احتفلوا بالعيد
كيف نحتفل بالعيد ونحن نعيش هذه الأجواء، وفي كل يوم حالات جديدة من المصابين بفيروس كورنا، لقد انتهى الشهر الكريم ولم نشعر به... الأجواء كانت كئيبة... حتى البسمة كانت باهته.
عيد بلا صلاة العيد في المساجد... عيد بلا تجمع وزيارات عائلية... عيد بلا رحلات أو ملاهي الأطفال... عيد مغلق في مساحة لا تتجاوز 500 متر مربع... إنما هو عيد صامت.
وكما قالوا: عيدٌ... بأي حال عدت يا عيدُ...
هكذا يتحدث البعض!!! وهكذا هي النظرة المحدودة..
هل تساءلت مع نفسك كيف حال تلك الشعوب التي تعاني من أزمات الحروب، والتشريد والبؤس؟
كيف عيدهم وهم يرون الخراب والدمار يلف مدنهم، وكيف حالهم في العيد وفي كل بيت ذكريات مؤلمة؟!
كيف عيدهم وهم يئنون من المرض، وقلة المستشفيات والدواء؟!
أخي العزيز عليك أن تحمد الله أنك في وطن يلفه الأمن والأمان، وهو يتعامل مع هذه الأزمة بكل حرفية، وهو في طريقه للسيطرة عليها في القريب العاجل.
إن بقاءنا لبضعة أيام في منازلنا إنما هو قرار حكيم يصب في مصلحة المواطن للحفاظ على صحته... فقط هي أيام معدودة عليك أن تلتزم بها وسترى النتيجة الإيجابية... فلا تنظر لهذه الإجراءات بمنظار سلبي... كن إيجابيًا فأنت تعيش في وضع أكثر أمنًا واستقرارًا... ولا تدع هذه الأزمة تسرق منك فرحة العيد.
لذلك عليك أن تفرح بالعيد متكيفًا ومتعايشًا مع هذه الأزمة...
عن الإمام الباقر عن أبيه أنّه قال: «إذا كان أوّل يوم من شوّال نادى مناد أيّها المؤمنون أغدوا إلى جوائزكم. ثمّ قال: يا جابر جوائز الله ليست كجوائز هؤلاء الملوك. ثم قال: هو يوم الجوائز» [1] .
فلماذا تحرم نفسك هذه الجوائز عليك أن تستعد لها وتفرح بها، فأنت تستحقها من خلال أعمالك الصالحة في شهر رمضان، وانتصارك على شهواتك وغرائزك.
العيد هو فرحة عليك أن تعيشه بكل تفاصيله.
قال الإمام علي : التجمل من أخلاق المؤمنين
وقال أنه قال: «ليتزين أحدكم لأخيه المسلم إذا أتاه كما يتزين للغريب الذي يحب أن يراه في أحسن الهيئة» [3]
نعم، إلبس الثياب الجديدة وتعطر بأزكى العطور... لأنك تستحق هذا الحفل لأنك قمت بتجديد ما بداخلك، فأنت متخرج من أرقى جامعة ومن شأن المتخرجين أن تقام لهم حفلات التخرج ويلبسون أجمل الملابس.
«اكشخ» مع عيالك... تنعموا بالملابس الجديدة، وكما قال الإمام الصادق : إني لأكره للرجل أن يكون عليه نعمة من الله فلا يظهرها [4] .
عنه ﷺ: إن في الجنة دارا يقال لها دار الفرح، لا يدخلها إلا من فرح الصبيان [5] . الصبيان: الأطفال بشكل عام
لذلك عليك أن تكون عنصر الفرح والسرور على من حولك وفي هذه المناسبة وفي هذه الظروف نحتاج إلى إشاعة الفرحة والسرور لأفراد أسرتنا.
كما أن للهدية «العيدية» أثرها في هذا الجانب وهي تعبير عن المشاعر الفياضة المليئة بالحب والمودة لمن حولك، يقول رسول الله ﷺ: تهادوا تحابوا[6] .
اغتنم هذه الفرصة في تركيز مشاعر الحب بين أفراد أسرتك، كما قال رسول الله ﷺ: ”من قبل ولده كتب الله عز وجل له حسنة، ومن فرحه فرحه الله يوم القيامة“ [7] .
إن النمطية والروتين في الحياة تسبب الملل لذلك لابد من تبادل الطرائف كما يقول الإمام علي : إن هذه القلوب تمل كما تمل الأبدان، فابتغوا لها طرائف الحكم[8] .
إننا مطالبون بإشاعة روح الدعابة والمرح والطرفة بيننا لما لها من أثر فعال في طرد الملل والهموم.
وتذكروا أن المكان الذي يسوده الحب والابتسامة ينشرح له الخاطر.
لنقضي في هذه الأيام بعض الوقت في حالة «اختلاء مع الذات» نستعرض فيها مع أنفسنا الذكريات الجميلة وساعات الفرح... نستعرض لحظات النجاح.
لنسترخي مع أنفسنا ونبتعد عن الضوضاء وصخب «الشارع».
وهكذا نحتفل بالعيد ونستثمر هذه الأيام في استمرارية الفرح والبهجة والسرور.
كل عام وأنتم بخير وصحة وسلامة