الطبيبة الفلفل: لم أواجه صعوبة في دراستي.. وهذه رسالتي لطلاب الطب والتمريض
طبيبةٌ مغتربة تدرس تخصص العناية الحرجة في جامعة مكماستر بكندا من مواليد محافظة القطيف؛ تصف نفسها لمثاليتها وتفوقها بالمملة جداً.. وأن الطالب ”مصطفى المصري“ يمثلها، وتقول عن والدتها المتوفاة بأنها ”آلهة“.
وتضيف أن العاصمة الرياض احتضنتها وكانت هي التجربة الأعظم في حياتها من خلال عملها في مستشفى الأمير محمد بن عبدالعزيز المركز الأول لعلاج الكورونا بالمملكة.
وتشكر الاعلام لنقله صورة الحدث من قلب الحدث ونشره التوصيات الموثوقة من مصادرها، وتقول ”شكراً بحجم السماء لإلقاء شمعة ضوء على حياة بعض الكوادر الطبية وشكراً لكِ فضيلة الدهان الفراشة لا تكف عن التقاط رحيق أخبار الوطن أينما وجدت“.
الطبيبة المختصة بطب الطوارئ وديعة الفلفل تروي لجهينة الإخبارية شيئاً عن حياتها.. تحاورها فضيلة الدهان..
كلاهما كانا أهم مخلوقين في حياتي - رحمهما الله -.
أمي كانت آلهة! سامحني يا إلهي سأستعير هذه الكلمة!
آلهة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني! فقد خلقت بداخلي الرغبة بأن أتفوق في دراستي رغم أنها لم تكن تقرأ أو تكتب حرفاً!
وهي من خلقت بداخلي الرغبة بأن أكون طبيبة رغم أن ميولي كانت أدبية!
آلهة لأنها برغم صحتها العليلة كانت تدير عائلة كبيرة ولا يفوتها صغيرة أو كبيرة! في حياتي وحياة إخواني وأخواتي وأبناءهم!
أبي عصامي وبسيط جداً وكان لا يملك شيئاً سوى عشقه لعمله وحتى بعد تقاعده لم يكن يعرف أن يقعد!
نشاطه وبساطته وابتسامته الساخرة من الحياة هو أجمل ما ورثني إياه!
لم أواجه صعوبة في سنوات الطب السبع وتخرجت بتقدير ممتاز وكنت الثالثة على دفعتي!
الصعوبة هي عندما انتقلت من ورقة الامتحان إلى مواجهة مرضى حقيقيين يتألمون ويعانون وعلي تشخيص ذلك وتخفيف معاناتهم وعلاجهم في آن.
كنتُ طبيبة امتياز في مستشفى القطيف المركزي وكنتُ أشاهد مرضى الطوارئ كيف يعانون للحصول على مسكن أو معاينة طبيب لهم أو الحصول على أشعة دون أن ينتظروا لمدة ساعات.
حينها آليت على نفسي بأن أكون طبيبة طوارئ لعلي أعمل على تحسين الوضع حيث كان ولا يزال أقسام الطوارئ تعاني نقصاً شديداً من أطباء الطوارئ.
اخترتُ طب الطوارئ وأنهيت دراسة تخصصي في المنطقة الشرقية.
كانت تجربة عظيمة وثرية جداً غيرت طريقة نظرتي للحياة وجعلتني أتفهم المجتمع الذي أعيش فيه.
فالطوارئ هو عبارة عن سناب شوت عن المجتمع ترى فيه كل فئات المجتمع! وعليك أن تعرف أن تتعامل بحنكة مع كل فئة!أنت تتربى كل يوم على يد مريض جديد! لا يوجد يوم لا تتعلم فيه درساً جديداً.
طب الطوارئ كان ولا يزال عشقي الأول والأخير ولكنه لم يكن كافياً! فلدي فضول بحجم الكون لمعرفة بقية حدوتة المرضى! فدور طبيب الطوارئ ينتهي عندما ننعش المريض وتستقر حالته ونجد تشخيصاً مبدئياً، بعدها نحوله لقسم آخر كالعناية الحرجة أو الجناح الطبي.
لكننا لا نعرف ما يجري بعد ذلك!
لا نعرف كيف تبدو بقية رحلة المريض التي قد تأخذ أي شكل من التعافي أو العلاج التلطيفي والوفاة.
الرياض احتضنتني! وكانت التجربة الأعظم في حياتي.
فالدعم اللامحدود الذي حظيتُ به من رؤسائي وزملائي في مستشفى الأمير محمد بن عبدالعزيز المركز الأول لعلاج الكورونا بالسعودية وبالرياض تحديداً وأحد مراكز الإيكمو «الرئة والقلب الصناعي» كان له السبب بعد الله في دراستي الحالية لتخصص العناية الحرجة من جامعة مكماستر في كندا.
كلي شوق للعودة وخدمة وطني سواء في الرياض أو بشكل جزئي «بارت تايم» بالشرقية.
نثق بكم كثيراً جداً ونعول عليكم.
بإذن الله ستنهون دراستكم رغم كل الصعوبات في التدريب حالياً بسبب الجائحة ولكن لاتقلقوا ولا تشعروا بأنكم لن تكونوا أكفاء. فالطب مدرسة لا نهاية لها، في كل يوم ستتعلمون شيئاً جديداً وتذكروا لا يوجد كبير في الطب!
كلنا كنا ولا نزال تلامذة!
نصيحتي بعد تطبيق توصيات بلدنا الحبيب الذي بذل الغالي والرخيص من أجلكم، نصيحتي أحبوا أنفسكم وكونوا رفقاء بها!
حاولوا أن تستمتعوا بهذه الأزمة رغم كل المعاناة!
دعني أذكركم بأنكم كما أخبرنا دوماً قائدنا الحبيب ولي العهد محمد بن سلمان حفظه الله؛ أنتم جبال طويق! بكل ما تحمله هذه الكلمة من معانٍ!
فقد تحملتم أموراً لم تتخيلوا أنفسكم يوماً تفعلونها!
أنتم حقاً عظماء ويجب أن تكونوا فخورين بأنفسكم لأنكم أثبتم مدى صلابتكم.
يجب أن تحتفلوا كل يوم بأنكم لا تزالوا أحياء تتنفسون. فالإنسان شئنا أم أبينا ضعيف وقد يُبتلى في أي حين، سواء بالكورونا أو بغيره، وقد نفقد هذه النعمة التي لا ندركها التنفس!
تنفسوا بعمق ومارسوا الاسترخاء يومياً، افعلوا شيئاً تحبوه كل يوم، استمعوا لأي شيء تحبوه سواء كان تلاوة معطرة لكتاب الله أو أدعية أو موسيقى أو أغاني!
كونوا واقعيين فهذه المعركة ستأخذ الكثير من أعماركم، فالأفضل أن نستمتع بهذه المرحلة رغم قسوتها!
هذه المعركة مثل سباق ماراثون يجب لكي تقطعوه أن تحافظوا على هدوءكم ورتابة أعصابكم وتنفسكم وطاقتكم.
لا تقسوا على أنفسكم وحاولوا أن تتطمئنوا على أحبابكم بأنهم أيضاً بخير.
فالخوف قد يقتل أناساً أكثر من وباء الكورونا!
وأخص بالذكر زوجي الحبيب وابني وابنتي الصغيرين الذين لا يتوقفون عن افتقادي ورغم ذلك فهم لا يتبرمون.
شكراً لعمال النظافة الأكفاء الذين لا يقلون أهمية في جعل بيئتنا أكثر أماناً.
شكراً بحجم الكون لكل من تفانى وأدى عمله دون انتظار لشكر أو ظهور إعلامي.
وشكر لإعلامنا الدؤوب على نقلنا لقلب الحدث ونشر التوصيات الموثوقة من مصادرها، شكراً بحجم السماء لإلقاء شمعة ضوء على حياة بعض الكوادر الطبية وشكراً لكِ فضيلة الدهان الفراشة لا تكف عن التقاط رحيق أخبار الوطن أينما وجدت.