ألم تسببه خاطرة فتح الله!!
قرأت الخاطرة التي كتبها الدكتور احمد فتح الله في صحيفة جهينة الاخبارية ”خاطرة لغوية: معاجمنا ومعاجمهم“، وأثارت هذه الخاطرة الكثير من الألم والشجن لما عليه واقع العالم العربي والاسلامي من جمود في كافة المجالات العلمية والمعرفية والثقافية... وإذا لم نتحرر من هذا الجمود الجاثم على أمتنا فالمصير المحتوم هو التقهقر والانحطاط، وأظن أننا لا نرغب بذلك بكل تأكيد!.
الخاطرة تتحدث عن خبر تم تداوله في المواقع الاخبارية العالمية ”امرأة من ولاية ميزوري عمرها“ 20 سنة ”اسمها كينيدي ميتشوم أرسلت رسالة بالبريد الإلكتروني إلى معجم ميريام وبستر الانجليزي بخصوص تعريف كلمة“ عنصرية ”وجاء الرد من محرري المعجم بأنهم يعملون على تغيير الصياغة وإضافة السياق“. الملفت هنا طريقة تعامل المحررين في المعجم، والأسلوب الراقي في الرد على الاستفسارات والاشكالات التي يطرحها عامة الناس، وفي مدى استجابتهم السريعة على رسالة السيدة كينيدي. يقول فتح الله: ”تعامل محرري ويبستر مع مواطنة عادية يؤكد مفهوم“ صناعة المعجم ”في علم اللغة. وهذا هو الفرق الكبير بين المعاجم الغربية والمعاجم العربية“.
كثيرة هي القضايا والاشكالات التي يتم تداولها في الفضاء العام من قبل الناس بمختلف مشاربهم الثقافية والمعرفية والعلمية في مجتمعنا، ومن المؤسف أن جل هذه القضايا تذهب أدراج الرياح لأنه لم يتم التعامل والتفاعل معها بالطريقة المثلى تارة في تجاهلها وتارة في التعالي عليها بحجة أن هذا غير مختص وهذا غير مؤهل وغيرها من التبريرات التي لا معنى لها، التفكير بهذه الكيفية يؤدي مع مرور الوقت إلى تراجع وضمور المجالات كافة سواء في مجال اللغة أو المعرفة أو العلم وغيرها من الحقول التي لا يسع المقام لذكرها، وهذا يعود إلى أسباب كثيرة أهمها غياب التفاعل المجتمعي مما يجعلها حبيسة الغرف المغلقة وعدد محدود من الأشخاص، وهذا بطبيعة الحال يحرمها من التطور والاستفادة من تجارب الناس خارج أسوار أهل التخصص.
أتصور أن ما ينقصنا في العالم العربي والاسلامي هو ”التواضع“ هذا هو الدرس الأول في سلم التقدم والتطور، والتبجح في طلب العلم والمعرفة يعني السقوط والتخلف. الدرس الثاني أن تاريخنا السالف العظيم الذي نفتخر به لم ننجزه نحن أبناء هذا العصر بل أنجزه أبناء ذلك التاريخ الذين لهم الفخر كل الفخر بما أنجزوه من علم ومعرفة وتقدم، ما يجب علينا الآن بعيدا عن التغني بانتصارات التاريخ علينا صناعة واقع يليق بنا وبمستقبلنا حتى يحق لنا الفخر في أننا ساهمنا ولو بالقليل في بناء وإعمار هذا العالم.