العلم والمعرفة والابتكار والبحث العلمي
جامعة ”جونز هوبكنز“ تأسست عام 1876م، وكانت بداية الانطلاقة لأمريكا العظمى الجديدة، حيث بدأ مفهوم مختلف من الجامعات، يهتم بالعلم والمعرفة والابتكار والبحث العلمي، وفي عام 2018م تبرع رجل الأعمال ”مايكل بلومبيرج“ بمبلغ ملياري دولار لنفس الجامعة، وخصص تبرعه للطلاب الموهوبين الغير قادرين على سداد قيمة الدراسة.
الدكتور ”إريك كاندل“ الحائز على جائزة نوبل في الطب أستاذ جامعة ”كولمبيا“ يقول أن جوهر الجامعات العظيمة هو تقديم العلماء وليس الخريجين، ويضيف أنه لا يمكن الفصل بين التعليم والبحث، يجب أن تستمر الجامعات الأمريكية في اكتشاف أنواع جديدة من المعرفة، وأنماط جديدة من التفكير، وإذا أرادت واشنطن أن تحافظ على القيادة في الاقتصاد في القرن الواحد والعشرين، فعليها إدراك هذه المهمة الأكاديمية بوضوح، كلام ”كاندل“ كان دقيقا، حيث يتضح أن 80% من الصناعات الأمريكية الجديدة تعتمد على اكتشافات الجامعات، ولولا الجامعات البحثية ومختبرات العلوم ما كانت المصانع ولا الشركات الأمريكية، وبل وما كانت أمريكا.
أمريكا نظرت بإعجاب إلى التجربة العلمية للجامعات الألمانية وقلدتها وتجاوزتها، وقادت العالم، والصين وهي القادمة لقيادة العالم، تسير في نفس الاتجاه، لعلمها أن من يمتلك البحوث العلمية يمتلك الاقتصاد ويقود العالم، لذا فبرنامج ”الألف موهبة“ الذي تسير عليه الصين الآن، هو محاولة للمسك بزمام العملية العلمية والاقتصادية العالمية، ومن ثم الإمساك بقيادة العالم. هذا ملخص لمقال جميل كتبه الاستاذ احمد المسلماني ونشره ”مركز ضياء للأبحاث والمؤتمرات“.
هذا النهج الذي تسير عليه الجامعات الامريكية، نحتاج أن نعبر عنه بصرخة قوية في آذان المسؤولين عن العملية التعليمة بالمملكة وعن الجامعات بشكل محدد، فإذا أردنا ان يكون لنا موقع في الخارطة العلمية والقيادية العالمية فعلينا بهذا النهج في جامعاتنا، وعلى جامعاتنا بل مؤسساتنا التعليمية أن تسير بهذا الاتجاه.
من جانب آخر ماذا علينا أن نقوم به نحن، ماذا عنا نحن كمجتمع؟ كمؤسسات أهلية رسمية وغير رسمية؟ كأفراد؟ ألا نستطيع أن نساهم في تحريك عجلة الحركة العلمية والمعرفة والابتكار؟
جائزة الإنجاز وهي من أبرز المؤسسات ليس على مستوى القطيف بل وعلى مستوى الوطن، في دورتها الأخيرة، قدمت 20 جائزة، تسعة من تلك الجوائز تقريبا مخصصة لمجالات البحوث العلمية والتقنية والاختراع والابتكار، في الوقت الذي نشكر كافة القائمين على هذه الجائزة، وعلى رأسها أمينها المهندس عبد الشهيد السني، نقول لماذا لا يتم تغليب نسبة الجوائز العلمية والابتكار والاختراع على بقية الجوانب، فما أحوجنا لتدعيم الابتكار والاختراع وتشجيعه.
إدارة نادي الخليج بسيهات وعلى رأسها رئيس مجلس ادارة النادي الأستاذ فوزي الباشا، أخذت على عاتقها تشجيع افتتاح فصول نموذجية للطلبة الموهوبين في سيهات، كما تبنت منذ ثلاث سنوات رعاية حفل لتكريم وتقدير الموهوبين والمخترعين على مستوى المحافظة، وتلك لعمري مبادرة جميلة يُشكرون عليها، وتصب في نفس الإطار، وهو دعم وتشجيع الابتكار والابداع والموهبة العلمية على مستوى المحافظة من قبل مؤسسة أهلية أخرى.
من جانب آخر هناك لجان متخصصة في الإبداع والابتكار، ربما لم يسمع عنها إلا قلة من الناس، يحدثني الطالب الجامعي احمد الشايب وعضو في فريق ”ZerOneX“ هذا الفريق الشاب الطموح الذي يشترك فيه أيضا سلام آل سيف وبثينة شروفنا، يقول أنه يهدف إلى توعية المجتمع بأهمية التصنيع الذاتي والمشاريع المفتوحة المصدر، وذلك بعمل مشاريع في مجالات مختلفة ”التصميم والطباعة ثلاثية الأبعاد، الإلكترونيات، الربوت، البرمجة“ ضمن مجموعة تجاوز عددها 70 شابا وشابة من مختلف المناطق، ومن أهم برامجهم هو روبوت ”ZerOne“، وهو روبوت تفاعلي بحجم الإنسان..
وهناك لجان أخرى مماثلة، مثل نادي ”الروبوت بالقطيف“، و”فاب لاب مستقبلي“ وغيرهم، هذه المجاميع وهؤلاء الشباب ألا يستحقون الدعم والتشجيع؟ أين كتابنا عن إبرازهم؟ أين الإعلام عنهم؟ أين لجان المجتمع المختلفة عنهم؟ إنهم فعلا يستحقون الاهتمام والتوجيه والدعم منا، كأفراد وكمجموعات، وهي دعوة عامة للجميع للمساهمة كل بامكانياته، فدعمهم هو دعم للوطن ولقوة الوطن، وهي خطوة نحو الدخول في مجال العلم والمعرفة والابتكار، بما يدعم اقتصادنا ويقوي بلدنا، وبالله التوفيق.