آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 12:07 ص

حين تكلم الشعر.. ليلة القدر

قيس آل مهنا *

بِسْمِ اَللَّه اَلرَّحِمٰن اَلرَّحِيم

﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ «1» وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ «2» لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ «3» تَنَزَّلَ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوح فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهمْ مِنْ كُلّ أَمْرٍ «4» سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ «5»

ليلة عظيمة شريفة مباركة، شرفت منزلتها بما اختصه الله فيها، وشرف مكانها بموضعها من شهر رمضان وما فضله الله به على بقية الشهور.

ولم يغفل الشعراء في تعاقب العصور عن ذكرها والإشادة بفضلها وأنها الليلة التي لا تضاهيها ليلة من ليالي السنة.

وعن موقعها في شهر رمضان ومكانتها منه وأنها الليلة التي اختص بها وما تحويه من خيرات وبركات، يقول ابن النظر:

أهلاً بشهر الصوم من شهر   
 بالناطق المحمود في الذكر

أهلاً به وصيامه وقيامه  
 خير الشهور وسيد الدهر

نزل القرآن على النبي محمد
فيه وفيه ليلة القدر

وتفتح الفردوس فيه لأهله 
وتضمخ الخيرات بالعطر

وفي تفردها وأن لا ليلة تشبهها او تضاهيها في الليالي يقول الشاعر ابراهيم ابن الأسود:

وإن كان هذا الفجر قد قل مثله
فليس الليالي كلها ليلة القدر

وعن عظيم منزلتها وارتباطها بالقرآن نرى الشاعر ابن السماط يقول:

واستثن منها ليلة القدر التي
بثنائها نزل الكتاب المنزل

نزل القرآن الكريم في ليلة شريفة على نبي هو سيد الأنبياء وخاتم الرسل فازدادت شرفا وعظمة ومكانة ورفعة وقداسة لدى عموم المسلمين وفي ذلك يقول ابن معصوم:

مَقامُ اَلنَّبِيّ المُصطَفى خير من وَفى
مُحَمَّد المحمود في مُنزَلِ اَلذِّكْر

وأَسرى به في لَيلةٍ لسَمائِهِ
فَعادَ وَجَيبُ اَللَّيْل ما شُقَّ عن فَجرِ

وأَوحى إليه الذكرَ بِالْحَقِّ ناطِقاً
بما قد جَرى في عِلمهِ وبما يَجري

فأَنزلَه في لَيلةِ القَدر جُملَةً
بِعِلمٍ وما أَدراك ما لَيلَةُ القَدر

وعن صفة أهلها والمتهجدين بها والحريصين على بلوغ المرام فيها والحث على العمل بها ولزوم الطاعة وعدم التواني والتكاسل فإنها ليلة لا تعوض منزلة وقدرا ففيها الآمال بالهبات والعطايا من رب كريم وهاب يقول ابن الصباغ:

يا ليلة القدر الشهير مكانها 
أضعنا وحق اللَه قدرك من قَدرِ

فوا أسفا كم ذا التكاسل والوَنى 
تغافلت يا مغرور عن ليلة القدر

وقومٌ على باب الكريم وقوفهم 
يناجون مولاهم قياما إلى الفجر

تضىء بإشراق الخلوص وجوههم
فنورهم في ظلمة الليل كالبدر

فيا حُسنَهُم والليل أسدل جنحَهُ
وأدمعهم تهمى كمنسكب القطر

أطالوا على باب الكريم وقوفهم
ومن لازم الأبواب يظفر بالبر

ليلة عظيمة شريفة تتعلق بها الآمال ففيها يفرق كل أمر حكيم وتوزع الهبات والعطايا وتؤمل النفوس ما تؤمل من خير وبشر يخرج في تلك المباركة وإلى ذلك يشير ابن المقري بقوله:

وهذى ليلة القدر افتتحنا
مواهبها بآيات الختام

مباركة يفك الله فيها
رقاب المكثرين من الآثام

فكم من دعوة رفعت لداع
فنال بها البعيد من المرام

وكم خرجت تواقيع ببشرى
على أيدي الملائكة الكرام

وأبواب السماء مفتحات
لمن يدعو الإله من الأنام

وقد يضيف بعض الشعراء شيئا من الدعابة اللطيفة في ذكر ليلة القدر ووصف طول المقام فيها من القيام بأعمالها المخصصة والتي قد لا يحتملها البعض لعدم ترويض النفس على ذلك، وفي ذلك يقول أبو دلامة مداعبا:

خافي إلهَكِ في نَفسٍ قَدِ احتَضَرَت
قامَت قِيَامَتُها بَينَ المُصَلِّينا

ما لَيلَةُ القَدرِ مِن هَمِّي فَأطلُبُها  
إنِّي أخَافُ المَنَايا قَبلَ عِشرينا

يا لَيلَةَ القَدرِ قَد كَسَّرتِ أرجُلَنَا  
يا لَيلَةَ القَدرِ حَقَّاً ما تُمَنِّينَا

لا بارَك اللهُ في خيرٍ أُؤَمِّلُهُ  
في لَيلَةٍ بَعدَ ما قُمنَا ثلاثينا

وختاما نسأل الله ان يبلغنا إياها على أحسن حال وأكمل وجه وأن يتقبلنا بقبوله الحسن إنه رحيم ودود.