كيف نكتسب لياقة القراءة
كما في الرياضة البدنية حيث نحتاج إلى تدريب متواصل حتى نصل إلى اللياقة البدنية بعد مدة نعاني فيها من آلام في المفاصل والعضلات، كذلك القراءة حيث قد يعاني المبتدئ فيها من حالة من الرفض الداخلي لمواصلة القراءة وعدم القدرة على الاستمرار، ولا تزول هذه الأعراض إلا بعد مدة من مواصلة القراءة والإصرار عليها.
ونقدم هنا بعض النقاط التي قد تفيد من اتخذ قرار القراءة لكنه يعاني منها.
يجب أن تكون حذرا في اختيار الكتاب المناسب بحيث يكون موضوعه جذابا جدا بالنسبة إليك، مع صغر حجم الكتاب وعدد صفحاته وسهولة أسلوبه. لا تتمسك كثيرا بنصائح الآخرين حول ما تقرؤه، فإذا لم يعجبك كتاب تحول منه إلى آخر، وحتى لو كان موضوع الكتاب بديهيا لك فلا ضير في ذلك طالما أنك مستمر في القراءة ذلك أنها فعل تراكمي، حيث إن مزيدا من القراءة يدفع إلى مزيد منها. وكما قال الفيلسوف الإنجليزي فرانسيس بيكون بعض الكتب للتذوق، وبعضها للبلع، وبعضها للمضغ والهضم.
قم بتنويع الموضوعات قيد القراءة، ولا بأس من أن تقرأ في أكثر من موضوع في آن كما أنه لا بأس من تخطي بعض صفحات الكتاب عندما لا تعجبك. ولا تشعرن أبدا بتأنيب الضمير إذا ما تركت كتابا في بدايته وابتدأت في آخر.. فقط ضع علامة على آخر صفحة وصلت إليها، أو حتى اقلب الكتاب على وجهه فما دام الكتاب كتابك فهو صديقك وحبيبك «بين الأحباب تسقط الآداب».
كذلك ينبغي أن تختار المكان المناسب لك للقراءة، ولا تأنف من أي مكان تحبه. فهناك من المشهورين من كان يقرأ في الحمام وفي غرف النوم، ومنهم من كان لا يقرأ إلا واقفا، وآخر كان يقرأ عاريا وغيره كان يقرأ أثناء المشي وسادس لا يقرأ إلا على صوت الحركة الرتيبة والمملة للقطار. فالقراءة تجربة فردية تختلف من شخص لآخر فما يصلح لغيرك قد لا يصلح لك، وهكذا فلكل طقوسه، فتصالح مع نفسك واختر ما يناسبك منها، وإن بدا أسلوبك غريبا فلا تحدث به أحدا.
حاول كذلك «خاصة في البدايات» أن تقرأ الكتاب الذي يعجبك مرة ثانية وحتى ثالثة ورابعة، ولا تعتبر ذلك مضيعة للوقت، فحتى كبار القراء والمشاهير منهم كانوا يعيدون قراءة بعض الكتب حتى يتلذذوا منها وربما قرؤوا ما بين سطورها. ولا تستمع إلى من يتحدث عن القراءة السريعة.. خذ وقتك وتمتع بكل جملة وكل كلمة تمر بها وأعد قراءتها حتى تستقر في لا وعيك فأي قراءة بسرعة تفوق قدرتك العادية ستكون في الغالب على حساب فهمك للنص.
وإذا شعرت في أي وقت بالملل فحاول المقاومة قليلا وإن لم تنجح فتوقف وعاود المحاولة ثانية في اليوم التالي أو في الفرصة التالية التي تسنح لك، فالقراءة قد تشبه في البدايات أحيانا مقاومة الجاذبية الأرضية، لذا فقد تحتاج إلى مزيد من الصبر حتى تحصل على ما تبتغيه وهو لياقة القراءة، والتي يموت ببطء من يتركها كما قال الشاعر التشيلي الحائز على جائزة نوبل «بابلو نيرودا».