ومضات إدارية
كيف يعالج المدير الناجح الخلاف والاختلاف؟
خلق الله البشر مختلفين فسيولوجيا وفكريا وعاطفيا. هذا الاختلاف يؤسس لوجهات نظر مختلفة في ادارة الأعمال والمجتمعات.
الاختلاف الفكري محمود العواقب لأنه يدفع كل طرف لدراسة ارائه وتأييدها بالبرهان وتمحيص آراء الأطراف الأخرى والاستفادة منها. وهكذا تتطور البشرية نحو الأفضل.
المدير الناجح قلب كبير يحب الجميع ويسمع كل الآراء ليجمع نقاط القوة في رأي موحد يمثل روح الفريق.
أما الخلاف فهو صراع سببه الأنانية والتناحر على المصلحة والجاه، فهو سيف بتار يمزق جسد الشركة والمجتمع.
يحتال من يمارس الخلاف ليخفي دوافعه المريضة فيدعي أن هذا الخلاف مبني على إختلاف فكري وليس لمصالح شخصية. ولذا تراه يهرب من الحلول ويصطنع الخلافات. قد تنطلي هذه الحيلة على البعض ويحسبها اختلافا نزيها، لأنه لايرى الدوافع الحقيقية كالحسد والأنانية. وهكذا ينقسم الفريق ويتصارع ويتهاوى السقف على الجميع.
المدير الناجح يعرف نفسية الأفراد ويراقب تصرفاتهم، فيضع حدا صارما للخلاف، ويمارس دور الطبيب الحاذق لجمع القلوب وتوحيد الصفوف.
ما أجمل النفوس التي تعيش الاختلاف بروح الفريق، فتضحي بمصالحها لوجه الله وحبا للآخرين.
ما أقبح النفوس التي تصطنع الخلافات وتستثمرها لتحقيق مصالحها الشخصية على حساب الآخرين.
لماذا يتميز بعض الأفراد بالتضحية والاجتهاد، بينما يغرق البعض في بحر الأنانية والخلافات؟ وكيف يتعامل المدير الناجح مع هذا النوع او ذاك؟
هناك ثلاث نظريات:
النظرية الأولى:
الانسان يغلب عليه الخير، لذا فهو أهل للثقة ولايحتاج للمراقبة،
النظرية الثانية:
الانسان يغلب عليه الشر فهو ليس أهلا للثقة بل يحتاج الى مراقبة دائمة،
النظرية الثالثة:
الإنسان يحمل بذور الخير وهي الفطرة السليمة ونوازع الشر وهي النفس الأمارة وقد يعيش الفرد الخير او الشر تبعا لواقع حياته. لذا نجد قسما من الناس هم أهل الإبداع والاجتهاد وقسم آخر هم أهل الأهواء والخلافات، أما أغلب البشر فانهم بين هذا وذاك.
يبدو أن النظرية الثالثة هي الأصوب، والسؤال المهم هو:
كيف يمكن إدارة كل هؤلاء الأفراد المختلفين؟
الجواب:
المدير الناجح يمارس أدوارا مختلفة حسب إمكانيات الأفراد ودوافعهم. فمثلا، يتعامل المدير نفسه باختلاف جذري في حالتين:
الحالة الأولى: شخصيته تتسم بالحب والرضا والدعم اللامحدود للمبدعين وتيسير السبل لهم،
الحالة الثانية: شخصيته تتسم بالفطنة والصرامة في مراقبة أهل الأهواء والخلافات وحفظ الشركة والمجتمع من أجنداتهم الشخصية.
وكما يقال: ليس هناك مقاس واحد من ثياب الإدارة يناسب جميع الموظفين.