الى ان هناك خلل حدث خلال الايام الماضية، فبدلا ما كنا شهودا على تراجع الإصابات الى درجة الصفر، نراها الان تتخطى المئتين يوميا.
نحن لا نعلم كم من هذه الإصابات قد ادخلت المستشفى، وايها تخضع للعلاج، والمراقبة الطبية المستمرة؟، ذلك ان هناك مصابين لم تظهر عليهم اي اعراض، وطلب منهم البقاء في منازلهم وعزل أنفسهم عن اسرهم، منعا لانتشار العدوى بين بقية افراد الاسرة، وحتى تتمكن مناعتهم الذاتية من هزيمة الفايروس والشفاء منه دون تدخل طبي.
ولكننا نعلم ان هناك من اصيب ولم يعرف انه مصاب ونقل العدوى لبعض من افراد اسرته دون قصد، ذلك انه لم يخطر في بال اي منهم ان بينهم مصاب بهذا الفيروس. وهذا ربما يكون احد اسباب هذه الزيادة التي نشهدها، ولكن كيف للمصاب ان بعرف باصابته اذا لم يلاحظ على نفسه أية اعراض؟.
من الصعب جعل هذه الحالة المتكررة السبب الوحيد لهذا الانتشار، ذلك انه اصبح معروفا لدى معظم الناس ان المخالطة وعدم الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي، تحسب ضمن العوامل الرئيسية في تفشي المرض، وانتشار العدوى بين اشخاص لا تربطهم صلة نسب، ويعيشون في مساكن مختلفة.
وللأسف الشديد يبدو ان تساهل مفرط حدث في هذا الجانب الوقائي، وخاصة بين النساء اللاتي لم يلتزمن بقواعد التباعد، وتركوا أنفسهم عرضة للاصابة من خلال التلاقي في مناسبات اجتماعية متنوعة. وطبعا حينما تصاب الام بالعدوى، فالخطر يلاحق جميع افراد الاسرة كخط اول، ومن ثم المخالطين من الاقارب والجيران.
لا يخالجني شك ان مثل هذه التصرفات حدثت في معظمها دون تقدير كاف للمخاطر الناجمة عن هذا النوع من المخالطة، وعلى وجود اعتقاد عميق بأن الجميع في رعاية إلهية، وانهم في امان من العدوى كونهم توكلوا على الله وسلموا انفسهم لحافظ حفيظ. وهنا تقع المسؤولية على من كان يعلم عن هذه اللقاءات، وتركها تتم تحت مرأى من نظره دون ان يبدل مجهودا لمنعها. فترك مثل هذه التجمعات تعقد كما لو ان الوضع الصحي في البلاد لا يمر بحالة استثنائية، في تصوري يمكن اعتباره كمساعدة غير مباشرة على نشر العدوى بين الناس. هل يجب محاسبة هؤلاء وتطبيق شروط الجزاء عليهم؟.
قد لا يكون في القانون ما يلزمنا باتخاذ اي اجراء حينما يرد إلى مسامعنا حدوث مثل هذا النوع من التلاقي، ولكني اتصور ان هناك مسؤولية اخلاقية تقع علينا جميعا نحن اعضاء المجتمع كافة في التصدي لهذه الخروقات، وبدل مجهودا أكبر في الحد منها او في تكرارها. وكما يقول المثل ”الساكت عن الحق شيطان اخرس“. ومن حق مجتمعنا علينا ان نسعى لسلامته وحمايته من المخاطر.
ويقع التقاط الفيروس خلال التسوق من بين عوامل الاصابة به، فعدم التقيد بلبس الكمامات والابقاء على مسافة كافية بين المتسوقين «كما هو منصوص عليه في برتوكول التسوق» بحسب كأحد العوامل المساعدة على انتقال العدوى من شخص مصاب لاشخاص غير مصابين. وبهذا الخصوص يلاحظ ان جميع مراكز التسوق لم تجري اي تعديل في اماكن طاولات او كاونترات المحاسبة، وابقيت كما كانت عليه من قبل، بحيث حتى لو التزم بالابقاء على مسافة معقولة بين متسوق وآخر من الواقفين في خط طولي واحد، الا ان تلاصق الكونترات بشكل متوازي لبعضها البعض، أو عدم وجود مساحة كافية بين كاونتر وآخر، يجعل من التباعد الطولي غير كاف لوحده، فالمسافة الآمنة بين كاونتر وآخر غير متحققة عرضيا، ولا توجد مسافة كافية تبعد المتسوقين عن بعضهم البعض.
ومن جهة اخرى رغم وجود المعقمات عند مداخل المراكز، الا انها غير متوفرة عند المحاسبين «الكاشيريين». فالجميع يضع اصابعه على جهاز واحد حين تسديد فاتورته، فكيف اذن حققنا الحماية والوقاية المطلوبة؟ الا يفترض ان يتم تعقيم جهاز الدفع كل مرة يستخدمها متسوق؟ وهذه الحالة مشابهة لمكائن الصراف الالي «اي تي. ام»، فلا يوجد ادوات تعقيم لمفاتيح هذه المكائن في البنوك، متاحة لمستخدمي هذه الاجهزة كي يعقموها قبل استخدامها.
هذه ملاحظات على إجراءات الوقاية المتبعة الآن، والتي تنص على ان نعود لحالتنا الطبيعية ولكن بحذر.
فكم من المفيد ان تكون هناك مبادرات من كافة اعضاء المجتمع لتجعل عودتنا بحذر تحتوي على افكار جديدة تعمق من الالتزام بشروط وقواعد الوقاية والسلامة وتدعم وتساند الارشادات الرسمية، وترشدنا للوصول الى بيئة آمنة لنا أجمعين.
ختاما ً، اننا وامام تنامي عدد الاصابات في القطيف غدونا في حاجة لمعلومات أكثر تفصيلا عن الاسباب الرئيسية الكامنة خلف ذلك، فتثقيف الناس وزيادة توعيتهم بأمثلة حية من هذه الاصابات، وكشف الاغلاط والخروقات التي تسببت في هذه الزيادة الكبيرة، سيكون لها ايجابياتها في رفع صوت ناقوس الخطر لمن لا يزال نائما ولم يصحو بعد.